العدل في "الأمم المتحدة" له وجهان .. وعهد "غوتيريس" لا يبشر بأي إصلاح

39 قرارًا أمميًا في صالح العرب.. فشل مجلس الأمن في تفعيلها
العدل في "الأمم المتحدة" له وجهان .. وعهد "غوتيريس" لا يبشر بأي إصلاح
تم النشر في

عززت الأمم المتحدة من ملف إخفاقاتها المتوالية، بعدما سارت في الطريق المعاكس الذي رسمته لها دول العالم، من أجل إقرار الأمن والسلم الدوليين، ووقف الحروب والاعتداءات بين الدول، ونصرة الأقليات، والحد من الظلم، ومساعدة المحتاجين، ونجدة الملهوفين. فلم تعد الأمم المتحدة بمنظماتها المختلفة، اليوم قادرة على إقناع دول العالم بأهمية الدور المنوط بها، وأنها تعمل من أجل صالح شعوب الأرض، وهو ما يفسر دعوات عدة، أطلقها العديد من زعماء العالم، والشخصيات العامة، والسياسيين المعروفين، بأهمية إعادة النظر في آلية عمل منظمات الأمم المتحدة ومستقبلها في العمل السياسي، أو إعلان وفاتها رسميًا بين الأمم، والبحث عن بديل آخر.

وتحتفظ دول عدة، وفي مقدمتها الدول العربية، بذكريات كثيرة مؤلمة من الفشل المتواصل، الذي رسخته الأمم المتحدة في تاريخ هذه الدول، إلى أن تأكد لشعوب هذه المنطقة أن "العدل" لدى الأمم المتحدة، له وجهان، وليس له وجه واحد؛ الوجه الأول يبتسم في وجه الظالم، والوجه الثاني يكشر عن أنيابه في وجه المظلوم، ولعل قضية العرب الأولى "القضية الفلسطينية"، خير مثال على ذلك، بعدما فشلت الأمم المتحدة في حل هذه القضية على مدى 69 عامًا، على الرغم من عدالتها، مستشهدين بـ39 قرارًا من مجلس الأمن الدولي، تدين الاعتداءات الإسرائيلية على دول عربية، وعلى رأسها فلسطين المحتلة، صدرت بين عامي 1948 و2016، وعلى الرغم من ذلك، لم يتم تفعيل هذه القرارات على أرض الواقع. وما زال للأمم المتحدة دور محوري في نكبة فلسطين، وتأسيس دولة إسرائيل، ومن ثم النزاع العربي – الإسرائيلي الذي شمل حروب 1948 و1967 و1973 وغزو لبنان عام 1982 بصفة عامة، بما فيه من تداعيات على جيران فلسطين مثل الأردن ولبنان ومصر وسوريا، شكل أطول علاقة بين العالم العربي والمجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة، وضمن ذلك الهجمات الإسرائيلية المتعددة على لبنان وسوريا ومصر. كانت البداية مع خريطة «تقسيم فلسطين» عام 1947، وتلتها كل التداعيات الأخرى.

عصبة الأمم
"منظمة الأمم المتحدة" هي المؤسسة الدولية الأم في العالم اليوم، ويفترض أنها مؤسسة ضابطة ومنظمة للعلاقات بين الدول، وجاءت هذه المنظمة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، على أنقاض التجربة الأسبق في العلاقات الدولية (عصبة الأمم). التي فشلت في إقرار السلام في العالم، وكان الجميع يتوقع أن تصلح منظمة الأمم المتحدة، ما أفسدته "عصبة الأمم"، بيد أن المنظمة خيبت آمال الجميع، وأثبتت للعالم أنها منظمة فاشلة، تتحكم فيها المصالح وأصحاب النفوذ.

وقد واكب الوجود العربي تأسيس منظمة الأمم المتحدة، منذ أبصرت النور، ومن بين الدول المؤسسة، كانت هناك خمس دول عربية هي: المملكة العربية السعودية، ومصر، ولبنان وسوريا التي انضمت فعليًا يوم 24 أكتوبر عام 1945، وانضمت العراق في 21 ديسمبر من العام نفسه. وكان للعرب ثقل إضافي يتمثل بأن اللغة العربية هي إحدى اللغات الرسمية الست للمنظمة إلى جانب اللغات الإنجليزية والفرنسية والروسية والماندرين الصينية والإسبانية. مع العلم بأن أمينها العام السادس اُختير من دولة عربية وهو الدكتور بطرس بطرس غالي الذي تولى المنصب لأربع سنوات بين 1992 و1996.

"غوتيريس" والفشل
وعلى الرغم من إخفاقات منظمة الأمم المتحدة المتواصلة عامًا بعد آخر، في عهد أمنائها العامين، الذين يتعاقبون عليها، إلا أن فشل المنظمة في عهد الأمين العام الحالي "غوتيريس" كان لافتًا للنظر وجليًا للجميع، وتعزز هذه الفشل عندما أصرت المنظمة الاعتماد على تقارير مغلوطة، ومعلومات غير مؤكدة، أدرجت على ضوئها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في القائمة السوداء، في تخبط واضح في سياسات الأمم المتحدة، والقائمين على أمرها.

وقد أكد محللون أن القرار لم يرتكن على أسس قانونية مهنية ومعايير دولية على الإطلاق، موضحين أن هذا الأمر لن يساهم فقط إلا في انهيار أخلاقيات المنظمة الأممية، وإحداث حالة من الانشقاقات داخلها، بسبب قراراتها التي لا تتماشى مع أبسط قواعد الشرعية والمبادئ الدولية.

وقد حذر محللون وسياسيون من حزمة قرارات مماثلة، ربما تتخذها الأمم المتحدة في الفترة المقبلة، بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وسيكون لها سلبيات وخيمة على الأمن الدولي، ودعوا دول العالم إلى وقفة جادة، لمراجعة التاريخ الأسود للمنظمة، وتنقيتها من الفساد وأصحاب النفوذ الذين يتحكمون فيها، ويديرونها على بُعد، وفق أهواء سياسية، ومصالح شخصية، بعيدة كل البعد عن الأسس والثوابت والمبادئ الأممية التي أُقيمت عليها المنظمة.

انتقاد سعودي قديم
ويشهد التاريخ للمملكة العربية السعودية، توجيه انتقادات لاذعة لمنظمات الأمم المتحدة، وسياستها العرجاء في قضايا العرب والدول الإسلامية على وجه الخصوص، ومن أبرز هذه الانتقادات، ما وجهه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق (يرحمه الله)، من انتقاد حاد لمجلس الأمن الدولي لتقاعسه في وضع حد للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.

وقال في كلمة أمام مجلس الأمن في يناير 2009 لبحث عدوان إسرائيل الهمجي على القطاع الفلسطيني منتقدًا المجلس الأممي: "وفقًا لما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة فإن هذا المجلس هو الجهة المعنية بالمحافظة على السلام والأمن الدوليين، وعلى الرغم من أن مبادئ الميثاق تشير إلى أنه عندما يفضي نزاع ما إلى القتال، يكون شغل مجلس الأمن الشاغل إنهاء ذلك في أقرب وقت ممكن، إلا أن مجلس الأمن هذه المرة، قد تخلى عن الاضطلاع بهذا الدور، وقد مضى على العدوان الإسرائيلي على غزة 11 يومًا ما يضع صدقية مجلس الأمن ونظام الأمن والسلم الدوليين برمته أمام علامة استفهام".

وحذر الأمير سعود الفيصل، مجلس الأمن من أن عدم معالجته للقضايا العربية المشروعة بالجدية والمسؤولية ستدفع العرب بأن يجدوا أنفسهم مرغمين على إدارة ظهورهم لمجلس الأمن والنظر في أي خيارات تُطرح نفسها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org