جهود السعودية لخدمة الإسلام واللغة العربية في شرق آسيا.. معاهد "جامعة الإمام" في إندونيسيا أنموذجًا

37​ عامًا من العمل الدؤوب على دعم رسالة الإسلام وتعليم لغة القرآن الكريم
جهود السعودية لخدمة الإسلام واللغة العربية في شرق آسيا.. معاهد "جامعة الإمام" في إندونيسيا أنموذجًا

جاكرتا (تصوير: ظافر البكري وعبدالملك سرور): يُعتبر معهد العلوم الإسلامية في إندونيسيا نموذجًا لجهود المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام، وتعليم لغة القرآن الكريم، بالدول ذات الكثافة السكانية والأكثر احتياجًا.

أهداف واضحة

المعهد الذي أُنشئ عام 1400هـ، ويتبع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، يقول عنه مديره الدكتور خالد الدهام: يُعد صورة واضحة للعلاقة القوية والتعاون الوثيق بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إندونيسيا. وانطلاقًا من أهداف جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ورسالتها يسعى معهد العلوم الإسلامية والعربية في إندونيسيا لتحقيق ذلك التعاون، وتوطيد تلك الصلة من خلال نشر العلوم الشرعية، وتعليم اللغة العربية لأبناءالمجتمع الإندونيسي والأقليات الإسلامية في جنوب شرق آسيا.

اهتمام حكومي

وأضاف: نقوم بذلك من خلال التعاون البنَّاء مع الجهات التعليمية والدوائر الحكومية والأهلية، سواء في التدريس، أو عقد الدورات واللقاءات وتبادل الخبرات في مجال تعليم اللغة العربية؛ إذ يمتلك المعهد رصيدًا جيدًا في هذا المجال، استفادت منه جهات عدة، منها الوزارات والجامعات والمعاهد والجمعيات. ولا شك أن هذا المجهود من المعهد يأتي في إطار العلاقات الطيبة بين الدولتين الشقيقتين (المملكة العربية السعودية وجمهورية إندونيسيا)، ويعكس اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - بنشر اللغة العربية والعلوم الإسلامية.

إنجازات ومتابعات

وعدَّ ما تحقق من إنجازات "بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، ثم بالتوجيه المتواصل من الجامعة، ممثلة في الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء، ووكيل الجامعة الدكتور محمد بن سعيد العلم، وعميد شؤون المعاهد في الخارج الدكتور عبد الله بن حضيض السلمي".

مواقف مشكورة

ويرى الدكتور الدهام أن دعم سفارة خادم الحرمين الشريفين بجمهورية إندونيسيا يقف وراء الكثير من النجاحات للمعهد، وهي مظلة لكل الجهات التي تقوم بأدوارها وفق أهداف المعهد؛ فالسفارة تقدم الكثير من التسهيلات لتذليل العقبات كافة التي تواجه المعهد؛ ما كان له الأثر الكبير في مساعدته على تحقيق أهدافه بكفاءة وفعالية. وقال: وأشيد هناك بسعادة السفير أسامة بن محمد الشعيبي الذي نجده دائمًا إلى جوارنا.

نبذة تاريخية

المعاهد العلمية في الخارج تتبع عمادة شؤون المعاهد في الخارج، وهي إحدى العمادات المساندة بالجامعة، وأُنشئت عام 1405هـ، وأبرز أهدافها السعي لتحقيق أهداف الجامعة، ويرتبط بها جميع المعاهد التابعة للجامعة في الخارج في: إندونيسيا وجيبوتي واليابان، وما تنشئه الجامعة من معاهد ومراكز في الخارج.

أما معهد (عنوان التقرير) فقد تأسس في شهر جمادى الأولى عام 1400 هـ، وعُهد إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض مهمة الإشراف عليه ومتابعته كغيره من المعاهد التي سبقته في كل من رأس الخيمة وموريتانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد ظل اسمه (معهد تعليم اللغة العربية) حتى عام 1406هـ، الموافق 1986م، ثم تغير إلى معهد العلوم الإسلامية والعربية.

رؤية ورسالة

وتتمثل رؤيته ورسالته في أن يصبح مركزًا متميزًا للتعليم والتدريب في تخصصات العلوم العربية والإسلامية والإدارية ونحوها، وأن يكون مؤسسة تعليمية متخصصة، تسعى من خلال كفاءاتها، ومن خلال معايير علمية دقيقة، ومنهجيات تعليم متطورة، إلى توفير برامج دراسية وتدريبية عالية الجودة قادرة على تأهيل قدرات محلية متخصصة، تمتاز برؤية شرعية صحيحة، وعلى مستوى عال من المعرفة والمهارات الأساسية في اللغة العربية والعلوم الإدارية، تسهم في الاستجابة لاحتياجات المجتمع، وتعزيز التعاون الثقافي والحضاري بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إندونيسيا.

تطوير مستمر

الدراسة بدأت منذ افتتاحه في شهر جمادى الآخرة عام 1400هـ. وقد أخذ المعهد في النمو والتوسع الرأسي والأفقي منذ افتتاحه حتى الآن. فعلى المستوى الرأسي كان عدد الدارسين في بداية إنشاء المعهد 141 طالبًا، ووصل عددهم في العام الدراسي 1436/ 1437هـ إلى 3569 طالبًا وطالبة. وكان عدد الأساتذة وقت الافتتاح خمسة مدرسين، ووصل هذا العدد في العام الدراسي 1436/ 1437هـ إلى 172 عضو هيئة تدريس ومعلمًا ومعلمة وإداريًّا.

تعاون واسع

ويشير الدكتور الدهام إلى بعض أوجه تعاون معهد العلوم الإسلامية والعربية في إندونيسيا مع الهيئات والمؤسسات التعليمية في الجزر الإندونيسية المختلفة، أو الدول المجاورة، وأبرزها التعاون مع أبرز الجامعات الحكومية (مثل المحاضرات التدريسية)، ومنها جامعة الرانيري الإسلامية وجامعة سلطان طه بمدينة جامبي في محافظة سومطرة الجنوبية، وكذلك التعاون مع وزارة الشؤون الدينية من خلال المشاركة في الندوات والمحاضرات المختلفة.

وأضاف: نعمل أيضًا على التعاون مع دور الأيتام ومعاهد اللغة الأجنبية في الصين مثلاً، ومع وزارة التعليم الوطني، ومع جمعيات خيرية، مثل مسلميآسيا الخيرية للمشاركة في تعديل مناهج تعليم العربية في المعاهد التي تشرف عليها المؤسسة. وكذلك نتعاون مع مدرسة الشرطة الإندونيسية من خلال المحاضرات التدريسية. والحقيقة، هناك مئات الجهات في هذا الجانب، يصعب ذكرها هنا.

نشاط مع الجاليات

وللمعهد نشاط رائع في التواصل مع الجالية السعودية والعربية في إندونيسيا، وتقديم ما يفيدها؛ إذ يقدِّم لها الدورات في مجال تعليم اللغة العربية والبرامج العلمية كافة، وتعليم العلوم الشرعية، والدورات التأهيلية للأئمة.. ويمكن الإشارة إلى برنامج (التعليم للجميع)؛ إذ حمل المعهد على عاتقه مهمة، من خلال وحدة خدمة المجتمع، تتمثل في إيصال رسالته التي من أجلها وضع له محل قدم في إندونيسيا قبل أكثر من ست وثلاثين سنة؛ لنشر مبادئ الإسلام وتعاليمه السمحة، وإتاحة الفرصة لتعلُّم لغة القرآن.

وعن العلاقة بين المعهد وسفارة خادم الحرمين الشريفين في إندونيسيا يقول الدكتور الدهام: تعد السفارة البيت الكبير الذي يضم جميع المكاتب التابعة للدولة خارج البلاد مهما كان ارتباطها الإداري. وقد قدمت سفارة خادم الحرمين الشريفين خلال السنوات الماضية إلى الوقت الحاضر التسهيلات كافة للمعهد، ولا تزال تقوم بدور فاعل في تذليل الصعوبات؛ ما كان له الأثر الإيجابي على المعهد في تحقيق أهدافه.

مشاركة فاعلة

وأردف: نتشارك معها في الاحتفالات والمناسبات الوطنية والرسمية كافة التي تقيمها السفارة. ومن ذلك استضافة اللقاء الأول للموفدين السعوديين الذي أقامته السفارة. وعن العلاقة بين المعهد والمؤسسات الحكومية والشعبية في المجتمع الإندونيسي يقول: يرتبط المعهد بعلاقات متميزة على المستويَيْن الرسمي والشعبي، ويحظى بقبول لدى الجميع؛ وهو ما يضاعف المسؤولية، ويتطلب استثمار هذا الاتجاه الإيجابي في التوسع وبناء استراتيجية لعمل المعهد في السنوات القادمة إن شاء الله. كما أن ذلك يتطلب المزيد من الجهود لمواجهة الحملات التنصيرية، أو التيارات التغريبية، أو الدعوات والتوجهات المخالفة، التي تتسمى باسم الإسلام، وتسعى إلى التلبيس والتدليس وإثارة الشبهات، والتغلغل في المجتمع الإندونيسي الذي ظل على مدى قرون بعيدًا عنها.

نشاط مجتمعي

مجتمعيًّا، يكثف المعهد جهوده في هذا الميدان من خلال مجالات عدة، ومن أهمها: تعليم اللغة العربية؛ إذ دأب المعهد على إقامة العديد من الدورات اللغوية المكثفة وغير المكثفة، تتراوح مدة كل منها بين أسبوعين وأربعة أشهر. وتهدف إلى تأهيل معلمي اللغة العربية والعلوم الإسلامية. وقد نفَّذ المعهد ما يقرب من خمسين دورة حتى الآن. وعلى صعيد تأهيل المعلمين أُنشئت شعبة خاصة لتأهيل المعلمين عام 1405هـ، لا تزال تخرِّج سنويًّا العديد من المؤهلين. وأُقيمت حتى الآن نحو سبعين دورة في العديد من المدن الإندونيسية لتأهيل المعلمين في المعاهد والجامعات الإندونيسية.

تعاون خارجي

أما على صعيد التعاون الخارجي فهو من الجوانب الرئيسية. وقد افتُتح حديثًا مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر، الذي يهدف إلى تعزيز وتوطيد علاقة المعهد مع الجهات كافة الرسمية والشعبية المعنية بتعليم اللغة العربية، وتعزيز التعاون والتبادل الثقافي والعلمي مع هذه الجهات.

ولعل من أبرز أوجه التعاون الخارجي: التدريس، تبادل الزيارات، الدورات التأهيلية والمحاضرات والندوات.. وخدماتنا في ذلك شملت أبرز الجامعات في إندونيسيا وجهات في خارجها، مثل الجمعية المحمدية في سنغافورة عام 1414هـ، والإدارة العامة للشؤون الدينية في ولاية جوهور في ماليزيا في عام1417هـ، ودورة تأهيل وإعداد معلمي اللغة العربية في بانكوك (تايلاند) في عام 1417هـ، وجهات مماثلة في تايلاند وأستراليا وماليزيا وبروناي دار السلام والفلبين وكوريا الجنوبية.

معاهد جديدة

ويؤكد الدكتور خالد الدهام: من أبرز الجهود التوسع مؤخرًا في افتتاح فروع للمعهد في أنحاء إندونيسيا كافة تنفيذًا لأوامر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أثناء زيارته بافتتاح ٣ معاهد تابعة لمعهد العلوم الإسلامية والعربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في جاكرتا. وقد تم - بفضل الله - افتتاح معهد سروابايا ومعهد ميدان التابعَين لمعهد العلوم الإسلامية والعربية في إندونيسيا. وقد قام الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء، وسعادة سفير خادم الحرمين الشريفين في إندونيسيا، بتدشين معهدي سروابايا وميدان. ويأتي ذلك إضافة إلى معهد العلوم العربية والإسلامية في جاكرتا، ومعهد خادم الحرمين الشريفين في باندا آتشيه.

مخرجات قوية

وهي جوانب تصب - كما أشار الدكتور أبا الخيل - في مجرى أن "الجامعة تسعى من خلال معاهدها في الخارج إلى تنمية الجوانب العلمية والاجتماعية والثقافية لدى الطلاب والطالبات، وتعمل جاهدة على مساعدتهم على الاطلاع والتكيُّف مع مستجدات العصر وقضاياه المعاصرة.. وأن الموافقة السامية الكريمة على افتتاح المعاهد الثلاثة جاءت بعد النجاح الكبير الذي حققه معهد العلوم العربية والإسلامية في جاكرتا من حيث الإقبال الكبير عليه من قِبل الطلبة الإندونيسيين، ومن حيث جودة خريجي المعهد الذين يشغلون مناصب مرموقة في إندونيسيا".

إلى ذلك، عمل المعهد - تنفيذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله - على تدشين الركن الثقافي السعودي في جامعة أحمد دحلان في منطقة جوكجاكرتا بإندونيسيا.

مراكز تعليم اللغة العربية

كما أنجز المعهد مركز تعليم اللغة العربية في جامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية، وجهَّزه بمعمل لغوي، يحتوي على ثلاثين قناة. كما تم تخريج 12056 طالبًا وطالبة ومعلمًا في مختلف البرامج التعليمية، يعمل عدد كبير منهم في المؤسسات الحكومية وفي القضاء والإدارة المحلية والجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية في مختلف الجزر الإندونيسية.

قطوف 37 عامًا

ويشير الدكتور الدهام إلى أن جهود وقطوف 37 عامًا يصعب حصرها منذ أن بدأت مسيرة المعهد على أرض إندونيسيا الشقيقة عام 1400 هـ، التي خطا المعهد فيها خطوات ثابتة في تعليم اللغة العربية والعلوم الشرعية من خلال برامجه الدراسية المتعددة، وإسهاماته الواضحة في تطوير مناهج تعليم اللغة العربية، بالتعاون الوثيق مع الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية في إندونيسيا التي استفادت منها أيضًا بعض البلاد المجاورة. كما كان للمعهد حضوره المؤثر في تلك المؤسسات. وقد تمثل ذلك في الدورات اللغوية والتربوية، والمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية، وإعداد الكتب الدراسية.

معهد الملك عبدالله في (بندا آتشيه)

ومن النماذج المميزة أيضًا، وامتدادا لجهود الجامعة، يبرز معهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية والعربية في بندا آتشيه.

"سبق" التقت أيضًا مدير المعهد، أ. راشد بن ناجي الحقباني، الذي أشار إلى أن بداية المعهد كانت في عام 1428، وفي السنة الأولى نُفذت دورات لغوية لطلاب وطالبات آتشيه. كما أقام المعهد دورات مكثفة يومية، كانت تتم من الثامنة إلى الرابعة عصرًا.

ويستذكر "الحقباني"، الذي كان من المؤسسين للمعهد، أن "البداية كانت صعبة، ولكن الناس هنا تحب تعلُّم اللغة العربية، وتحرص عليها".

وأضاف الحقباني، الذي يعد أول مدير للمعهد منذ تأسيسه: بناء على ما قررته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تتمثل أهداف المعهد في نشر العلوم العربية والإسلامية، وتعليمها، وتعزيز كفاءة المعلمين المتخصصين في اللغة العربية لغير الناطقين بها، وتزويدهم بالعلوم الشرعية.

وأضاف: بدأنا الدراسة النظامية، وتعبنا في عمل الدعاية، وتعاونا مع الإذاعة ببث مسافة 100كم، وصحيفة محلية معروفة، وعلى مستوى آتشيه كلها. والآن - والحمد لله - عدد المتقدمين تجاوز120، والاستيعاب 60 فقط. هناك 4 فصول صباحًا، ومثلها مساء، ونمنح الدبلوم بعد الثانوية لمن يأتي بالثانوية (العالية). وهناك مكافأة شهرية رمزية، مصدرها جامعة الإمام.

ويؤكد "الحقباني": أكثر المتخرجين من عندنا مرحَّب بهم في الجامعات وغيرها من الوجهات العلمية، ويُستقطبون للتدريس، وبعضهم من الجامعات. وقد أقمنا شراكة مع جامعة الرانيري؛ ليدرس طلابنا سنتين لدينا، ومثلهما في الجامعة؛ ليحصلوا على البكالوريوس.

#سبق_في_أندونيسيا برعاية "روكو" للأدوات المدرسية والمكتبية
#سبق_في_أندونيسيا برعاية "روكو" للأدوات المدرسية والمكتبية

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org