قبل أيام اشترى مواطن رقم جوال مميزًا بأربعمائة ألف ريال. وتناقلت وسائل الإعلام نشر الخبر، وقامت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليق على عملية الشراء بنوع من الإثارة والتهويل، وكأن ما فعله خارج عن سياق المألوف.. وحتى الفضوليون لم يسلم من نقدهم واتصالاتهم وعبارات عتابهم، خاصة أن الرقم تم نشره مع سياق الخبر مع صورة المشتري أثناء تسليمه الشريحة!!
ما فعله هذا المواطن/ المشتري بحُرّ ماله حق مشروع له، بل إني أتوقع أنه إن أراد بيع الرقم سيحصل على أضعاف ما تم دفعه في الرقم من ثمن؛ والسبب أن المزاد لم يعلم عنه الكثير من المقتدرين والباحثين عن التميز في الأرقام مقارنة بما لديهم من أرصدة تحمل أرقامًا بنكية فلكية؛ وبالتالي فإن ما قام به هذا المواطن نوع من أنواع الاستثمار الربحي، سواء ماديًّا في حالة البيع، أو إعلاميًّا في حالة الرغبة في الشهرة فيما لو رغب في استضافته عبر برنامج بأي من القنوات الفضائية أو الصحف المحلية..!!
علينا أن ندرك أن للناس خصوصيات ورغبات وحريات شخصية في صرف أموالهم؛ ويجب ألا نمارس عليهم دور الوصاية في كيفية عملية الاحتفاظ بها.. فمثلما نصفق لمشترٍ حصل على "ناقة" بالشيء الفلاني، أو حصان بمليون دولار، علينا أن ننظر لمن يشترى لوحة سيارة مميزة، أو رقم جوال متسلسلاً بالاعتبار ذاته، طالما لديهم السيولة الكافية والرغبة الحقيقية في ذلك..!!
كنتُ إلى وقت قريب ألوم من يفعل ذلك لجهل مني – للأسف - لكنَّ النظرة تغيرت بشكل كبير بعد أن قرأت الخبر عن شراء رقم الجوال المميز، وأدركت أن النظرة لا بد أن تختلف وتتغير؛ فمثل هذه الصفقات قد تعود على أصحابها بالفائدة والمكاسب المادية فيما لو أرادوا بيعها في المستقبل؛ ما يعني أنها تُعتبر شيكات في جيوبهم، مثلها مثل شراء سبائك من ذهب، أو أرض تجارية على شارعين..!!
كما أشرت في الأعلى، علينا القبول بشراء الآخرين ما يودون امتلاكه ما لم يتعارض مع القيم الإنسانية والأعراف والشرع الحنيف. أما إن صاحَبَ ذلك نوع من العتب وردود الفعل غير الراضية، واستمرت الحال في اللؤم والعتب كما يحدث من وقت لآخر لمواطن اشترى رقمًا أو لوحة، فالأفضل أن تصدر شركات الاتصالات قرارًا بعدم بيع الأرقام والتنازل عنها لغير أصحابها ممن صُرفت لهم، وكذا الحال بالنسبة لأرقام لوحات السيارات المميزة من قِبل إدارات المرور؛ حتى لا يجد مشترٍ اتصالاً من مجهول، يلومه على شرائه جوالاً وما قام به من تصرف دون أن يدرك أبعاد وظروف الفعل؛ فقد يدرُّ عليه أرباحًا بالملايين..!!