يلفت نظرك في حديقة الروضة بالرياض مشهدُ أحد المواطنين رثّ الثياب يتخذ هذه الحديقةَ مأوًى وحيدًا له، لا يقيه من حرارة الصيف سوى أشجارها المتناثرة هنا وهناك.
وفي هذا المشهد يعاني "ع. ش" -٥٣ عامًا- من مرض نفسي؛ حيث كان من المشهود لهم بالذكاء والنجاح، ولكن قبل ٣٠ عامًا حصل له حادث مع أحد زملائه أصيب على إثره بشلل بيده اليمنى، بينما زميله مات على الفور أمامه في منظر أثّر فيه تأثيرًا شديدًا أصابه بمرض نفسي.
وتروي أخته لـ"سبق" هذه التفاصيل، مشيرة إلى أن أخاها يعيش حاليًا متنقلا بين المدينة والرياض، وعندما تجلس معه تستطيع أن تكتشف أنه مريض من الوهلة الأولى، وقد جلس في مستشفى الأمراض النفسية بالطائف فترة ثم تم إخراجه لعدم خطورته.
وأضافت أن أخاها ليس لديه منزل يؤويه وهو بحاجة لمنزل يسكنه؛ حيث إنها مطلّقة ولديها ٧ أبناء وتعاني ظروفًا مادية صعبة، ناهيك عن أن منزلها بالإيجار ولا تستطيع القيام برعايته، وتأمل أن تقوم "التنمية الاجتماعية" برعايته وتوفير السكن المناسب له.
وقال المواطن "محمد القصير"، أحد المطلعين على حالته: إن المواطن الذي تحتفظ "سبق" باسمه، يسكن الحديقة منذ أكثر من شهرين، وأنه تابَعَ حالته عن قرب وبدأ بالجلوس معه للتعرف إليه، ليكتشف مع الوقت حالته وظروفه.
وبيَّن أنه يجلس يوميًّا في الحديقة وينام فيها ووضع أغراضه البسيطة بها، وقد سأل العمال الذين حول الحديقة: كيف يأكل ويشرب؟، فقالوا: إنه يحضر إليهم ويشتري الطعام بنفسه ويرفض أن يُعطى له بالمجان عند مراعاتهم لظروفه، وقال: إنه روى له أنه يعيش على راتب الضمان الاجتماعي البسيط؛ حيث يأكل ويشرب منه، ولكن عند النوم والراحة لا يجد إلا هذه الحديقة مأوى له.
ويروي عنه صاحب بسطة الشاي أنه أحد زبائنه ويراه كل يوم ويشتري منه، ويرفض أن يأخذ الشاي منه مجانًا؛ بل يحاسبه عليه، مشيرًا إلى أنه رغم غرابة أطواره إلا أنه أصبح شخصية مألوفة له.
