"الشثري" لـ"سبق": ملتقى "الانتماء والمواطنة" حاجة وضرورة

في وقت ظهرت فيه الفتن وكثر فيه أصحاب الشبهات على المسلمين
"الشثري" لـ"سبق": ملتقى "الانتماء والمواطنة" حاجة وضرورة

أكد الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الشثري، إمام وخطيب جامع قصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في المعذر وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً، أن ملتقى "الانتماء والمواطنة" حاجة وضرورة.

وقال: إن طرح مثل هذا الموضوع في مثل هذه الأوقات، التي ظهرت فيها الفتن، وكثر فيها أصحاب الشبهات على المسلمين، يمس الحاجة إليه لبيان الموقف الشرعي نحو الانتماء للوطن والمحافظة عليه.. وتعظم الحاجة إلى طرق هذا الموضوع، وخصوصاً ونحن نرى أن من أبناء وطننا - وهم قلة - قد تنكروا لوطنهم، وغدروا به، وخانوا أمانته، حين انضموا إلى جماعات وتنظيمات مخالفة للإسلام. والدور الأكبرهنا يقع على الأئمة وخطباء المساجد والدعاة إلى الله، وعليهم بيان الحق للناس في أهمية الانتماء لوطنهم والمحافظة عليه. وأضاف: وبهذه المناسبة تشكر وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد حين قام فرع الوزارة في منطقة الرياض بعقد هذا الملتقى، وتوجيه رسالة للأئمة والخطباء والدعاة للقيام برسالتهم في توعية الناس، وتذكيرهم بأهمية الانتماء، والمواطنة، والمحافظة على هذا الوطن الذي جعله الله مضرب المثل، ومحط النظر لكل المسلمين في أرجاء الدنيا. وبيّن أنه من تأمل واقع هذا الملتقى يجد أن هذا الانتماء ينطلق من أسس شرعية، الأول:أن بلادنا متمسكة بكتاب الله وسُنة رسوله، عقيدة وشريعة وسلوكاً وأخلاقاً، فقد امتنّ الله علينا بنعمة الإسلام، وجمعنا على هذا الدين، وهذه نعمة نتذكر بها فضل الله علينا في هذه البلاد، فلنحافظ عليها، ونحذر من كل ما يصرف عنها، مما يبثه دعاة الفتنة وأصحاب الشبهات، الذين ما فتئوا يبثون سمومهم على بلادنا، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا؛ لأن من كان مع الله كان الله معه.

وزاد: الأساس الثاني من أجلّ النعم وأفضلها علينا في السعودية نعمة التوحيد وإخلاص العبادة لله، التي بتطبيقها تحقق لنا الأمن والاستقرار ورغد العيش، وحفظنا الله بتطبيق هذه النعمة من لوثات الفتن والصراعات؛ لأن الأمن ينشأ عن الإيمان الصحيح، والله تعالى يقول: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} [الأنعام: 82]. وتحقيق الأمن في الوطن أعظم مقاصد الشريعة.

وأكمل: الثالث هو لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، وهذا - ولله الحمد - متحقق شرعاً وعقلاً في بلادنا، فنحن في مجتمع واحد، يستقي دينه ونظامه من الشرع المطهر (الكتاب والسنة)، ومنهج السلف الصالح. والله تعالى يقول: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبيِّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون} [آل عمران:103].

هذه أسس ثلاثة، لما تحققت في بلادنا قولاً وعملاً حفظها الله من خطر الفتن ومن كل ألوان الأحزاب والصراعات التي حلت بساحة المسلمين اليوم. وقال: إن هذا الواقع الذي نعيشه اليوم يحتم علينا أن نقوم بواجبنا شرعاً تجاه بلادنا وولاة أمرنا، بتذكير الناس بهذه النعم المتعددة التي يتمتعون بها، وهم آمنون في بيوتهم، ويلزم من ذلك الطاعة لولي الأمربالمعروف، واحترام الدماء المعصومة، وعدم الاعتداء عليها، والحفاظ على المرافق العامة في الوطن، ودرء الشر والخطر عن المجتمع، والتعاون مع رجال الأمن في كشف خطط المفسدين والمعتدين على أمن المجتمع، والالتزام بالنظم والتعليمات التي وُضعت لتنظيم أمور الناس ومصالحهم، سواء في طرقاتهم أو في أسواقهم أو في المدارس والجامعات وغيرها، وهذا دور المساجد والخطباء والدعاة، وهي مهمتهم ورسالتهم في توجيه الناس وتذكيرهم بالنصوص الشرعية الدالة على ذلك؛ ليكون مفهوم الانتماء والمواطنة جزءاً من حياتهم في حفظ كيان هذا المجتمع المترابط.

وذكر أنه من لوازم الانتماء والمواطنة السعي في تحقيق التآلف، وإزالة كل ما يعيق ذلك من الشحناء والبغضاء والكراهية، وترسيخ حب الوطن في قلوب الناس من منظور شرعي. وقد ذكر الله بعض المصطلحات في القرآن الكريم، مثل:المواطن بفتح الميم، والبلاد، والديار، والبلد.. وهذا يعطينا دلالة لمعرفة قيمة الوطن وحبه؛ لأن الإنسان مهما بلغ من منزلة، ومهما ملك من مال ومتاع، فلا بد له من وطن يعيش فيه آمناً مطمئناً. وفي القرآن الكريم إشارات تبيّن قيمة الوطن ومكانته في قلوب أهله، ليس هذا موضع ذكرها، لكن الممنوع تقديمه على حب الوطن هو حب الله وحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن حب الوطن له حدود، فمتى ما تعارضت مع حب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - هنا يكون المحذور الشرعي.

وأشار إلى أن من الأشياء التي نحمد الله عليها أن أكرمنا بوطن آمن مستقر، منه شع نور الإسلام، وبُعث سيد الأنام، وفيه تنزل الوحي، ومنه انطلقت الدعوة.. وبلادنا هي مأوى أفئدة المسلمين وقِبلتهم؛ فلها صفة استثنائية، واختصها الله بخصوصية لم تكن لغيرها؛ فهذا الوطن اجتمع فيه كل أنواع الحب الفطري والشرعي، وجهود ولاة الأمر في حفظه وعنايته ورعاية مواطنيه ظاهرة لكل الناس، وأعظم شيء يقومون به نشر العقيدة الصحيحة التي قامت عليها البلاد منذ تأسيسها في عهد الأولوخدمة الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج والمعتمرين والزوار، وهذا الأمر يجعلنا نبتهل إلى الله تعالى أن يحفظ علينا ديننا وعقيدتنا وولاة أمرنا، وأن يحفظ بلادنا من كل الشرور والفتن. 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org