ترامب في الرياض.. تأطير للعلاقات مع الدول الإسلامية وحلف لمواجهة الإرهاب

الزيارة ستشهد لقاءات عدة وسيشارك فيها 17 قائداً دعاهم خادم الحرمين الشريفين
ترامب في الرياض.. تأطير للعلاقات مع الدول الإسلامية وحلف لمواجهة الإرهاب
تم النشر في

 حرصت المملكة العربية السعودية على استضافة أكبر عدد من الدول الإسلامية، لحضور فعاليات القمة العربية الإسلامية، التي تستضيفها الرياض، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 21 مايو الجاري، وشملت الدعوة التي وجهتها المملكة، 17 دولة إسلامية؛ وهو ما يشير إلى أن القمة قد تشهد وضع أسس ومبادئ تُحدد ملامح العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الإسلامية، مع التأكيد من جانب ترامب، على حرص بلاده لتعزيز هذه العلاقات وتطويرها بشكل أكبر من ذي قبل، ونفي أي تلميحات بأن هناك علاقة بين انتشار الإرهاب، وبين الإسلام كديانة سماوية.

وتبحث القمة -التي تستمر ليوم واحد- العديدَ من الملفات الخاصة بالدول العربية والأوضاع في كل من اليمن وسوريا والعراق وفلسطين وليبيا؛ فضلاً عن التهديدات الإيرانية لبعض دول المنطقة، وتعزيز مختلف العلاقات العربية بالولايات المتحدة الأمريكية، وسيجري الرؤساء والملوك المشاركون في القمة العديد من اللقاءات الثنائية، التي تم الاتفاق على عقدها على هامش القمة.

توجيه 17 دعوة

ووجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- دعوات إلى 17 من قادة الدول العربية والإسلامية، لحضور القمة العربية الإسلامية الأمريكية، وتضم قائمة الدعوات: مصر، ممثلة في رئيسها عبدالفتاح السيسي، الذي أعرب عن تقديره لدعوة خادم الحرمين الشريفين للمشاركة في القمة؛ لا سيما في ضوء دقة المرحلة التي يمرّ بها الوطن العربي والتحديات المختلفة التي تواجه المنطقة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب.. كما تضم أيضاً الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، ورجب طيب أردوغان رئيس تركيا، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، والرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، والملك عبدالله بن الحسين الثاني ملك الأردن، والملك محمد السادس ملك المغرب، وإلهام حيدر علييف رئيس جمهورية أذربيجان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومحمد فؤاد معصوم الرئيس العراقي، إلى جانب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ورئيس وزراء ماليزيا محمد نجيب عبدالرزاق، ورئيسة وزراء بنجلاديش الشيخة حسينة.

أوضاع المنطقة السياسية

وتأتي القمة الإسلامية الأمريكية في أوقات صعبة للغاية، تشهدها منطقة الشرق الأوسط، في أعقاب الربيع العربي الذي انطلقت شرارته في عام 2011، وأتبعها تغيرات سياسية جذرية في المنطقة؛ أسفرت عن سقوط أنظمة عدة، وظهور منظمات إرهابية هددت السلم الدولي، وأربكت حسابات الدول؛ بما فيها الدول الكبرى التي ترى أن استقرارها جزء لا يتجزأ من استقرار منطقة الشرق الأوسط.

وتأتي السعودية ومصر وإندونيسيا على رأس الدول الإسلامية الكبرى، التي سيكون لها ثقل لا يمكن الاستهانة به خلال الفترة المقبلة، وسيدعم مشاركتها في القمة النتائجُ التي ستسفر عنها؛ فإندونيسيا أكبر دولة إسلامية من ناحية عدد السكان، وتمثل الإسلام في شرق آسيا، ومصر تمثل الإسلام الوسطي بمؤسسته الأزهرية التي نشرت الإسلام المعتدل في العالم خلال القرن الماضي؛ أما المملكة العربية السعودية فهي حاضنة للحرمين الشريفين، وتُعَد قائدة ورمزاً للعالم العربي والإسلامي.

سياسة أمريكية

وكان الرئيس الأمريكي السابق أوباما قد بدأ عهده قبل نحو 8 سنوات، بتوجيه خطاب من جامعة القاهرة لإيصال رسالة للعالمين العربي والإسلامي، وتصحيح التشوهات التي أصابت العلاقات الأمريكية معهما نتيجة لسياسة إدارة بوش الابن والمحافظين الجدد، بعد حربيْ أفغانستان والعراق، ومع انتهاء ولاية أوباما وصلت العلاقات الإسلامية الأمريكية لمرحلة متدهورة نتيجة لتصاعد اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وأوروبا، وزيادة الخلط بين الإسلام المعتدل والإرهاب، وساهم في تدهور تلك العلاقات تصاعُدُ التنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها، والتي وظّفت الدين لأغراض سياسية وكان عاملاً في صعود اليمين المتطرف بشكل غير مسبوق مثل الجبهة الوطنية في فرنسا، والتي وصلت إلى حد دعوات طرد العرب والمسلمين من أوروبا.

غلبة الواقعية السياسية

وتمثل زيارة ترامب للسعودية وعقد القمة الإسلامية فيها تحولاً مهماً في سياسة إدارة "ترامب"، وغلبة الواقعية السياسية عليها، وتفكيك الاشتباك بين الإسلام المعتدل الذي يعتنقه أكثر من 1.6 مليار نسمة، وبين التنظيمات الإرهابية التي لا يزيد عددها على عشرات الآلاف وتُشَوه صورة الإسلام، كما أن غالبية ضحاياها من المسلمين والعرب وليس من الغرب فقط؛ ولذلك تعكس القمة حتمية التعايش والتعاون بين الثقافات والأديان والحضارات؛ لأن الصدام سيكون الجميع خاسراً فيه.

بناء تحالف عالمي

وتستثمر التنظيمات الإرهابية الصدام بين الحضارات بتوظيفه وتصوير أن هناك حرباً غربية على الإسلام، إضافة إلى ذلك اقتناع الإدارة الأمريكية الجديدة بأن محاربة الإرهاب والقضاء على التنظيمات المتطرفة لن يكون إلا من خلال تعاون أمريكي- إسلامي وثيق، يقوم على الشراكة الاستراتيجية والعمل مع الدول الإسلامية الكبرى المعتدلة؛ مثل السعودية ومصر في استئصال ظاهرة الإرهاب من المنطقة؛ حيث ساهمت السعودية -عبر قيادتها للتحالف الإسلامي- في انحسار خطر الإرهاب، ونجحت مصر في مواجهة التنظيمات الإرهابية في سيناء، كما أن مشاركة زعماء 17 دولة إسلامية في القمة تساعد في بناء تحالف عالمي جديد لمواجهة الإرهاب الذي يشكل الآن المصدر الأساسي لتهديد السلم والأمن الدوليين، ويتطلب تكثيف التعاون العسكري والأمني والاستخباراتي بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية ومحاصرة الفكر المتشدد عبر تقديم خطاب ديني معتدل؛ لسحب البساط من تحت أقدام التنظيمات الإرهابية، ومنعها من تجنيد الشباب العربي والإسلامي في الغرب عبر ظاهرة ما يُعرف بالذئاب المنفردة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org