السفير الصيني في حوار مع "سبق": شعبنا لن ينسى وقفتكم بعد زلزال 2008م

قال: زيارة الملك تعزيز لصداقة البلدين.. والتبادل التجاري تجاوز 42 ملياراً سنوياً
السفير الصيني في حوار مع "سبق": شعبنا لن ينسى وقفتكم بعد زلزال 2008م

• 5.3 مليار دولار قيمة مشاريع الشركات الصينية بالمملكة.

• مبادرة "الحزام والطريق" الصينية تتكامل مع "رؤية 2030".

• 42 ألف صيني يعملون بالمملكة حالياً.

• 50 ألف تأشيرة تم إصدارها للسعوديين العام الماضي.

أكد لـ"سبق" السفير الصيني بالمملكة السيد لي هوا شين، أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود للصين تمثل حدثاً كبيراً، خصوصاً وأنها الزيارة الأولى له كملك.

وقال السيد لي هوا شين في حوار صحفي أجرته "سبق"، تزامناً مع زيارة خادم الحرمين: يتطلع كلا الجانبين لهذه الزيارة؛ لما لها من أهمية قصوى لهما من مختلف النواحي، وتولي الحكومة الصينية لها اهتماماً كبيراً، والرئيس الصيني شي جين بونغ سيعقد اجتماعات مهمة مع الملك سلمان، وسيتم توقيع العديد من الاتفاقيات المتنوعة التي تؤكد عمق العلاقات بين البلدين.

إلى الحوار:

• كيف يرى السفير إيجابيات زيارة خادم الحرمين الشريفين للصين؟

• هي خطوة إيجابية في تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين، وامتداد للزيارات المتبادلة بين قيادة الدولتين، ففي شهر يناير عام 2016م، زار الرئيس الصيني شين جين بينغ المملكة، وعقد مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود جلسة مباحثات في قصر اليمامة بالرياض، وأكد خلالها أن علاقات الصداقة بين الصين والسعودية شهدت نمواً مطّرداً على مدى 25 عاماً مضت، ويسعيان معاً للاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم. كما قرر الجانبان الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

٣٠ اتفاقية تعاون

• يعطي استمرار الزيارات مؤشراً إيجابياً بين البلدين؟

بالتأكيد، والدليل استمرارها حيث شهد شهر أغسطس عام 2016، زيارة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى الصين، وحضر قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو. كما رأس مع نائب رئيس الوزراء الصيني تشانج قاو لي الاجتماع الأول للجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى أثناء زيارته. وإنه أعلى مستوى من آليات التعاون الثنائي بين الصين والدول في شرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي شهر سبتمبر عام 2016م، زار عضو المكتب السياسي للجنة المركزية أمين اللجنة القانونية السياسية المركزية للحزب الشيوعي الصيني المبعوث الخاص للرئيس الصيني منغ جيان تشو المملكة العربية السعودية.

وخلال الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، تم التوقيع على 30 اتفاقية تعاون بين الحكومتين، مما عزز التعاون في مختلف المجالات بين البلدين، وحقق نتائج إيجابية مستمرة. ويُبقي الجانبان على التواصل الوثيق حول القضايا الإقليمية، ويحافظان على التعاون الفعال في شؤون متعددة الأطراف.

العلاقات الودية

• هذا يعطي تأكيداً على عمق العلاقات الودية بين الرياض وبكين؟

•• فعلاً، وهو يؤكد تاريخ العلاقات الودية بين الشعبين الصيني والسعودي منذ أزمنة بعيدة.

ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة العربية السعودية في 21 يوليو عام 1990، حققت علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين نمواً شاملاً وسريعاً، ويحافظ الجانبان على التبادلات المتكررة وتتوسع مجالات التعاون باستمرار.

الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين متكررة؛ فتم تبادل الزيارات بين الرئيس الصيني هو جين تاو والملك عبدالله في عام 2006، وتوصل الجانبان إلى توافق لإقامة شراكة استراتيجية بين الصين والسعودية، ودخلت العلاقات الثنائية مرحلة جديدة من التنمية. وقام نائب الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة المملكة العربية السعودية يونيو عام 2008، ووقع الجانبان بياناً مشتركاً بشأن تعزيز التعاون والعلاقات الودية الاستراتيجية. وزار الرئيس الصيني هو جين تاو السعودية للمرة ثانية في فبراير عام 2009، ووقع البلدان على خمس وثائق للتعاون في مجالات الطاقة والحجر الصحي والصحة والتعليم والنقل. وزار رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو السعودية في يناير عام 2012، وقرر البلدان رفع مستوى العلاقات الثنائية داخل الإطار الاستراتيجي.

وتلبيةً لدعوة من نائب الرئيس الصيني لي يوان تشاو، قام ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بزيارة الصين، والتقى مع كل من الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس مجلس الدولة لي كه تشانغ، وعضو مجلس الدولة ووزير الدفاع تشانغ وان تشيوان، وأجرى نائب الرئيس لي يوان تشاو محادثة مع الأمير محمد بن سلمان. ووقّع الجانبان على أربع وثائق متعلقة بمجالات فحص الجودة والفضاء والاستثمار وغيرها، كما أصدر الجانبان "البيان المشترك بين جمهورية الصين الشعبية ومملكة العربية السعودية".

استقرار المنطقة

• برأيك ماذا عن نقاط الاتفاق السياسية بين الرياض وبكين؟

•• تحرص الصين على الأمن والاستقرار إقليمياً وعالمياً، وترى أنه من المهم تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط، وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقواعد القانون الدولي، بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وموحدة السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية. ويقدّر الجانب الصيني عالياً مساهمة المملكة في سبيل تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، وخاصة لدعمها للقضية العادلة للشعب الفلسطيني وللسلام في الشرق الأوسط. ويؤكد حرصه على تعزيز الاتصال والتنسيق حول الأوضاع الإقليمية، ومواصلة الدفع بحل القضايا الإقليمية الساخنة عن الطريق السياسي والتفاوض.

42.4 ملياراً

• اقتصادياً، ماذا عن حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين؟

•• شهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين نمواً سريعاً. حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والسعودية 42.4 مليار دولار في عام 2016، منها بلغت واردات الصين 23.6 مليار دولار، وبلغت صادرات الصين 18.8 مليار دولار. تبقى الصين أكبر شريك تجاري للسعودية، والسعودية أكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب آسيا وإفريقيا.

• ما هي أبرز تلك الصادرات والواردات؟

• تستورد الصين من السعودية النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية وغيرها، وتصدر المنتجات الكهروميكانيكية والصلب والملابس وغيرها إلى السعودية. والسعودية من أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين. حيث استوردت الصين 51 مليون طن من النفط الخام من السعودية في عام 2016، بزيادة قدرها 0.9%، بما يشكّل 13.4% من إجمالي وارداتها من النفط الخام.

• ماذا عن الاستثمارات المتبادلة بين البلدين؟ وكم بلغ حجمها؟

•• في عام 2016م، سجل الاستثمار الصيني في السعودية 120 مليون دولار أمريكي، بزيادة 46% مقارنة مع السنة الماضية، واستثمرت المملكة العربية السعودية 13.45 مليون دولار أمريكي.

ووصلت قيمة المشاريع الجديدة الصينية المتعاقد عليها في المملكة العربية السعودية في عام 2016 إلى 5.03 مليارات دولار أمريكي، وحققت مبيعات قدرها 9.48 مليارات دولار أمريكي، بزيادة 35.1%، ويوجد حالياً 42 ألف شخص من العمالة الصينية في السعودية.

أهم المشاريع

• وما هي أهم المشاريع بين الدولتين الصديقتين؟

• أهم المشاريع المنفذة بين البلدين، وتلك التي تنفذ تكون في مجالات التكرير وخدمات حقول النفط والبنية التحتية للسكك الحديدية ومحطات الكهرباء ومحطات الاتصالات ومصنع الإسمنت. على سبيل المثال، قناة تصريف مياه في جدة وسكك حديدية خفيفة تسير على جبال مكة ومصفاة ينبع. بالإضافة إلى مصنع أنابيب الصلب في الدمام ومصنع البلاط في الرياض، بالاستثمار المشترك بين القطاع الخاص في البلدين.

ويتبادل رجال الأعمال بين البلدين زيارات بشكل دائم، ويشاركون في المعارض المقامة في الطرف الآخر. كما قامت إدارات فحص الجودة والجمارك بين البلدين بالتعاون في مجال الالتحام بين المعايير ومكافحة المنتجات المزوّرة.

تكامل بين الرؤيتين

• تحرص الصين على تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق"، في حين تتطلع المملكة لمستقبل مشرق مع "رؤية 2030".. هل يمكن المواءمة بين الرؤيتين؟

•• مبادرة "الحزام والطريق" ترمي إلى التنمية باقتصاديات الدول على "الحزام والطريق"، وكذلك تعميق التعاون الاقتصادي الإقليمي. والسعودية تقع عند نقطة التقاء القارات الثلاث. فهناك تكامل بين مبادرة "الحزام والطريق" و"رؤية 2030". ويعمل الجانبان الصيني والسعودي على تحسين الخطط التنفيذية للالتقاء بين هاتين الاستراتيجيتين التنمويتين. إن الصين على استعداد لتعزيز التعاون مع السعودية في مجالات الطاقة ونقل التكنولوجيا وترقية الصناعة الإنتاجية وتنويع الاقتصاد. فهناك آفاق رحبة وفرصة سانحة للبلدين لتطوير التعاون العملي في كل المجالات.

• ماذا عن التبادل الثقافي بين الرياض وبكين؟

•• جسور الثقافة بين الصين والسعودية تمتد على مرّ السنين. وقد قاد في إبريل عام 2013، وزير الثقافي الصيني تساي وو وفداً لحضور حفل افتتاح مهرجان الوطني السعودي للتراث والثقافة "الجنادرية"، وأنشطة ضيف الشرف الصينية، تحت شعار "الصين بلاد تتألق جمالاً"، ويعتبر جناح الصين أكثر إقبالاً وجاذبية في المهرجان. وحضر وزير التعليم العالي السعودي مراسم الافتتاح للدورة الـ 20 لمعرض بكين الدولي للكتاب في أغسطس نفس العام. كما شاركت الجامعات الصينية في معرض التعليم العالي السعودي كل عام، وتبقى على التواصل مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. وحضر الأساتذة الصينيون عديداً من الأنشطة الثقافية والأكاديمية السعودية.

إنسانية المملكة

• هذا يؤكد عمق العلاقات الإنسانية بين البلدين؟

•• بالتأكيد؛ فالشعب الصيني لا ينسى أبداً أنه بعد وقوع زلزال ونتشوان المدمر بسيتشوان في مايو عام 2008، قدّمت السعودية في وقته الأول تبرعات مالية بقيمة 50 مليون دولار، ومساعدات مادية بقيمة عشرة ملايين دولار للمنطقة المنكوبة، وتعدّ أكبر مساعدة في مرة واحدة تسلمتها الصين من الخارج. وتبرعت السعودية بعد ذلك بـ 1460 منزلاً بالهيكل الفولاذي في يوليو، كما قدّمت 1.5 مليون دولار لمشروع الإنقاذ الطارئ الذي أطلقته الأمم المتحدة لإعادة الإعمار بعد زلزال سيتشوان في أغسطس.

وخصصت السعودية 150 مليون دولار لبناء الجناح السعودي لمعرض إكسبو شانغهاي العالمي في عام 2010، واختير الجناح الأكثر شعبية في معرض إكسبو شانغهاي، وقد قدمت السعودية الجناح هدية إلى الصين.

وفي عام 2016م، حقق البلدان قفزة كبيرة في التبادل الثقافي والإنساني. إذ تم التوقيع على "مذكرة التفاهم لتعزيز التبادل والتعاون في مجال التراث الثقافي"، خلال زيارة رئيس الصين شي جين بينغ للسعودية، كما وقع البلدان "مذكرة تعاون في مجال الترجمة ونشر الأعمال الأدبية والكلاسيكية والحديثة" و"البرنامج التنفيذي للاتفاق الثقافي بين حكومتي الصين والسعودية للأعوام 2017- 2021م" خلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد للصين.

• ماذا عن باقي الاتفاقيات الثنائية؟

•• هناك العديد من الاتفاقيات الثنائية منها "اتفاقية للعمل المشترك في مجال التنقيب البري والبحري" مع مصلحة التراث الوطني الصيني، ممثلة بمركز الآثار البحري؛ للقيام بعمليات التنقيب في موقع السّرين الأثري بمحافظة الليث غرب المملكة؛ وذلك للبحث عن الأدلة التاريخية؛ سعياً لإدخال "طريق الحرير البحري" في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

• على الجانب الثقافي، ماذا تم بخصوص العمل التلفزيوني المشترك؟

• كما تعلم أقامت وزارة الثقافة والإعلام السعودية يوم 22 فبراير 2017 حفل العرض الأول لمسلسل تلفزيوني كرتوني "حكيم وكونغ شياو شي" الذي يأتي كأول إنتاج كرتوني صيني سعودي مشترك، وهو قصة لطيفة عن الصداقة بين طفل سعودي وطفلين صينيين يديرون مطعماً عربياً في السعودية. سيعرض المسلسل في قنوات التلفزيون السعودية قريباً.

تعليم اللغة الصينية

•هذا يؤكد التقارب الثقافي؟

• فعلاً، وللعلم يتشاور الجانب الصيني الآن مع جامعة الملك سعود حول بعث أساتذة صينيين لتعليم اللغة الصينية في السعودية، ومع تطوير العلاقات الثنائية الصينية السعودية، زادت التبادلات بين الشعبين الصيني والسعودي باستمرار، ودليل على ذلك إصدار سفارة الصين بالرياض والقنصلية العامة الصينية بجدة نحو 50 ألف تأشيرة الدخول إلى الصين في عام 2016.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org