أكد خبيران دوليان متخصصان من نيوزلندا وكندا يشاركان في مؤتمر "التنمية الإدارية في ظل التحديات الاقتصادية"، الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين، وينظّمه معهد الإدارة العامة بالرياض في الـ22 من الشهر الجاري برعاية "سبق" إلكترونياً، ضرورة إشراك القطاع الخاص والقطاع غير الربحي لتقديم الخدمات العامة إلى جانب القطاع الحكومي، وأن الاقتصاد العالمي يواجه حالة غير مسبوقة من التطور الذي أحدثته التكنولوجيا.
ويقول الخبير ريتشارد وايت، المفوض التجاري الأسبق في حكومة نيوزيلندا، لـ"سبق": "التطور الذي أحدثته التكنولوجيا، أَدخل العديد من التغييرات على بنية الاقتصاد، وأتاح مساحة كبيرة لنماذج جديدة من المشاريع التي لا تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، وهو ما يحتاج إلى تطور مماثل من جانب مؤسسات القطاع العام لكي تُنافس في إطار تقديم خدمات عامة تتسم بالكفاءة والإنتاجية؛ ولهذا لجأ العديد منها إلى تبني معايير النزاهة والشفافية وغيرها من معايير الحوكمة الرشيدة".
وعن التجربة النيوزلندية، قال: "هي في بدايات المرحلة الثالثة لتطوير الإدارة العامة، وقد جرت المرحلة الأولى في أوائل القرن العشرين الذي شَهِد تطبيق النموذج البيروقراطي الكلاسيكي، والذي كان وقتها هو معيار الخدمات العامة في جميع أنحاء العالم، وقد أثبت تجربة نيوزيلندا في الإدارة العامة فعاليتها في الحَد من الفساد؛ فحتى يومنا هذا فإن نيوزيلندا تفتخر بتقديم خدمة عامة خالية من أوجه الفساد المختلفة، وتأتي نيوزيلندا بشكل دائم في صدارة مؤشرات الشفافية العالمية".
وأشار إلى أن نيوزيلندا أطلقت في الثمانينيات والتسعينيات تغييرات جذرية في القطاع العام؛ مما أدى إلى إدارة أكثر كفاءة وإنتاجية واستجابة، وتم تصنيفها من قِبَل المنظمات الدولية كنموذج يُحتذى في إصلاح القطاع العام، وشملت هذه التغييرات إدخال لوائح جديدة للتعيينات في القطاع العام ومراقبة الأداء؛ مما أعطى مساحة أكبر من لامركزية الإدارة، وإعادة هيكلة الدوائر الحكومية، وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وهو ما أطلق الإمكانات البشرية في القطاع العام وشجّع الإبداع والابتكار. وبرغم هذه الإصلاحات وسمعة نيوزيلندا باعتبارها رائدة على مستوى العالم في مجال الإدارة العامة؛ فإن نيوزيلندا -مثل العديد من الحكومات- واجهت العديد من المشاكل المعقدة في المجتمع.
أما الخبير الكندي د.روبرت تايلور، الرئيس التنفيذي لمعهد الإدارة العامة في كندا؛ فيقول لـ"سبق": "على المؤسسات الحكومية تغيير ثقافتها التنظيمية لتكون أكثر استعداداً لابتكار أساليب وضوابط جديدة في العمل الحكومي أكثر إنتاجية وإبداعاً؛ فكندا على سبيل المثال قامت بتطبيق نهج جديد لتقديم الخدمات العامة، وهذا الأسلوب يتجاوز قضية الشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ حيث إنه يتجه للاستفادة من مزايا سوق الخدمات العامة من خلال انخراط كل من القطاعين الخاص وغير الربحي في تصميم وتقديم الخدمات العامة، وخاصة فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية.
مؤكداً أنه يمكن تحسين نظام الخدمة المدنية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص وأسلوب مشاركة المنظمات غير الربحية والخاصة في الخدمات العامة؛ مما يتطلب من الحكومة أن تلعب دوراً مختلفاً؛ فهي تحتاج إلى بناء قدرات جديدة، والأخذ بهذه الأساليب الجديدة في الخدمة المدنية لإدارة الشراكات بشكل أفضل؛ على سبيل المثال عمليات التعاقد والشراء، والمطلوب منها أيضاً تغيير ثقافة منظماتها؛ بحيث تكون أفضل استعداداً لاعتماد أساليب وإجراءات جديدة ومبتكرة. وهذا يبدأ من خلال قيادات إدارية يمكن أن تمثّل نموذجاً للتغيير للأفضل.
وقال: "هناك طرق وأنظمة عديدة لضمان الكفاءة في الإنفاق العام. وهناك ضرورة للتركيز بشكل واضح ومباشر على النتائج المستهدفة. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي تبني مفهوم "التنافسية" حتى يتم اختيار أفضل مقدمي الخدمات العامة".