
اعترف مدبر الهجوم على السفارة السعودية بطهران وحرقها بداية العام الحالي، في شريط صوتي مسرب، بأن الاقتحام وتدمير ممتلكات السفارة وحرق المبنى جاء بضوء أخضر من الحكومة وقيادات النظام الإيراني، وهذا ما يوضح أسباب مماطلة وتسويف السلطات في محاكمة منفّذي الهجوم وإسقاط التهم عنهم في محاكم صورية.
وجاء في الشريط الذي نشرته مصادر مقربة من "الحركة الخضراء" الإيرانية المعارضة في الداخل، مكالمات ونداءات صوتية للعقل المدبر للهجوم وهو رجل الدين المتشدد حسن كرد ميهن، يوجّه من خلالها المهاجمين من أعضاء ميليشيات الباسيج والحرس الثوري، لحرق وتدمير السفارة والاستيلاء على كل الوثائق والأوراق في المكاتب.
اقتحام بضوء أخضر
كما قال "ميهن"، في إحدى المكالمات، مخاطباً أتباعه أن "الهجوم تم بضوء أخضر من الحكومة والنظام، ولهذا السبب سمحت قوى الأمن الداخلي باقتحام السفارة ولم تحرك ساكناً".
وبين التسجيل الذي نشرته قناة موقع "آمدنيوز" عبر تطبيق "تلغرام" والذي أصبح منبراً لنشطاء الحركة الخضراء، أن "كرد ميهن" كان يتحدث في بعض المكالمات والنداءات الصوتية إلى أعضاء في مؤسسة "نور معرفت" التي يترأسها، وهي من مجموعات الضغط التي تضم منتسبين من الباسيج.
تواطؤ حكومي
ووفق ما نقلته "العربية"، كان "ميهن" قد اعترف في وقت سابق بتدبيره فكرة الهجوم على السفارة والتخطيط لها وتحريضه لعناصر وصفهم بـ"أبناء حزب الله الثوريين" من الباسيج والحرس الثوري بالقيام بالمهمة، وتحدث عن "تواطؤ" مِن قِبَل حكومة "روحاني"، التي قال إنها لم تمنع الهجوم بل سهّلت مهمة المهاجمين.
وقال، في رسالة مفتوحة وجهها إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني في أغسطس الماضي: إن "تواطؤ الحكومة في قضية الاقتحام كان واضحاً؛ حيث كان بإمكانها منع المقتحمين لو أرادت ذلك"؛ موضحاً أن الشباب المهاجمين كانوا يتوقعون أن يتعرضوا للضرب من قِبَل قوى الأمن والشرطة.
يُذكر أن السلطات القضائية قد أعلنت، بعد أسبوعين، من حادث اقتحام السفارة أنها استجوبت حسن كرد ميهن؛ لاتهامه بالتحريض على الهجوم؛ لكنها لم توقفه أو تعتقله بتاتاً.
من هو "كرد ميهن"؟
ينتمي كرد ميهن، لميليشيات "أنصار حزب الله" بمدينة كرج، جنوب غربي طهران، وهي مجموعة مقربة من المرشد الأعلى، علي خامنئي، شاركت في قمع احتجاجات الانتفاضة الخضراء عام 2009 والاحتجاجات الطلابية في عام 1998.
كما كان من منظّمي الحملة الانتخابية للواء محمد باقر قاليباف، عمدة طهران الحالي، الذي رشح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 2013، ويرأس مؤسسة باسم "نور معرفت" و9 مؤسسات أخرى مقربة من جماعات ضغط وشخصيات نافذة في النظام الإيراني.
وشارك "مهين" عدة مرات في القتال بصفوف الحرس الثوري الإيراني في سوريا إلى جانب نظام الأسد، كما كان مدرباً لرياضة "جودو"، ومشرفاً على تدريبات مشتركة لفِرَق إيرانية وسورية.
محاكمات صورية
يُذكر أنه بعد عدة جلسات من المحاكمات التي وصفت بـ"الصورية"، أعلنت السلطات في 19 نوفمبر الماضي، أن محكمة موظفي الدولة في طهران أسقطت التهم عن جميع المتهمين باقتحام وتخريب وحرق السفارة.
وواجهت إيران ردود فعل سعودية وخليجية حازمة وضعتها في مأزق صعب جداً؛ خاصة بعد موجة المقاطعة العربية والإدانات الإسلامية والدولية لحادثتيْ اقتحام سفارة السعودية في طهران وقنصلية المملكة في "مشهد".