بعد تعهده بالحرب على الراديكالية.. كيف ربط ترامب الإسلام بالإرهاب؟

إشادات يمينية وانتقادات ديمقراطية وإسلامية.. و"حرب": لم يقصد العقيدة
بعد تعهده بالحرب على الراديكالية.. كيف ربط ترامب الإسلام بالإرهاب؟

أثار خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئاسي حين توليه السلطة، الكثير من الانتقادات والقلق في آن واحد، حول ربطه الإرهاب والتطرف بالدين الإسلامي حصراً، وتعهده بالقضاء عليه واقتلاعه من على وجه الأرض.

وبدا أن المزعج في الخطاب والذي انتقدته مجموعات واسعة من الديموقراطيين والمسلمين في أمريكا على اختلاف توجهاتها، أنه عَمِد إلى إظهار الإرهاب متعلقاً بالدين الإسلامي دون غيره، وهو الدين الذي ينضوي تحته قرابة مليار ونصف الميار مسلم، وربما قد يكون هو الديانة الأولى في العالم من حيث الانتشار والتوسع؛ وهو ما يعني توجيه رسائل متضاربة للأمة الإسلامية.

وفي المقابل قابلت الأوساط الجمهورية الأمريكية واليمينية المتطرفة -بارتياح كبير- تسميةَ ترامب الإسلام الراديكالي، بالعدو الذي يجب القضاء عليه.

وأشاد موقع "بريتبارت" اليميني المتطرف، الذي يديره كبير المستشارين في البيت الأبيض ستيف بانون المثير للجدل، بالقول تحت عنوان عريض: الرئيس ترامب أول رئيس أمريكي يستخدم كلمة الإسلام الراديكالي في خطابه الأول أثناء حفل تنصيبه".

الكلمات المثيرة للجدل ركزت عليها "الواشنطن بوست" بالقول مع ثلاث كلمات مثيرة بارزة في الخطاب، تعهد فيها ترامب بمحاربة الإسلام الراديكالي، وهي الكلمات التي رفض الرئيس باراك أوباما استخدامها. وبحسب الصحيفة، كان باراك أوباما قد حذّر الرئيس الأمريكي ترامب والجمهوريين من استخدام هذه العبارات التي ستساعد المتطرفين على خلق انطباع بأن أمريكا تخوض حرباً ضد الإسلام.

الكاتبة والصحفية البريطانية "لوريز بوني" علّقت على حصر الإرهاب في الإسلام في خطاب ترامب، بالقول "إنه مرعب".. جاء ذلك في تغريدة لها على حسابها الشخصي؛ وذلك بحسب موقع "ذا بلازي" الإخباري، وأضاف التقرير: "واحدة من الكلمات المثيرة هي استخدام الإسلام الراديكالي في خطاب التنصيب".

وشرحت مجلة "أتلانتيك" الأمريكية خطط حكومة ترامب وإعلانها الحرب على الراديكالية الإسلامية بالقول: "دونالد ترامب قد يوجّه الجهود الأمريكية في محاربة الإرهاب في اتجاه مختلف، وقد جادل العديدُ من المعنيين بالأمن القومي بأن الولايات المتحدة في حالة حرب مع الإرهاب الإسلامي المتطرف، أو الإسلامي الراديكالي أو شيء أوسع من ذلك مثل الإسلام.

وتابع التقرير بالقول: "وقد وُصفت هذه الحرب بأنها في المقام الأول صراع أيديولوجي للحفاظ على الحضارة الغربية مثل الحروب ضد النازية والشيوعية والتي خاضها الغرب سابقاً".

وبحسب التقرير؛ فليست الحرب على المتطرفين السنة والشيعة فقط، أيضاً ينظر المعنيون في إدارة ترامب إلى أن داعش وإيران وجهان لعملة واحدة للتطرف الإسلامي".

"الإسلامو فوبيا" يردّ

من جهته رد مرصد "الإسلام فوبيا" التابع لدار الإفتاء المصرية حول هذا اللغط الموجود حول خطاب ترامب وتوجهات إدارته الجديدة بالقول: "إن اتجاهات الرأي لدى الإدارة الأمريكية الجديدة فيما يتعلق بالإسلام، تدفع المسلمين نحو بذل مزيد من الجهود الحثيثة لإيضاح الصورة الصحيحة عن الإسلام والمسلمين، ولإظهار الفرق بين الإسلام والإرهاب وبين غالبية المسلمين والجماعات الإرهابية التي حوّلت الإسلام لدين عنف وقتل".

وأوضح المرصد في تقرير له حول الإدارة الأمريكية الجديدة وموقفها من الدين الإسلامي، أن مخاوف مسلمي الولايات المتحدة تزايدت مع تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الحكم؛ خصوصاً في ظل التصريحات المعادية لهم التي صدرت عن أعضاء إدارته.

وأضاف مرصد الإسلاموفوبيا، أن هذه التصريحات التي بدأت بالدعوة إلى منع المسلمين من دخول أمريكا، مروراً بالدعوة إلى وضع قاعدة بيانات خاصة بالجالية المسلمة في أمريكا، وصولاً إلى تولي عدد من صقور الجنرالات مناصب مرموقة في إداراته ممن يقفون موقفاً متشدداً ولا يعتبرون المسلمين خطراً فقط؛ بل تهديداً وجودياً للولايات المتحدة الأمريكية.

وتابع مرصد الإفتاء، أن توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة وآراءها تجاه العالم الإسلامي تكشف عن حجم الأفكار المغلوطة فيما يتعلق بالإسلام والمسلمين، ومدى الخلط بين الإسلام الصحيح الذي ينتهجه معظم مسلمي العالم، وبين ما تُرَوّج له التنظيمات الإرهابية التي تدّعي انتماءها للإسلام.

وأشار إلى أنه على الرغم من هذه النظرة السلبية من الإدارة الأمريكية الجديدة نحو الإسلام التي يمكن أن تزيد من الموجة العدائية تجاه المسلمين في الولايات المتحدة؛ فإن هناك تصريحات إيجابية لأعضاء الإدارة تفرّق بين الإرهاب والإسلام؛ بل وترحّب بالمسلمين ذوي النوايا الحسنة الذين يضحّون بحياتهم وثرواتهم لمكافحة التهديد المتنامي للإرهاب والتطرف.

وعلى سبيل المثال؛ فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي دعا من قبلُ لمنع دخول المسلمين، واعتباره إياهم "أجانب" في الولايات المتحدة؛ فإنه أشاد بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وقدّم الشكر له ولشعبه؛ لما قدّموه من أجل "تحسين وضع العالم خلال الأعوام القليلة الماضية"؛ مؤكداً احترامه الكبير للمسلمين المحبين للسلام.

ومن جهة أخرى، تَعَهّد جون كيلي وزير الأمن القومي بالتصدي للإرهابيين قبل دخولهم الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم استهداف الأشخاص وفقاً لخلفياتهم العرقية، رافضاً إنشاء مركز لتسجيل المسلمين الأمريكيين؛ مبيناً أن الدستور الأمريكي يحمي الأقليات.

كما أن جايمس ماتيس، وزير الدفاع، هاجَمَ جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي، وامتدح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

بينما كان مايك بومبيو، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، يجاهر بتصريحاته التي ينتقد فيها المسلمين؛ إلا أنه صرّح بضرورة الفصل بين أولئك الذين يصطفون مع التطرف وبين أولئك الذين يحاربونه، مهما كان دينهم؛ فهنالك الكثير من المسلمين من أصحاب النوايا الحسنة ويحتقرون المتطرفين مثلهم في ذلك مثل أي دين آخر.

تصريحات إيجابية

ومن أبرز التصريحات الإيجابية نحو الإسلام والمسلمين، ما قاله وزير العدل جيف سيشنز "المعروف بخطاباته السياسية المناهضة للمسلمين"، في جلسة استماع خاصة أمام اللجنة القضائية بالكونجرس: إنه سيقف ضد أي سياسات تهدف إلى منع هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وهناك أيضاً ريكس تيلرسون، وزير الخارجية، الذي دعا إلى القضاء على داعش من أجل التفرغ لتنظيمات أخرى، محدداً بينها القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين؛ لأنها تنشر سمومها الأيديولوجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد مرصد الإسلامو فوبيا، أن توجهات الإدارة هذه تستدعي بذل المزيد من الجهود الحثيثة لتوضيح حقيقة الإسلام، وإظهار مدى التباين والاختلاف بين الإسلام والإرهاب، وبين المسلمين والمنظمات الإرهابية التي احتكرت الدين وحوّلته لدين عنف.

وأن هذه الصورة عن الإسلام هي صورة مغلوطة؛ لأن تلك الجماعات الإرهابية لا تمثل الإسلام؛ وإنما تمثّل نفسها وتعكس تصورها الخاطئ وفهمها المعوج للإسلام ومبادئه السمحة.

كما أن هذه التوجهات تلقي مزيداً من العبء على مسلمي أمريكا للقيام بنشر الصورة الصحيحة للإسلام، والرد على الأكاذيب والاتهامات التي تَصِمُ المسلمين بأنهم يعتنقون ديناً إرهابياً؛ وذلك بنشر إنجازاتهم وإسهاماتهم في الوطن الأمريكي؛ لإثبات أن مسلمي أمريكا هم مواطنون حقيقيون ويبذلون أقصى جهودهم في خدمة الوطن.

"توم حرب" ترامب لم يقصد الإساءة

من جانبه قال "توم حرب" مدير التحالف الأمريكي الشرق أوسطي للديمقراطية في حديث تلفزيوني: "إن ترامب لم يقصد الإسلام كعقيدة ولا هو يقصد أيضاً التيارات المعتدلة والإصلاحية؛ لكنه يقصد التيارات المتطرفة والتي تنبثق من جانبين؛ أولها تلك التي تغذّيها إيران وحزب الله، والأخرى تلك المنبثقة من أفكار جماعة الإخوان المسلمين".

ويضيف "حرب" أن تصور ترامب وإدارته؛ هو أن يكون هناك دعم وتشجيع للتيارات الإصلاحية في المنطقة العربية بشكل عام، وفي منطقة الخليج بشكل خاص؛ بهدف عزل التيارات المتطرفة؛ لكنه يقول إن المواجهة مع التنظيمات الإرهابية الواضحة مثل داعش ستظل تعتمد على القوة.

ويرى "حرب" أن سعي ترامب لدعم التيارات الإصلاحية في العالم العربي لن يبدأ من لا شيء؛ خاصة أن دول الخليج ومصر مثلاً كانت قد فتحت حواراً جاداً مع ممثلين عنه بشأن تلك النقاط خلال حملته الانتخابية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org