في الوقت الذي ترسل فيه إيران مليشياتها وعناصرها الأمنية للتخريب في العراق وقتل السنة وإشاعة الفوضى، تبذل المملكة العربية السعودية قصارى جهدها للتخفيف عن كاهل الشعب العراقي، الذي يتعرض جزء كبير منه للتشريد والتهجير القصري والمآسي جراء الانفجارات اليومية التي تشهدها المناطق والأحياء العراقية، جراء الفتنة التي نشرتها إيران بين أطياف الشعب هناك.
وتؤكد المملكة دائماً على الوقوف بجانب العراق وغيره من الدول الصديقة والشقيقة في أوقات الأزمات والشدائد، وتسارع في مد يد العون لها، ولعل آخر هذه المواقف تجاه العراق، ما صدر من أوامر ملكية، بتزويد العراق بمساعدات طبية عاجلة عن طريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ؛ ذلك بحسب سفير خادم الحرمين الشريفين بالعراق ثامر السبهان، الذي أكد في تغريدة له على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، صدور أمر كريم بتقديم مساعدات سعودية عاجلة للمتضررين في محافظة الأنبار، مضيفاً أن "مملكة الخير لا تقدم إلا الخير وبإذن الله سيشعر الإخوة العراقيون بذلك، ومساعدتهم واجب علينا هذه توجيهات سيدي، وبدأ العمل لتنفيذ أمره".
200 مليار ريال
وتجاوزت المساعدات الخارجية التي قدمتها المملكة في 23 عاماً (1990 ـ 2013) ، ما يزيد على 200 مليار ريال، وسجلت تلك المساعدات أعلى مستوى لها في تاريخها عند 20,4 مليار ريال عام 2011 وحده ؛ حيث قدمت السعودية نحو 163,5 مليار ريال في صورة مساعدات وقروض، ونحو 12,4 مليار ريال مساهمات في الجمعيات والمنظمات، و11,4 مليار ريال نصيبها في العون المتعدد الأطراف ، وبلغ حجم المساعدات التي قدمتها المملكة، سواء الإنسانية أو من خلال القروض والمنح للبلدان النامية، في العام 2014 نحو 54 مليار ريال، وهو ما بنسبته 1.9% من الدخل القومي الإجمالي للمملكة ؛ حيث تحتل المملكة بهذه المساعدات المركز الأول في الدول المانحة.
التخريب الإيراني
في الوقت ذاته، يتهم مختصون ، إيران بأنها تقف وراء ما تشهده العراق من عمليات قتل وتدمير شبه يومية، متفقين على أن طهران نجحت في زرع الفتنة في صفوف الشعب العراقي، وفرقت بين أبنائه، عن طريف إذكاء نار الطائفية، والميل إلى أبناء المذاهب الشيعية، على حساب أبناء المذهب السني، ووصل الأمر إلى حد الربط بين تنامي تنظيم "داعش" في العراق وسوريا وبين إيران، المتهمة بدعم هذا التنظيم ومده بالسلاح والعداد.
إيران تسلح "داعش"
واستنكر السياسي الكويتي وليد الطبطبائي ، موقف إيران من "داعش" في العراق، وقال عبر حسابه على "تويتر": إن إيران تسلح داعش بواسطة المالكي، وداعش تسيطر على مدن سنية، وتهجر نصف السكان، مليشيات إيران تطرد داعش وتدمرها وتهجر النصف الباقي".
قتل ضباط وتدمير
في الوقت ذاته، يتهم العراقيون إيران بأنها أوعزت إلى ميليشيات الحشد الشعبي بالدخول إلى مدن في صلاح الدين والأنبار وديالى وتدمير منازل لأساتذة جامعات وضباط وقادة عسكريين في الجيش العراقي السابق عرفوا بدورهم في الحرب مع إيران ما بين عامي 1980-1988 ، وتركزت حملة تدمير المنازل، على منازل أساتذة الجامعات وضباط سابقين في الجيش العراقي شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي.
صور ومشاهد
وحصلت صحيفة "فينانشيال تايمز" البريطانية على صور ومشاهد تثبت تعمد الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران، تدمير أعداد كبيرة من المنازل التي كانت تبعد كثيراً عن المعارك مع داعش ، وأظهر التدمير غير المبرر لمنازل يمتلكها السنة في تكريت نزعة الانتقام التي باتت مهيمنة على تصرفات ميليشيات الحشد الشعبي، التي يدين قادتها بالولاء للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وبعض القيادات في الجيش ، واختلفت التوقعات حول تكرار تصرفات الحشد الشعبي، التي حظيت باهتمام دولي واسع وبمساندة جوية من قبل طائرات التحالف الدولي ضد داعش، في مناطق أخرى من العراق.
تهجير السكان
وقال بعض شيوخ العشائر السنية هناك ، أن الهدف من وراء دخول هذه الميليشيات هو تدمير أكثر لمناطقهم وتهجير السكان وقتل المدنيين العزل، على غرار ما ارتكبته من انتهاكات في قرى شروين وبروانة بمحافظة ديالى بعد فرض سيطرتها عليها.
الأمر الملكي
على الجانب الآخر، تسعى المملكة لمعالجة ما أفسدته إيران، عبر حزمة من المساعدات للعراق، التي تحتل مساحة كبيرة من خريطة المساعدات المادية والعينية التي تقدمها السعودية، خاصة في أوقات النكبات والأزمات التي تعرضت لها في الفترة الأخيرة. وكان آخرها ما تعرضت له مدينة الأنبار من دمار بسبب العمليات الإرهابية التي ارتكبتها "داعش" هناك، مما أسفر عن تشرد الآلاف، فوجه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز بإرسال مساعدات عاجلة إلى المدينة، وتوجهت طائرة سعودية هذا الشهرر تحمل مساعدات عينية إلى مطار بغداد الدولي، وعلى متنها مواد غذائية وإنسانية خاصة بأهالي الأنبار، مقدمة من مركز الملك سلمان بن عبد العزيز للإغاثة والأعمال الإنسانية ، وتوزعت تلك المساعدات على العوائل العراقية النازحة.
توجيهات كريمة
وكان سفير المملكة بالعراق ثامر السبهان ، قد قال في تصريح سابق مع "سبق" إن المساعدات السعودية للعراق تأتي امتداداً للمساعدات الإنسانية التي تقدمها المملكة لإغاثة الشعوب العربية بتوجيهات سامية كريمة ، وذلك واستكمالاً للدور الإنساني الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً استشعارا للواجب الديني والأخلاقي والإنساني الذي تلتزم به في مساعدة الدول والشعوب الإسلامية والعربية المتضررة على مر السنين و التاريخ".
جماعات إرهابية
وأضاف: "إخواننا في العراق يعانون من ظروف حالكة بسبب الجماعات الإرهابية المنتشرة هناك، وهذه المساعدات هي بداية لخطط لتقديم عمل انساني متكامل يشمل جميع أبناء العراق وبحسب الأولويات والحاجات الماسة"، موضحاً أن "السفارة ستواصل مع الجهات الإنسانية في العراق لإيصال المساعدات لمحتاجيها، علماً بأن المملكة قدمت عبر الأمم المتحدة أكبر دعم للعراق في وقت سابق".