حين تفطن منطقة مكة المكرمة، وتبادر بوضع خطة استراتيجية للسنوات العشر القادمة، فإن ذلك ينم عن رؤية واعية استشرافًا لمستقبل بهي، وخصوصًا أن الورشة التي عُقدت الثلاثاء الماضي ركزت على محورين مهمين، هما الإنسان والمكان، مع استثمار كل الإمكانات في القطاعين الحكومي والخاص. ولأمير منطقة مكة المكرمة سمو الأمير خالد الفيصل تجلياته، سواء في إدارته لدفة إمارة مكة المكرمة بكل اقتدار، وفي مشاريعه الثقافية والحضارية، ومن بينها مؤسسة الفكر العربي التي انبثقت منها جائزة الإبداع العربي، والتي تنم عن براعة في القيادة، وحكمة في الأداء. وفي الورشة التي عُقدت لرسم خطة عشرية قادمة مع إبداء الرأي بكل شفافية في الخطة السابقة ما يؤكد أن العمل الناجح لا يأتي جزافًا أو عشوائيًّا، بل يحتاج إلى تخطيط سليم ودراسة معمقة، مع الاستفادة من كل الآراء المتعددة. وهذا الذي تم في ورشة العمل التي شارك في جلساتها نخبة يمثلون مناطق السعودية كافة؛ لتأخذ الخطة في سياقها الجوانب التي تتعلق بهموم وشجون الشباب، والخدمات التي يطمحون إلى أن تتحقق، فضلاً عن مناقشة أفضل سبل الارتقاء بالأداء الحكومي. فتسريع الخدمة، وتقديمها كما يجب، طموح يتمناه كل المواطنين، إلى جانب اهتمام الخطة ببناء المفاهيم الإيجابية لشرائح المجتمع كافة باستثمار كل وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي.. فالحضارة لا ترتقي بمبانٍ شامخة، وشوارع فسيحة، ومولات واسعة.. ما لم يتواكب مع ذلك رقي وعي الإنسان، وعلو مستوى فكره، وحسن تعامله مع كل الموجودات التي حوله. وإذ شاركت نخبة من أطياف المجتمع كافة في هذه الورشة المهمة فإن من أبرز المشكلات التي تئن منها مدينة جدة "عدم التغلب على مياه الصرف الصحي"، التي تعد أم المشاكل؛ إذ تتفرع منها مشكلات أصغر.. فهل يضع المخططون ضمن أولويات الخطة الاستراتيجية القادمة اجتثاث هذه المشكلة من جذورها؛ لتصبح تاريخًا قميئًا، أم ننتظر خطة عشرية أخرى؟