ستكون بوابة الدرعية على موعد من المجد والشهرة والانتشار، بعد صدور أمر ملكي كريم أمس بالموافقة على إنشاء هيئة تطوير لها. كما ستكون البوابة مقصدًا وهدفًا مباشرًا لاستثمارات القطاع الخاص، الذي يرصد حاليًا مليارات الريالات للبدء في مشاريع عملاقة، ستدر عليه أرباحًا ضخمة في فترة وجيزة.
وتعتبر "الدرعية" بوابة على التاريخ السعودي بكل ما فيه من أحداث وقصص، تختزن مسيرة المملكة العربية السعودية على مر العصور والأزمان. وللدرعية بُعدها الثقافي والتراثي والحضاري، يساعدها على ذلك موقعها الاستراتيجي؛ إذ يحدها من الشمال محافظة حريملاء، ومن الجنوب محافظة ضرما ومدينة الرياض، وبها آثار بلدة الدرعية القديمة التي كانت عاصمة السعودية الأولى قبل أن يهدمها العثماني إبراهيم باشا عام 1818 م بعد معارك ضارية مع سكانها.
وتتمتع "بوابة الدرعية" بوجود مشروع سياحي ثقافي حيوي مهم، خاص بها، يهدف إلى تطويرها. وتضم البوابة أكبر متحف إسلامي في الشرق الأوسط، وهناك أيضًا مدينة طينية، تشتمل على مكتبة الملك سلمان وأسواق ومجمعات تجارية ومطاعم ومواقع احتفالات. وتفوق مساحة مشروع هيئة تطوير بوابة الدرعية 1.5 مليون ألف متر مربع.
القطاع الخاص
ستدفع العديد من شركات القطاع الخاص حاليًا باستثمارات ضخمة لإقامة مشاريع في بوابة الدرعية. ويُنتظر أن تتجه هذه الاستثمارات إلى المشاريع السياحية والترفيهية والتراثية، التي تعزز هوية البوابة، وتحافظ على سماتها وخصوصيتها التاريخية والحضارية. وفي الوقت نفسه تترقب شركات أجنبية الفرصة السانحة لها للاستثمار في البوابة إدراكًا منها بجدوى هذه الاستثمارات في المستقبل. ولا تستبعد المصادر أن يصدر تنظيم رسمي يوضح آلية الاستثمار الأجنبي في بوابة الدرعية.
الدرعية التاريخية
حظيت الدرعية التاريخية بدعم ورعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – يحفظه الله- منذ أن كان أميرًا لمنطقة الرياض، وامتد اهتمام أمراء منطقة الرياض بها؛ لما تمثله من مكانة وطنية وتراثية وثقافية. وتتولى الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مسؤولية تنفيذ برنامج تطوير الدرعية التاريخية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وعلى رأسها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ومحافظة الدرعية، ودارة الملك عبدالعزيز.
ويسعى برنامج تطوير الدرعية التاريخية إلى جعلها نموذجًا لعمران الواحات من خلال العمل على توازن حجم التطوير مع الإمكانات البيئية في المنطقة، وفق عدد من المحددات العامة الضابطة لمراحل التخطيط والتصميم والتنفيذ، مع مراعاة جعل الإنسان محورًا رئيسًا في التنمية.
وشمل البرنامج توفير المرافق العامة التي تتضمن شبكات المياه والصرف الصحي وتصريف السيول، وتغطية احتياجات المنطقة من الإنارة والكهرباء، ورصف الطرق والممرات الخدمية والتراثية، وتنشيط الاقتصاد المحلي من خلال تهيئة فرص استثمارية، وإشراك السكان في المجالات المختلفة.
وشمل برنامج تطوير الدرعية التاريخية إعداد مجموعة من الدراسات التاريخية والأثرية والزراعية لتوفير قاعدة بيانات، يُحدَّد على ضوئها الأهداف العامة وسياسات التنفيذ والتوثيق المساحي والبصري، وتحديد آليات الحفاظ على المباني وحمايتها من أي متغيرات مناخية.
التصميم العمراني
أولى البرنامج الطرق والمرافق العامة أهمية كبرى لدعم المشاريع التطويرية والثقافية والسياحية في حدود المنطقة، وخصوصًا في حيَّيْ البجيري والطريف، مع مراعاة ملاءمة التصاميم العمرانية مع طبيعة الدرعية التاريخية، بما يشمل نوعية الأرصفة وآليات الإنارة والتشجير في الطرق الرئيسة، كطريق الإمام محمد بن سعود، وطريق الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، وميدان الملك سلمان الذي يحمل راية العلم الشهيرة، وطريق الأمير سطام، وطريق "قريوه".
وتتضمن مشاريع الطرق والمرافق العامة والخدمات بالدرعية إنشاء جسر الشيخ محمد بن عبدالوهاب المنطلق من حافة حي البجيري إلى مدخل حي الطريف، إضافة إلى توفير مساحات كافية لمواقف مركبات الزوار والعاملين في المشروع، مع تسهيل انتقالهم عبر وسائل نقل ترددي، إضافة إلى إتمام أعمال الحفر والتنقيب الأثري في موقع جامع الإمام محمد بن سعود في حي الطريف.
الأحياء التراثية
تضم الدرعية مجموعة من الأحياء التراثية المهمة، منها حي البجيري الذي تم تحويله إلى بوابة ثقافية وخدمية للدرعية عبر إنشاء وإقامة الساحات والميادين، ودعمها بالطرق والممرات الحديثة والمداخل والمواقف، بما ينسجم مع أهمية الحي الوطنية والتاريخية والثقافية. ويضم الحي مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الثقافية التي تعنى بتقديم تراث الشيخ العلمي والفكري، والاهتمام بالدراسات العقدية والدعوية المتخصصة، وخدمة الباحثين في مجالها. وتُعد من المؤسسات الثقافية الكبرى.
وهناك حي الطريف التاريخي، الذي يعد من أهم معالم الدرعية التاريخية؛ لاحتضانه المباني والقصور التاريخية، وضمه معظم المباني الإدارية في عهد الدولة السعودية الأولى.
وهناك خطط لجعل الحي موقعًا أثريًّا ومتحفيًّا، تتكامل فيه الشواهد والآثار المعمارية والبيئة الطبيعية ضمن أسس وضوابط، تعنى بمفهوم المحافظة والترميم بطريقة تمكِّن الزائر من قراءة تاريخ الموقع، ومعايشة الأحداث التي جرت عليه، واستشعار قيمته الأثرية والحضارية في إطار ثقافي ترويحي مشوق.
وتتضمن مشاريع التطوير إنشاء متحف الدرعية بقصر سلوى بحي الطريف، الذي يركز في رسالته على إظهار الجانب السياسي، وتأسيس الدولة السعودية الأولى، وتاريخ الأئمة وإنجازاتهم. ومتحف الحياة الاجتماعية الذي يعرض جوانب الحياة اليومية، والعادات والتقاليد والأدوات المستخدمة في مرحلة ازدهار الدولة السعودية الأولى. والمتحف الحربي الواقع بالقرب من قصر ثنيان بن سعود. ومتحف التجارة والمال الذي يتضمن الحالة الاقتصادية في الدرعية قديمًا، ومعالم التجارة والعملات والموازين والأوقاف. ومتحف الخيل الذي يعرِّف الزوار بالخيول العربية وطرق رعايتها.