"الراشد" يؤطر لـ"شهية إسرائيل وخسائرها": هذه الدول لم تستفد من "حرب أكتوبر"!

قال: "السادات" كان سياسياً واقعياً مختلفاً طوّر الانتصار إلى مشروع فاغتالته "الجماعات"
"الراشد" يؤطر لـ"شهية إسرائيل وخسائرها": هذه الدول لم تستفد من "حرب أكتوبر"!

قال الإعلامي السعودي رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" الأسبق عبدالرحمن الراشد، إن سيناء وقناة السويس ربما كانت لن تعود لولا حرب أكتوبر، وأن شهية "إسرائيل" ربما، أيضاً، كانت لن تتوقف عن المغامرات التوسعية لولا تلك الهزيمة، مبيناً أن بعض الدول لم تستفد من حرب أكتوبر إلى الآن!

وكتب "الراشد"، في مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" تحت عنوان: "البعض لم يتعلم من حرب أكتوبر"، يقول: "خسرت الدولة اليهودية نحو ثلاثة آلاف جندي قتيل، وأكثر من ثمانية آلاف مصاب، وألف دبابة وآلية مدمرة ومعطوبة، ومائة طائرة حربية، خسرت أكبر الأراضي التي استولت عليها قبل ست سنوات في حرب سهلة وخاطفة، هذه قصة مختصرة لحرب أكتوبر 1973".

وأضاف: "الحروب هي نشاطات سياسية، وليس الهدف منها فقط هزيمة العدو، ومكاسب تلك الحرب أنها بدّلت المفاهيم على ضفتي قناة السويس، فـ"إسرائيل" دولة قوية، متطورة، ذات مشروع عسكري وتوسعي خطير، كانت تعيش شعوراً بالتفوق الدائم والمضمون، منذ أن كسبت الحرب في عام 1967، إنما معظم عناصر هذه المعادلة غيّرتها حرب أكتوبر، منذ ذلك اليوم وإلى اليوم، صار مشروع "إسرائيل" حماية ما تبقى من مكاسبها في حرب الأيام الستة، "إسرائيل" تعلمت الدرس، وكذلك مصر، لكن هناك من العرب ما لم يستفد منها إلى اليوم، وهم الذين ترونهم في قطر وإيران وبقايا الأنظمة البائدة في سوريا والعراق".

وتابع: "ربما ما كان لسيناء وقناة السويس أن تعودا لولا حرب 1973، وربما ما كان لشهية "إسرائيل" أن تتوقف عن المغامرات التوسعية لولا تلك الهزيمة، حرب أكتوبر علامة فارقة أحدثت فارقاً كبيراً في العلاقات بين الجانبين بتعديل منظور ميزان القوى، بعدها عرف الجانبان أنه لا توجد انتصارات مضمونة، أسقطت كثيراً من المسلّمات في داخل الدولة اليهودية، لكنها في الوقت نفسه فشلت في إيقاظ كثير من الأنظمة العربية المعادية لمصر، التي فهمت الحرب ونتائجها بشكل خاطئ".

وبيّن: "يظل أنور السادات من الشخصيات التاريخية العظيمة، سياسياً وعسكرياً، وما هذه الحرب إلا فصل واحد من أعماله، ومصر دخلت الحرب في ظروف سياسية وعسكرية صعبة، بعد ست سنوات فقط من هزيمة حرب يونيو (حزيران) التي قضت على معظم ترسانتها وحماسها، ولا بد أن مستشاريه حاولوا أن يثنوه عن تلك المغامرة الخطيرة ضد دولة تملك ترسانة هائلة من السلاح المتطور، ومن الخطأ المقارنة بحجم أو عدد سكان الدولتين، الأمر الذي اعتاد المعلقون على تكرار قوله".

وواصل: "فرغم أن عدد سكان "إسرائيل" أصغر من سكان مدينة القاهرة وحدها، فإن جيشها أكبر عدداً، فمعظم "الإسرائيليين" جنود مدربون ومؤهلون للحرب، إذا احتسبنا الاحتياطي والبقية، يطلبون للقتال كل الذين أعمارهم بين 17 و49 عاماً، أي أكثر من مليون ونصف المليون اليوم، وهو ما يجعلهم أكبر عدداً من الجيش المصري الذي كان نحو نصف مليون آنذاك، ورغم ذلك خسروها، جاءت الحرب انتصاراً على العقيدة، وغرور التفوق، والإحساس لأول مرة بفقدان الأمان، والاقتناع بالتواضع والتراجع بعد أن كانت الرغبة دائماً في التوسع".

ونوّه "الراشد" إلى أنه "بعد حرب 1973، لم تخُض "إسرائيل" حرباً توسعية، كانت نهاية حلم "إسرائيل الكبرى"، وحروب "إسرائيل" التالية كلها كانت دفاعية ضد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، ثم ضد حزب الله الإيراني".

ويقول: "في حرب أكتوبر مصر انتصرت على "إسرائيل"، لكن "إسرائيل" كانت المنتصر على الجبهة السورية، حيث استولت على مزيد من الأراضي التي أعادتها بالتفاوض في اتفاقها الذي وقعه حافظ الأسد، الرئيس السوري الراحل، لم يكن اتفاق فصل قوات وإعادة ترتيب الحدود كما كان يوصف، بل إنهاء للحرب المباشرة بين دمشق وتل أبيب، ومع هذا، شنّ البعثيون حرباً دعائية كاذبة ضد مصر؛ لأنها وقّعت اتفاق كامب ديفيد".

ويفصل: "السادات كان سياسياً واقعياً مختلفاً عنهم، طوّر الانتصار إلى مشروع أكبر، ولولا تهديدات أنظمة صدام في العراق والأسد في سوريا، كان للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات حينها أن يدخل في مفاوضات كامب ديفيد، وكان لتلك الحرب أن تنتج اتفاق سلام نهائياً لولا تآمر أنظمة سوريا والعراق وليبيا ضد مصر، ولولا غدر الجماعات الإسلامية التي اغتالت "السادات"، الرجل الذي أطلقهم من القفص الذي سجنهم فيه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر".

ويختتم "الراشد" مقاله قائلاً: "مصر انتصرت في حرب أكتوبر، إلا أنه وبكل أسف، خسرها العرب كفرصة، والاستفادة من انتصارهم اليتيم ضد "إسرائيل"، ولا يزال هناك بينهم إلى اليوم من يحاولون تشويه تاريخ الحرب وما تلاه من أحداث؛ للتغطية على هزائمهم ومواقفهم السياسية التي ثبت فشلها لاحقاً".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org