أقر مجلس النواب الأمريكي تشريعًا اليوم الجمعة، يسمح لأُسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية طلبًا لتعويضات مالية، في الوقت الذي أكد فيه البيت الأبيض استخدام حق النقض ضد الإجراء.
ويأتي هذا التشريع عقب موافقة مجلس الشيوخ على "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" بالإجماع في مايو الماضي، رغم اعتراض عدد كبير من المسؤولين الأمريكيين بأن هذا المشروع قد يتسبب في توتر العلاقات بين أمريكا وعلاقاتها مع الدول الأخرى، كما أنه سيسمح للآخرين بمقاضاة الولايات المتحدة الأمريكية والمسؤولين فيها، وقد يؤدي إلى قوانين أيضًا انتقامية، تستهدف المواطنين والشركات الأمريكية.
وسيذهب القانون في المرحلة الثانية عقب إقرار التشريع إلى البيت الأبيض للحصول على توقيع الرئيس الأمريكي باراك أوباما؛ ليدخل حيز التنفيذ، إلا أن الإدارة الأمريكية أكدت مجددًا أنها ستعارض القانون.
وأكد مسؤول في البيت الأبيض قبل إقرار التشريع أن موقف الإدارة الأمريكية ثابت، ولن يتغير بشأن استخدام الفيتو الرئاسي ضد هذا القرار.
براءات متتالية للسعودية من أحداث سبتمبر
وطالبت السعودية قبل سنوات بضرورة الكشف عن الأدلة المزعومة بتورطها إلا أن جميع الوقائع كانت تثبت براءتها من هذه الجريمة، ولم تتمكن الجهات المعادية ومافيات التعويضات طيلة السنوات الماضية من إثبات دليل واحد يثبت تورطها.
وخلال العام الجاري صدرت شهادات براءة عدة للسعودية، قدمها كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية، منها شهادة المسؤولَيْن اللذين قادا التحقيقات الرسمية في هجمات 11 سبتمبر، وهما حاكم ولاية نيوجيرسي السابق توم كين، وعضو مجلس النواب السابق لي هاميلتون، وأصدرا بيانًا في مطلع شهر إبريل الماضي، أكدا فيه أن التحقيقات المتتالية والفحوصات الدقيقة لم تتمكن من العثور على دليل واحد ضد الرياض.
وفي يونيو الماضي أكد جون برينان، مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) ، عدم وجود أي علاقات للسعودية بأحداث 11 سبتمبر، مؤكدًا أن الـ 28 صفحة التي تخص تحقيقات الكونجرس تُبرِّئ السعودية تمامًا.
وأضاف مدير الاستخبارات الأمريكية: "إن ما يسمى بالـ 28 صفحة هي جزء من تحقيق نُشر عام 2002 بعد هجمات 11 سبتمبر، وكانت مراجعة أولية من أجل وضع صورة كاملة، وجمع المعلومات لكشف من كان وراء هذه الهجمات، وبعد ذلك قام المحققون بالتدقيق في مزاعم كاذبة، تشير إلى أن الحكومة السعودية ضالعة، واتضح لاحقًا - حسب نتائج التقرير - أنه لا توجد أية أدلة تشير إلى تورط الحكومة السعودية كدولة أو مؤسسة أو حتى مسؤولين سعوديين في اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر".
وسبق ذلك أيضًا، وبالتحديد في 12 يونيو عام 2015، صدور تقرير من وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA ، جاء فيه: "الفريق لم يعثر على أي دليل يثبت أن الحكومة السعودية أو أحد أفرادها له علاقة بهجمات سبتمبر أو بالإرهابيين".
كما رفضت محاكم الاستئناف الأمريكية في أعوام 2006 و 2008 و2015 دعاوى قضائية ضد السعودية في الموضوع ذاته، وجاء في حيثيات الرفض أنه لا وجود لأي أدلة موضوعية على الاتهامات الموجَّهة ضد السعودية.
الـ 28 صفحة تثبت براءة السعودية رسميًّا
وفي منتصف شهر يونيو من العام الجاري أثبتت الولايات المتحدة الأمريكية رسميًّا براءة السعودية من جريمة سبتمبر، وأفرجت عن الـ 28 صفحة المزعومة، التي جاء فيها: "لا دليل على أن الحكومة السعودية كمؤسسة أو أن كبار مسؤولين سعوديين قاموا بشكل فردى بتمويل القاعدة".
وأكدت ذلك في ذات يوم صدور تقرير المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست في مؤتمر صحفي، بأن المزاعم حول تورط السعودية غير صحيحة إطلاقًا، وكل الأدلة تثبت عدم وجود أي علاقة للسعوديين بهذه الأحداث.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحفي تعليقًا على هذا التقرير: "نأمل بأنه بالإفراج عن هذه الوثيقة سوف تنتهي الافتراءات التي وُجّهت ضد السعودية لـ14 عامًا، ونأمل بأننا سوف نمضي للأمام بشكل تعاوني حتى نلاحق الأشخاص والأموال والعقليات التي تمثل تهديدًا لشعبكم وشعبنا".
وأضاف الوزير: "إن جريمة الحادي عشر من سبتمبر ربما تُعَدُّ أكثر جريمة تم التحقيق فيها في التاريخ؛ فمن غير الواقعي تمامًا أن يظن أحدهم أنه لم يتم تعقب أي دليل".
صدور حكم أمريكي بإدانة إيران وأدلة تورطها
في شهر مارس من العام الجاري أصدرت محكمة في نيويورك قرارًا، يدين إيران لتورطها بهجمات 11 سبتمبر 2001، كما يقضي بتغريمها بصرف 10.5 مليار دولار لأسر الضحايا الذين قُتلوا في تلك الهجمات.
وأصدر القاضي جوج دانيلز حكمًا غيابيًّا، يغرّم فيه إيران بـ 7.5 مليار دولار لشركات التأمين وعائلات الضحايا، إضافة إلى 3 مليارات دولار لشركات التأمين والأضرار في الممتلكات والتسبب في التوقف عن العمل ودواعٍ أخرى.
وأكد القاضي دانيلز أن "إيران عاجزة عن إثبات براءتها في مساعدة الإرهابيين بالقيام بتلك العملية الإرهابية".
وتكشف الوثائق التي اعتمد فيها القاضي على الحكم أن طهران سهلت انتقال عناصر تنظيم "القاعدة" إلى معسكرات التدريب في أفغانستان، إضافة إلى أن المستندات كشفت أن بعض الذين نفذوا الهجمات زاروا إيران خلال الفترة القصيرة التي سبقت 9 / 11، ولم تحمل جوازات سفرهم ختم الدخول إلى الأراضي الإيرانية، كما أن حزب الله الذي تموله إيران قدم مساعدات وتوجيهات للإرهابيين.
وعثرت السلطات الأمريكية على أدلة تورط المخابرات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، إضافة إلى شخصيات إيرانية، منهم المرشد الإيراني علي خامنئي ووزير المخابرات علي فلاحيان ونائب قائد الحرس الثوري والعميد محمد باقر ذو القدر.
إضافة إلى ذلك، كشفت المعلومات الاستخباراتية الأمريكية الموثقة عن إقامة عدد من الإرهابيين وقادة من تنظيم القاعدة لفترات سبقت أحداث 11 سبتمبر وبعدها في مدن إيرانية عدة، وتلقوا تسهيلات من قِبل مسؤولين إيرانيين.
مافيا التعويضات لابتزاز السعودية
زجت مافيا التعويضات في أمريكا باسم السعودية في أحداث 11 سبتمبر لابتزازها ماليًّا، ولعب اللوبي الإيراني والإسرائيلي دور المحرض لهذه المافيات.
وتتكون تلك المافيا من وسائل إعلام ومحامين وأسر ضحايا، وهدفها إلصاق التهمة بالسعودية؛ للحصول على تعويضات بمليارات الدولارات، متهمين شخصيات وبنوكًا سعودية وجمعيات خيرية إسلامية بتمويل تنظيم "القاعدة" الإرهابي؛ لتنفيذ عمليات 11 سبتمبر.
وكشفت بعض المعلومات أن اللوبي الإسرائيلي والإيراني في أمريكا يقوم بتحريض هذه المافيات وأسر الضحايا؛ لابتزاز الرياض بمليارات الدولارات، والإضرار بالعلاقات "السعودية - الأمريكية".
ويعاد إحياء هذا الملف مجددًا بعد أن فشلت كل الدعاوى والاتهامات في إثبات أي علاقة للسعودية بأحداث 11 سبتمبر منذ عام 2001 حتى الآن، ورفض القضاء الأمريكي إدانة السعودية في الأحداث عقب أن كشفت جميع التحقيقات الأمريكية أن التهم باطلة، ولا تعد سوى محاولات للابتزاز لكسب المال.