قصص مفرحة وأخرى محزنة وحكايات لم تخل من الشقاء والتعب والحرمان، تلك هي ذكريات النواخذة والبحارة حين اجتمعوا من كل دول مجلس التعاون الخليجي، وأخذوا يسترجعون زمن "الدشة" ورحلات الغوص والبحث عن اللؤلؤ خلال مشاركتهم في مهرجان الساحل الشرقي للتراث البحري في نسخته الخامسة، الذي افتتحه الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة في الواجهة البحرية بالدمام، والذي يستمر 10 أيام، وبرعاية "سبق" إلكترونياً.
وحين يتحدث البحارة بمصطلحات مهنتهم، يكاد المستمع أن يفهم شيئاً منها، وذلك لتنوع طرق الصيد ومسمياتها واختلاف المراكب ووجود الكثير من الأدوات التي تستخدم للصيد والكثير من معدات المراكب وحتى أسماء المهن التي قد نسمع بها ولا نعرف طبيعتها.
ويوضح المشرف على البحارة بمهرجان الساحل الشرقي والمتخصص في التراث البحري خليفة بن راشد العميري أنَّ مهرجان الساحل الشرقي يجمع بحارة محترفين من جميع دول الخليج العربي، مشيراً إلى أنَّ البحارة الذين يشاركون في العروض البحرية في المهرجان يبلغ عددهم ما يقارب 240 بحاراً بمراكب كبيرة وقوارب التجديف التي يصل عددها إلى 40 مركباً منها خمسة قوارب تجديف يقود كل قارب 10 من البحارة، فيما يصل عدد البحارة المشاركين على المراكب إلى سبعة من البحارة على كل مركب.
ويشير العميري إلى أن البحارة في دول الخليج العربي يتفقون في كل شيء يتعلق بدشة البحر والصيد، سواء في مسميات المراكب أو أنواع الصيد وحتى معظم الأدوات المستخدمة في الصيد أو الغوص واستخراج اللؤلؤ، كما يتفقون في وقت وزمن الدشة الطويلة إذا كانت للغوص ومواسم صيد بعض أنواع الأسماك والربيان، لافتاً إلى أن سكان الخليج في دوله الست لهم عادات متقاربة جداً، كما أن بينهم ترابطاً من النواحي الاجتماعية.
ويسرد العميري بعض أنواع الصيد منها طريقة اللفاح والتي تعتمد على سحب الخيط بواسطة الطراد الذي يتحرك ببطء ليصطاد السمك من خلال استخدام طعم طبيعي أو صناعي مجهز بخطافات معلقة في الخيط، أما طريقة طارح فتعتمد على وقوف الطراد ومن ثم الحداق.
ويضيف العميري أن من الطرق الشهيرة طريقة صيد الميدار والذي يستخدم أثناء المد ويمكن وضع 1500 سنارة في الميدار، أما القرقور والمستخدم بشكل كبير بين الصيادين فيتنوع إلى ثلاثة أنواع كل نوع له اسم وحجم خاص، ويستخدم لصيد الأسماك في الأماكن الغزيرة وأعماق البحر وتستخدم داخله عجينة كطعم للسمك، في حين تكون الشبكة التي تسحب بواسطة الطراد لصيد الربيان، مبيناً بأن الأنواع كثيرة جداً وما ذكر فهو شيء من تلك الأنواع.
ويقول العميري: "دشة البحارة للغوص تأخذ وقتاً طويلاً حيث تمتد إلى أربعة أشهر ولا تنقص عن ثلاثة أشهر، ولكل مركب عدد معين من البحارة فيما تكون الأوقات محددة للدشة ومتفق عليها بينهم".
من جانب آخر، هيأت فعاليات مهرجان الساحل الشرقي الخامس أجواء ملهمة للحرفيين والهواة الذين استقطبتهم المناظر العمرانية التراثية والبحرية، إضافة إلى الفنون الشعبية والفلكلور الثقافي.
واجتذبت أنشطة المهرجان الذي يجسد حياة الآباء والأجداد من سكان المنطقة الشرقية، العديد من الهواة في المجالات المختلفة، بعد أن خلقت بتصاميمها التراثية البحرية أجواء ملهمة.
وزاحم الهواة من المصورين والحرفيين، إضافة إلى المهتمين بالشأن التراثي الثقافي والكتاب زوار مهرجان الساحل الشرقي بنسخته الخامسة، الذي انطلق الأربعاء الماضي بحزمة من الفعاليات البحرية المتنوعة، التي جذبت بدورها الهواة المبتدئين والمحترفين لممارسة هواياتهم المختلفة.
فيما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ انطلاق فعاليات المهرجان في منتزه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الواجهة البحرية بالدمام، بالعديد من المشاركات الإبداعية، التي خلقتها أجواء المهرجان الملهمة، من صور احترافية ومقاطع فيديو مصورة، إضافة إلى الأبيات الشعربية، والكلمات النثرية التي أطلقها عدد من هواة الكتابة، كما عمل بعض المحترفين في مجال تصميم الصور والمونتاج على إعادة بث الأبيات بتصاميم مصورة من أجواء المهرجان التراثية.
وساعد مهرجان الساحل الشرقي الذي وفر في نسخته الحالية أكثر من 1850 وظيفة مؤقتة لأبناء المنطقة الشرقية، الذين شاركوا في بناء القرية والأعمال المسرحية، وتسويق وبيع المنتجات التراثية، إضافة إلى المشاركة في التنظيم وأعمال البحر، في توفير فرص تدريبية أيضاً للمحترفين والمبتدئين في مجال الحرف اليدوية من خلال الأركان المتنوعة، إضافة إلى التدريب في مجال التصوير الإبداعي والتصاميم الفنية، كما خلقت أجواء البلدة التراثية في المهرجان منافسات شبابية بين شبان المنطقة لاستخراج الزوايا الأكثر جمالية من الفعاليات المتنوعة.
وتنوعت فعاليات البلدة التراثية في مهرجان الساحل الشرقي ما بين استديو البحر والمسرح المفتوح للحياة البحرية القديمة، والفنون الشعبية المصاحبة للصيد، إضافة إلى مسابقة الغوص وصيد اللؤلؤ من الهيرات واستعراض القوارب الشراعية والأسر المنتجة والحياة اليومية، إضافة إلى سوق السمك والمتحف البحري.