بالصور.. كشف حقيقة "وادرين" بين بلغاريا وتبوك

القلعة الإسلامية التي وضعت 10 دول أوروبية في مرماها
بالصور.. كشف حقيقة "وادرين" بين بلغاريا وتبوك

تصوير: عبدالملك سرور: هي القلعة الأسطورية التي تشرف على 10 دول أوروبية، وكان يسميها حينئذ الأتراك "كالي فلف"، وتعني بالعربية (القلعة المحبس)، وهي التي أوقفت الإمدادات والتجارة لأكثر من 50 مليون أوروبي عبر نهر الدانوب الذي يلقب بنهر العواصم الأوروبية؛ لكونه يمر في فيينا وبراتيسلافا وبودابست وبلغراد. والنهر يتكون من التقاء نهرين، هما بريج وبريجش، ويسير لمسافة 2860 كم.

 

وبعد سيطرة العثمانيين عليها بعد فتحهم بلغاريا أوقفت السفن العابرة من وإلى 10 دول أوروبية، هي (ألمانيا والنمسا وسلوفاكيا والمجر وكرواتيا وصربيا ورومانيا وبلغاريا ومولدافيا وأوكرانيا). وعلى بعد 450 كم من صوفيا العاصمة البلغارية تستقبلك أسوار عالية من مسافة 3كيلومترات عندما تقترب من قلعة العجوز "فيدا" في مدينة فيدين ببلغاريا على نهر الدانوب، الذي يجمع بين أكبر 7 دول أوروبية. وعبر التغييرات اللغوية تغير اسمها إلى قلعة "ويدا"، ثم "وادريا"، ثم استقر الحال منذ 500 عام على قلعة "وادرين" بمدينة ويدين أو فيدين كما ينطقها البلغار.

 

بداية القصة

 

منذ ما يقرب من ألف سنة ميلادية بُنيت القلعة وسط مدينة "بونونيا" السلافية، وهي قديمة للغاية، وكان يتحكم فيها تجار البضائع بين دول أوروبا، وقد عاش فيها آخر ملك لبلغاريا إيفان سراتسيمي قبل سقوط بلغاريا تحت السيطرة العثمانية.

 

أسطورة "وادرين "

 

تحدث إلينا المرشد السياحي المصاحب لنا في جولتنا في قلعة وادرين، وقال: هذه القلعة يحكى عنها أنها مثال للأخوَّة الصادقة بين ثلاث بنات بلغاريات لأكبر تجار المدينة، هن "فيدا" والوسطى "كوالا" والصغيرة "غمزا". عندما رأت انهيار زواج أختيها رفضت هي الزواج، ووهبت حياتها للفقراء، ووضعت كل أموالها في بناء القلعة، وبقيت فيها حتى أصبحت عجوزًا، وسميت المدينة باسمها تخليدًا لذكراها. ولاحظنا أن كل الآثار والقلاع تحوم حولها العديد من القصص الأسطورية وغير المتأكد من حقيقتها؛ لعدم وجود وثائق تاريخية تؤكد أو تنفي تلك الروايات.

 

الفتح والسيطرة

 

فتح العثمانيون بلغاريا عام 1396 ميلاديًّا، وأصبحت بلغاريا تحت الحكم العثماني، ووصل العثمانيون إلى أطراف الدانوب، وسيطروا على طريق التجارة الذي كان يربط بين أكبر 7 دول أوروبية، منها ألمانيا وفرنسا. وتمركز العثمانيون في قلعة "وادرين"، واتخذ العثمانيون من قلعتها مركزًا لاستقبال الأسرى نظرًا لموقعها الاستراتيجي على ضفة نهر الدانوب. وتغطي مساحتها 60 ألف متر مربع. والحقيقة التاريخية تثبت أن القلعة كانت مساحتها لا تزيد على 20 ألف متر، وزاد البناء فيها العثمانيون، وأضافوا مستودعات للطعام والمعدات الحربية، فضلاً عن غرف للحرس ومسجد للصلاة. واستطاع العثمانيون من خلال السيطرة على تلك القلعة أن يسيطروا على أكبر أنهار أوروبا وتجارتها.

 

وعندما تزور القلعة الآن تجدها محاصره بالأشجار والبحيرات، وهي بالأساس خندق كان يتم ملؤه في القِدَم بماء من نهر الدانوب. كما يعجبك للغاية قُطْر الأسوار التي تبلغ مترين. أما الجسر الصخري الكبير  فقد كان متحركًا. وكانت لقلعة وادرين تسعة أبراج ركنية وبينية، وكان في أعلى الأسوار والأبراج فتحات للرمي بالسهام من قِبل الجنود العثمانيين.

 

 الآن انحصرت الأبراج إلى اثنين، هما الشمالي والشرقي. كما أن هناك سجنًا في القلعة، يمكن فيه رؤية أدوات للتعذيب، هي الخازوق والمعصرة وحلقات الضرب المعدنية. وعند زيارة المكان تجد تمثالين يمثلان جلادًا وسجينًا، يلفتان النظر لالتقاط الصور. كما يثيرك للغاية منظر غريب؛ إذ تقف الأسر البلغارية لتدخل من باب في سور القلعة الجنوبي المتجه مباشرة إلى نهر الدانوب، وينزل فيه الأشخاص والكلاب؛ ليقوموا بالاستحمام معًا في مياه النهر. ومنظر آخر غريب؛ إذ يوجد على الساحة العلوية للقلعة ساحة كبرى، يقوم فيها البلغار الآن بالتسطح لأخذ ما يسمونه بالحمام الشمسي. وهي عادات جديدة، أضحت تقع في كبرى قلاع الدانوب.

 

ديكور عالمي

 

تضع هوليوود قلعة وادرين ضمن المواقع الأولى للتصوير التاريخي والوثائقي بل البوليسي والحربي؛ فهي من كبرى القلاع الحربية في أوروبا ممثلة في التحصينات القروسطية التي نجت من تأثير الزمن المدمر. كما يوجد أيضًا المسرح الصيفي لمدينة فيدن حيث تجرى الحفلات والعروض وغيرها.

 

وادرين تبوك

 

يعتقد الكثير من أهل الخليج، خاصة الكويت والسعودية، وكذلك الأردن، أن قلعة وادرين توجد في تبوك. وكشفت هيئة السياحة والتراث الوطني عن حقيقة عدم وجود قلعة وادرين المسماة باسم قلعة وادرين نفسه بمدينة فيدين البلغارية.

 

وانتشر لفظ قلعة "وادرين" كمثل شعبي، انتشر في السعودية والكويت مرتبطًا بالأحداث التي وقعت أثناء وجود العثمانيين في الجزيرة وإقامة خط سكك حديد الحجاز، وأنواع الحجز على الأشخاص واعتقالهم في السجون، ومنها قلعة تبوك. وبالأساس هي عبارة عن محطة للسكة الحديد ومركز لنقل العتاد والسلاح والجنود؛ فكانت تعتبر إحدى نقاط التجميع لأسرى الجزيرة العربية؛ لنقلهم إلى الدول العثمانية.

 

حسبت التوثيق، فإن القلعة في تبوك بُنيت عام 1559 ميلاديًّا، وجُددت مع أول خط سكك حديد في الحجاز 1906. وانتشرت الروايات والأساطير أيضًا حول قلعة وادرين بتبوك.
وتتشابه مهمات القلعة في تبوك بمهمات القلعة في بلغاريا؛ إذ كانتا مركزًا لنقل العتاد والسلاح والجنود والأسرى بين مراكز وميادين القتال.

 

وهنا كشفت "سبق" عن وادرين الحقيقية، وهي تقع أساسًا في مدينة فيدين ببلغاريا. أما ما تقع في تبوك فهي مركز حربي عثماني، وتتشابهان في الأهداف والمهمات دون الأسماء. ولعل كثيرًا من الأمثال الشعبية يجب علينا مراجعتها؛ حتى لا تُخلط الأمور والتفسيرات.

#سبق_في_البلقان برعاية "روكو" للأدوات المدرسية والمكتبية
#سبق_في_البلقان برعاية "روكو" للأدوات المدرسية والمكتبية

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org