عاشت متوسطة قرية العشاش للبنات التابعة لمحافظة خيبر بمنطقة المدينة المنورة يوم أمس أصعب أيامها، بعد أن عمّ الحزن على معلماتها وطالباتها، وذلك بعد فقدهنّ لإحدى منسوبات المدرسة في حادث مروري أثناء قطعها ما لا يقل عن ٢٠٠ كلم قادمة من أقصى المدينة.
وودّعت المعلمة "تغريد العوفي" - رحمها الله - التي كانت تحمِل في بطنها جنينًا؛ زميلاتها اللاتي معها؛ في مركبة بها ٥ معلمات وطفلة، في رحلة مخيفة تبدأ كل صباح بنزع المقاعد الخلفية للمركبة وعنوانها: "قبّلي أطفالك وضُميهم ضمّة مودّع قبل بزوغ الشمس، وضعي يدكِ على قلبكِ، وانطلقي في رحلة لا يُعرف مُنتهاها".
رحلة الأمس على طريق "المدينة - تبوك"، لا تُعد سِوى مشاهد ليست بغريبة على المعلمات اللواتي يقطعن يوميًا مئات الكيلو مترات، بل إضافة لمشاهد دامية يتكرّر حدوثها.
تفاصيل "رحلة الموت" التي وقعت في محافظة "خيبر" لم ينتج منها وفاة واحدة فحسب، بل كانت الفقيدة تحمل في بطنها جنينًا كان يحلم أشقاؤه الخمسة بأن يُشاهدوه يومًا بينهم، قبل أن يودّع الدنيا وقد أخذ معه فلذة كبدهم، بالإضافة لإصابة رفيقات دربها بإصابات مختلفة، وبينهن طفلة صغيرة لم تتجاوز ٨ أعوام فقط، تعرّضت لإصابة بليغة؛ أُدخلت بسببها غرفة العناية المركزة في مستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة.
والمعلمات تحدثن في رسالة عبر "سبق" بالقول: "نقطع مئات الكيلو مترات كل صباح ونُحاسب على التأخير أسوةً بمن تسكن بجوار المدرسة، بدلاً من المرونة في الحضور والانصراف، الأمر الذي ولّد شحنًا نفسيًا وجسديًا لدى الكثير من المعلمات، ونتج منه حوادث دامية مع الأسف".
وأضفن: "كل وزير يقدم على الوزارة يعِدُ بحل مشكلة المغتربات، ورحلة الموت التي تبدأ قبل بزوغ الشمس وتنتهي قُبيل الغروب، إلا أن تلك الأحاديث لا تُعد سِوى تصريحات إعلامية وإبر مُخدرة يبطل مفعولها بعد حركة النقل السنوية.. فقدنا زميلتنا وجنينها، وفقدها أهلها وأطفالنا، ولا تزال الوزارة صامتة وكأن الأمر لا يعنيها.. هل ينتظرون وفاة (تغريد) أخرى؟".