الشـاهد الأخـرس..!!

الشـاهد الأخـرس..!!
تم النشر في

الشاهد الأخرس هو عنوان لفيلم سينمائي مصري قديم، لعب بطولته الفنان الراحل فريد شوقي، لكنه في واقعنا وحياتنا المعاصرة عنوان حقيقي لكل إنسان يغض الطرف والعين، ويفرض على الفؤاد والعقل صمتًا مهيبًا، وهو يعلم مظلمة لشخص ما؛ يحتاج إليها بشكل مصيري كبير، وإنساني عميق، ولا يدلي بشـهادته فيها ومعلوماته عنها؛ ما يجعله في هذه الحالة كالشاهد الأخرس في الفيلم؛ وجوده كعدمه؛ لا يفيد الناس، ولا نفع فيه، ولا يرجى من ورائه على الإطلاق خير عميم، لا لنفسـه أولاً، ولا لمجتمعه الذي يعيش فيه ثانيًا، فضلا عن مبدأ (نصرة الحق وإغاثة المظلوم)..!!

ليس هذا وحسب الذي يحتاج إليه الآخرون من الناس؛ فثمة من يعلم عن عائلة فقيرة؛ تعيش وجع الكفاف من التعفف؛ وتستحق المساعدة ومد يد العون وطوق النجاة، ولا يفعل لها شيئًا يُذكر، يريح به ضميره الغارق في الصمت واللاشعور بالتبليغ عنها، والإشارة إليها لدى الجهات الخيرية ومكاتب الضمـان المنتشرة لمسـاعدتها، أو حتى من قِبل رجال المال والأعمال والتجار والمحسنين في حـال أرادوا أن يزكوا أموالهم، أو من لديهم نية التبرع للمساكين والمحتاجين..!!


كما يظل هذا الشخص سلبيًّا في قضايا العنف حينما لا يساهم في كشف النقاب عن أطفال يتعرضون للعنف الأسري من قِبل ذويهم، سواء بالضرب والشتم، أو من خلال تكليفهم بأعمال منهكة، لا تتحملها أجسادهم الطرية وأعمارهم الصغيرة، وتُحمِّلهم فوق طاقاتهم بشكل مُضنٍ ومتعب، دون أن يسعى بكل الطرق لتوضيح هذا الأمر لجهات الاختـصاص ودار الإيواء، ويفعل من أجل براءتهم أي شي بهذا الخصـوص؛ يساهم في إنقاذهم، ويبدد ظاهرة العنف، ويُنهي قصة معاناتهم ومأساتهم اليومية؛ حتى لا تتفاقم نحو الأسوأ، وتصل إلى حد الجريمة والقتل من جراء التعذيب..!!


والشاهد الأخرس كذلك ينطبق على من يعلم أن هناك فتاة أو أكثر يرفض والدهن تزويجهن طـمعًا في الراتب والوظيفة التي تدر عليه ذهبًا، وخوفه من أن ينقطع عنه هذا النبع المادي، أو من أجل خدمة زوجته إن كان هذا الأب لديـه بنات فقدن أمهن، ولا تـرغب هذه الزوجة في الاستغناء عنهن؛ وذلك من أجل خدمتهن اليومية لها، وقيامهن بالعمل والشغل لها، تمامًا كمـا لو كُنّ مجرد خادمات في البيوت؛ ما يجعلها ترفض بُعدهن عنها بأي حال من الأحوال، وتحت أي ظرف كان..!!

هنا نستطيع القول: إن الإنسان السلبي غير المنتج وغير المساهم في مجتمعه للأفضل، وإظهار الحقيقة، سيظل عبئًا على الآخرين من حوله، ويزيد من حجم الغموض في العديد من القضايا التي تتطلب منه المساهمة الفعلية في كشفها، والإبلاغ عنها، طالما هو قريب من أحداثها، وعلى معرفة بها، وعلى اطلاع تام بتفاصيلها الصغيرة..!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org