أكد إمام وخطيب الجامع الكبير بخميس مشيط، "الشيخ أحمد بن محمد الحواش" على فضل الاعتكاف في رمضان، وأوضح أن من أعظم الأعمال التي يصلح الله بها القلب الاعتكاف، ولاسيما إذا استحضر المعتكف عظمة الله.
وأوصى "الحواش" المعتكف بأن يعكف بقلبه على الله وألا يعكف على جواله، ووجه رسالة للمرأة المسلمة حول اعتكافها واقتدائها بأمهات المؤمنين.
وقال الشيخ "الحواش" في رسالته عبر زاوية #رسالة_رمضانية: أوصيكم بتقوى الله وشكر الله أن بلغنا شهر التقوى تقواه كلما حرك طرف العين، فلا نعصيه طرفة عين، شكره كلما حرك نبض القلب فلا تنبض إلا بالإخلاص له في السر والعلانية، وعلامة الإخلاص إذا أغلقت الباب وخلوت به اشتد حياؤك منه وقلت من مثلي خلوت بك يا ربي وإلهي.
وأضاف: الأنفاس أغلى من الذهب والفضة والألماس، فكر وتدبر والله يجري أنفاسك فلا تضيع نفساً في حرام أو دخان أو غيبة أو نميمة أو سب أو نظرة زنا وحرام، وأعظم عمل يصلح الله به قلبك الاعتكاف الذي شرعه الله في سائر أيام وليالي العام، فكيف وأنت في شهر رمضان شهر القرآن والصبر والقيام؟!
وأردف: إذا اعتكفت فاستحضر عظمة الله وأنك خلوت بالله الذي يملك عقلك وقلبك، وعوِّد نفسك على الخلوة به فستخلو به في القبر طويلاً، وحال الجسد في القبر كحال القلب في الصدر، فوسِّعْه بالطاعة، ولا تضيِّقْه بمعصية، فقد ضاقت الدنيا بما رحبت على امرأة نتفت شعر حاجبيها، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لعن الله النامصة والمتنمصة"، فكيف بحلق اللحية وجرّ الثوب كالمرأة ما أسفل من الكعبين ففي النار وما فوق الكعبين في حق المرأة ففي النار، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ، وشياطين الجن مسلسلة فاحذروا شياطين الإنس أصحاب المسلسلات.
وتابع "الحواش": الاعتكاف في أول الشهر سنة؛ فقد اعتكفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهي سنة مهجورة ثابتة في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وآله وسلم اعتكف آخر رمضان من حياته عشرين ليلة، فهل من مشمر للجنة التي فتحت أبوابها؟ وهل من هارب من النار التي أغلقت أبوابها؟ وهل من معادٍ للشياطين التي غلت؟ وبعد، فشمروا في طلب أعلى مرتبة في الدين "مرتبة الإحسان"، فاعبدوا الله كأنكم ترونه كلما حرك طرف أعينكم لينور بصائركم.
وقال: دعوة للنساء أن يقتدين بنساء رسولنا أمهاتنا؛ فقد حافظن على الاعتكاف بالمسجد حتى توفاهن الله، ودعوة للرجال أن يعطوهن فرصة فرمضان شهر صيام ليس بشهر طعام، شهر قلب لا شهر بطن، وما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطن، ولا ملأ وعاءً خيراً من قلب، فقد عكفت مريم عليها السلام حتى أكرمها الله بكرامات الأولياء ورزقها ولداً من غير زوج ورأت جبريل وقال لها: "إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً".
ووجّه "الحواش" وصية للمعتكفين بقوله: يعكف بقلبه على الله، لا يعكف على جوال؛ فاالله معك في قبرك والجوال يُسحب منك عند قبرك، القرآن العظيم والصلاة يسبقانك لقبرك والجوال يخونك عند سكرات الموت، ولو قيل إن هذا الرمضان آخر رمضان من عمرك هل ستترك الاعتكاف؟ ولو قيل ستعطى ٦٠ مليونًا لو ختمت كالشافعي 60 ختمة في رمضان؛ ختمة في الصباح وختمة في الليل، هل ستتأخر؟.
وأضاف: ألا فسارعوا إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، اللهم اجعلنا من المتقين فلا نعصيك طرفة عين، وصلِّ اللهم وبارك وسلم على إمام المتقين وآله واجعلنا للمتقين إماماً.
وختم قائلاً "وصيتي لمن كان مهموماً من دَينٍ أثقله أو مرضٍ أقعده أن يعتكف ويلزم المسجد في أي شهر وسيرى عجباً، فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم، وها أنتم في عشر شهركم الأخيره فاختموا بخير فالعام القادم لا تدري أين أنت، فكم من أهل القبور يتمنون شهود هذه الأيام الفاضلة حيل بينهم وبين ما يشتهون وأنتم في ما تشتهون فلا تضيعوا الفرصة فسلعة الرحمن غالية، ومهما تغشّـاك التعب والفتُور فلا بُد أن تنهض مُصِرًا على التقدُم والمسارعة لأنها أيام معدُودات، حالُكَ "وعجلتُ إليك ربي لترضى" ويوم العيد يوم الجوائز والهِبَات فسارعوا إلى رب عظيم يعطي الجزيل ويغفر الذنب العظيم".