
انطلقت رحلة تحت الأرض في أحد الكهوف شمال السعودية، استغرقت خمس ساعات، قادها تركي القهيدان، الباحث في الجغرافيا والآثار، بعد عرض أحد زملائه عليه هيكلاً حيوانيًّا، يُعتقد أنه لنمر عربي، وجده في الكهف. وكانت الرحلة بهدف اكتشاف وجود النمر العربي في مناطق يستحيل وجوده فيها، بالرغم من وجود جماجم وهياكل، توحي بوجوده داخل كهف في براري رفحاء.
وكشف قائد الرحلة القهيدان لـ"سبق" أن رحلتهم بدأت ظُهرًا بالدخول لأحد الكهوف بمقدار ربع كيلومتر، واستمرت خمس ساعات ونصف الساعة، حفتها المخاوف من انقطاع الأوكسجين أو مواجهة حيوان مفترس أو مخاطر مجهولة ومتوقعة داخل الكهف، مؤكدًا أن بعض الممرات داخل الكهف خطرة جدًّا "حتى وصلنا إلى جرف يهوي إلى عمق خطر. والكهف يتميز بظاهرة تنفس الكهوف، وفيها تصدعات، تسمح بدخول الهواء". مؤكدًا أنه وثلاثة من زملائه رافقوه بالرحلة أمَّنوا مأكلهم ومشربهم وأجهزة ضوئية قبل الدخول للكهف.
وأضاف: بعد دخولنا إلى الكهف عثرنا على أثر ثعبان داخله، لكن الثعابين لا تدخل الكهوف؛ كونها منخفضة الحرارة، ويُتوقَّع أنه سقط من خارج الكهف. وقد عثرنا على هياكل وجماجم عدة، لم نستطع تأكيد ما إذا كانت لنمور عربية أم لا؛ إذ بعضها احتفظ بجلده وشكله؛ كون الحرارة داخل الكهف منخفضة، تصل لـ 20 درجة، وتوحي الهياكل والجماجم بأنها لضباع، واثنان منها يُعتقد أنهما لنمرَين عربيَّين، وتتميز ببقاء الجلد؛ لأن الكهف يحفظها من أشعة الشمس وعوامل الطقس المختلفة.
وأردف: الكهف مليء بالطبيعة الجميلة؛ فتكوُّن الكهوف علميًّا ناتج من الأمطار التي عندما تهطل على الأرض يصادفها ثاني أكسيد الكربون، وإذا اتحد الماء مع ثاني أكسيد الكربون يتكون حمض، يسمى حمض الكربونيك، وعندما ينزل للأرض يصادف شقوق وفتحات؛ فينزل إلى باطن الأرض، ويبدأ بتحليل التربة؛ فتتحول الصخور إلى طين لزجه؛ فيبدأ يحفر الأرض، ويكوِّن الكهوف، ويتوسع مع الوقت. ويتميز الكهف الذي شاهدناه بالداخل أن فيه أعمدة صاعدة ذات أشكال جمالية متشكلة كالمسامير، ولا أحد يصدق أنها موجودة لدينها في السعودية؛ لأننا نشاهدها بصور في الخارج.
وتابع: بعد تعمقنا داخل الكهف بدأنا نشعر بالرطوبة، وجدران الكهف فعلاً رطبة؛ فتراجعنا عن إكمال المشوار لعمق الكهف؛ كون وجود الرطوبة قد يؤثر على جدران الكهف؛ ويكون آيلاً للسقوط. أما الهياكل الحيوانية التي يُعتقد أنها لنمور عربية فلا نستطيع تأكيد أنها تعود لنمور إلا بأخذ عينه وتحليلها في مختبرات خاصة؛ لأن النمور العربية لا تعيش إلا في المناطق الجبلية، كجبال الحجاز وعمان، وبتحليل الهياكل يتم تحديد عمر وجود النمور وعمر الكهف الذي وُجد فيه.
وختم بقوله: أدعو الجهات المختصة إلى أن تتولى الأمر، وتقوم بتحليل العينات لكشف نوع الحيوانات المفترسة، وكذلك أدعو هيئة السياحة إلى أن تولي اهتمامها لهذه الكهوف، وأن يتم اختيار أحدها ليكون موقعًا سياحيًّا، ويكون غير آيل للسقوط كما في لبنان وعمان، وكذلك وزارة التعليم - خاصة طلاب الجامعات - لأن الكهوف تُعتبر دراسة ميدانية لمعرفة تكوُّن الكهوف، وكيفية تكوُّن الأعمدة الصاعدة والهابطة، وغيرها من العوامل التي يدرسها طالب الجغرافيا.. فنحن كنا ندرس بين أربعة جدران، ولم نستفد من ذلك؛ فقد تبخرت، عكس الزيارات الميدانية مع الأساتذة والتحاليل، وغيرها.