- "قروبات" مخصصة لزواج كبار الشخصيات وأخرى للزواج العادي.. والأسعار حسب نوع العروس ووظيفتها!!
- الشيخ أحمد المعبي: طبيعة المجتمع أفرزت لنا العديد من أنواع وطرق الزواج الحديثة.
- المأذون الشرعي عادل الزناري: المأذون ليس بخطّابة ومهنة "المأذونية" لها قيمتها.
- عبدالرحمن القراش: بعض الممارسين بلا دين أو رادع أخلاقي.
- مها حريري: زواج "الواتساب" واكَبَ حداثة الزمن والناس تعلقت بوسائل التواصل.
- فهد الحازمي: المسؤولية المشتركة بين جمعيات الزواج ومأذوني الأنكحة وأئمة المساجد.
أثار تزايد استخدام "الواتساب" كـ"خطّابة إلكترونية"، والزواج، وتشجيع التعدد، الكثيرَ من ردود الأفعال، والتساؤلات حول جدوى " قروبات" الزواج عبر الإنترنت، ومشاكلها، والمتعاملين بها.
فهل هناك تجاوزات شرعية وأخلاقية؟ أم أنها ممارسات تجارية مقبولة؛ برغم تزايد دخول المتطفلين والمتحايلين والمتلاعبين في هذا المجال؟ وعلى جانب آخر هناك من يرى أنها تأتي مواكبة للعصر، ووصفوها بـ"خطّابة إلكترونية" للباحثات عن الزواج، وتشجيع الرجال على التعدد، و"جمْع رأسين في الحلال" بعيداً عن مقولات مهانة وتسليع المرأة لوضعها في قائمة الانتظار؛ بهدف خفض نسبة الأرامل والعوانس والمطلقات.
مفردات العصر
من جانبها، رفضت "أم عبدالله" (مطلقة ولديها 3 أبناء) طلب المرأة للزواج عبر مجموعات "الواتساب"؛ معتبرة أنها تجرّد المرأة من حيائها، كما أنها تقلل من شأنها أمام زوجها إذا وقع الزواج بالفعل؛ حيث إنه تم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولم يتعب الرجل في الحصول على زوجته.
فيما رأت "أ. غ" (زوجة ثانية) -تحتفظ "سبق" باسمها- أنه لا مانع من تشجيع الزواج والتعدد عبر مواقع التواصل المتعددة؛ لافتة إلى أن الجوال، ومواقع التواصل تُعَد من أهم وأقرب الوسائل لدينا جميعاً؛ فلم لا نستخدمه فيما يُجدي؟! معترفة بأن زواجها جاء عبر هذه الوسائل منذ 4 سنوات، وقالت: المرأة تبحث عن الحلال، ولا مهانة في ذلك، ووجود من يوفّق رأسين في الحلال من الأمور المحمودة.
تسليع المرأة
حول ذلك قال لـ"سبق" عضو المحكّمين في السعودية الشيخ أحمد المعبي: إن أي فكرة تؤدي إلى هدف نبيل أقره الإسلام؛ فهي بالطبيعة نبيلة ولا جدال عليها؛ لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى}؛ شريطة تجنب المخاطر؛ موضحاً أن الزواج سر من أسرار الكون وله قدسيته.
ورأى -حسب وجهة نظره- أن مجموعات "الواتساب" وغيرها مما تدعو للزواج؛ فيها نوع من القلق والريبة والخوف، وهناك كثير من الأسر ترفض هذا النمط من الزواج، كما أننا لا ندري مدى مصداقية مَن يتقدم لمواقع الزواج؛ فهناك مَن يدخل المجموعة لغرض التسلية، وهناك مئات الأمثلة لفتيات وأُسَر تضرروا من هذه الأساليب.
وتابع "المعبي" قائلاً: هذا النوع من الزواج فيه مجازفة وإرخاص ومهانة للمرأة، وكأنها سلعة تعرض نفسها؛ لافتاً إلى أنه من غير الجائز أن نعرّض بناتنا لمثل هذه التجارب؛ فكل منا حريص على فلذة كبده. ولفت إلى أن طبيعة المجتمع أفرزت لنا العديد من أنواع للزواج باعتبارها مخرجات الحضارة؛ كزواج المسيار والمسفار والنهاري، والآن تطرح علينا التقنية مواقع ومجموعات لتوفيق رأسين في الحلال.
نوادر الأنكحة
أما المأذون الشرعي عادل بن أحمد الزناري؛ فرأى أن مجموعات التشجيع على الزواج عبر"الواتساب" وغيرها من الأمور الحديثة، قد يسبب مشاكل مستقبلية، وربما ينضم البعض لغرض التسلية والتعارف ونفتح بذلك باب الشر.
وفضّل أن تكون تلك المواقع التي تدعو وتشجّع على الزواج تحت مظلة وزارة العدل أو أي جهة رسمية؛ لافتاً إلى أن هناك مشروعات وجمعيات لمساعدة الشباب على الزواج؛ فلمَ لا تكون هي المسؤولة عن ذلك؟ ورأى أن من الأفضل وجود مكاتب خاصة للزواج تضمن السرّية للطرفين.
وأوضح أن أصل عمل المأذون ليس بخطّابة؛ فمهنة المأذونية لها قيمتها، وهناك مَن يقلل من قيمتها بمثل هذه الأمور السطحية؛ لافتاً إلى أن هناك الكثير من حوادث الغش والتدليس وقعت جرّاء مواقع الزواج المتعددة.. ومواقع التواصل بأنواعها المتعددة سلاح ذو حدين، وضررها أكبر من نفعها، وتفتح أبواب المخاطر على المجتمع.
ورأى "الزناري" أن تشجيع الزواج عبر مجموعات التواصل الاجتماعي يُعَد من نوادر الأنكحة المعاصرة، وأثبتت الدراسات أن نسبة فشل تلك الأشكال كبيرة جداً؛ أما موضوع التعدد فلا ننكر أن أغلب أفراد المجتمع يرفضون الفكرة، وإن كنت أرى أنه لا مانع شرعي من التعدد؛ بيْد أن طبيعة المجتمع وطبيعة المرأة ترفض ذلك، وهناك حالات نادرة تنجح في التعدد ولا ينبغي أن نقيس عليها.
مهانة وتقليل
وتَواصلت "سبق" مع المستشار الأسري عبدالرحمن القراش، الذي رأى أن التقنية طغت على كل شيء في حياتنا، وتسربت إلى مهنة الخاطبة بعض الممارسات التجارية بلا رأس مال؛ وهو ما جعل بعض الراغبين والراغبات في دخول قفص الزوجية يقعون فريسة لمواقع مشبوهة؛ مُرجعاً السبب إلى امتلاء المنازل بالفتيات اللواتي تَعَدّين الخامسة والعشرين وأصبحن في حالة من الرعب بأن يأتي سن الثلاثين وهن قابعات في جحيم العنوسة، ومن هنا تبدأ رحلة البحث عن المجهول؛ حيث تقوم بعض الأمهات بعرض بناتهن على الخاطبات وتعرض الفتيات أنفسهن ومعلوماتهن بثقة عمياء على مواقع التزويج، ويقمن بالانضمام لمجموعات "الواتساب" لتزويج العوانس.
وأرجع المستشار الأسري المشكلة إلى أن الأم والنبت لا يدركن المخاطر المترتبة على ذلك؛ حيث يعتبر بعض المتصدرين لميدان التزويج عبر الإنترنت بلا دين أو رادع أخلاقي، لا ننكر أن هناك مجموعات ومواقع محترمة ويتصدرها أمناء ولهم تاريخ؛ بيْد أن الغالب يُقلق وينتج عنه الكثير من المشاكل.
وتابع: دائماً ما تكون المعلومات المقدمة من الطرفين عبر برامج المحادثة غير صحيحة؛ إذ يحاول كل طرف تجميلَ نفسه حتى يعجب الآخر؛ فتكون العلاقة من البداية مبنية على أسس خاطئة، وتصبح الفتاة في تلك المواقع كالسلعة التي تبحث عن شارٍ، كما أن بعض الرجال الباحثين عن الفتيات من خلال التقنية يعتبرونهن رخيصات أو ذات تحرر؛ فيمكنه تطليقها أو ظلمها ومعايرتها دون أن تجد مَن ينصفها.
وقسّم "القراش" أنواع الخاطبين حسب مواصفات الفتاة؛ فهناك متخصصون في المسيار لكبار الشخصيات، وهؤلاء تكلفتهم غالية لا تقل عن 25 ألف حال الاتفاق، وهناك متخصصون في الزواج العادي لكبار الشخصيات، وتتراوح تكلفتهم من 10- 15 ألف ريال، والثالث متخصصون في الزواج العادي وهم الأكثرية تترواح تكلفتهم من 5- 10 آلاف ريال حسب نوع العروس وهل هي موظفة أم لا!
ودعا الفتيات إلى عدم اليأس من رحمة الله، وتقدير الذات، وتقدير الأهل لبناتهن؛ حتى لا تكون في نظر الآخرين سلعة تُسَوّق عبر المواقع؛ مشيراً إلى أن العنوسة ليست عيباً؛ لأن كل شيء بقضاء الله.
خطّابة إلكترونية
وعن الأسباب النفسية التي تجعل بعض النساء يلجؤون لمواقع التواصل بحثاً عن الزواج، لفتت الاستشارية النفسية مها حريري إلى أن الحاجة الفطرية لوجود شريك في ظل كل المتغيرات الحياتية دافع قوي لوجود مثل هذه "القروبات" لسد حاجات الشباب من الصبيان والفتيات؛ موضحة أن الطريقة والعرض على "الواتساب" واكبت حداثة الزمن وتعلق الأفراد بوسائل التواصل الاجتماعي المتعددة.
ورأت أن الفكرة التي قام بها بعض المآذيين حديثة ولم يعهدها المجتمع لكونه محافظاً؛ بيْد أنها نوع من الخِطبة الإلكترونية.. ورداً على مَن يعتبرون المرأة في مواقع الزواج كالسلعة، قالت "حريري": هي مَن اختارت أن تكون سلعة وتنضم لمثل هذه المجموعات، حسب طريقة تفكيرها، ولا نستطيع تغليظها؛ لأن لكل سلوك دافعاً، وقد يكون دافعاً قهرياً أجبرها على هذا السلوك؛ أما عن طلبات بعض النساء المبالغ فيها في المهور عبر مواقع الزواج، فقالت "حريري": المبالغة غير مطلوبة؛ بَيْد أن غلاء المهور يرجع إلى غلاء السلع وأمور المعيشة، وهذا يرجع للحاجات الفردية من شخص لآخر.
إطار مؤسسي قانوني
من جهته، أوضح مدير عام الجمعية الخيرية لمساعدة الشباب على الزواج والتوجيه الأسري بجدة فهد بن بنيه الحازمي، أن تجربة الجمعية الخيرية لمساعدة الشباب على الزواج والتوجيه الأسري، ترى أن موضوع التوفيق لراغبي الزواج مسؤوليته مشتركة بين جمعيات الزواج، ومأذوني الأنكحة، وأولياء أمور الفتيات، والشباب، وعُمَد الأحياء، وأئمة المساجد؛ مقترحاً تشكيل مجلس تنسيقي في كل منطقة مكوّناً من جمعيات الزواج ومأذوني الأنكحة ومراكز الأحياء؛ بحيث يكون لها مكاتب في محاكم الأحوال الشخصية لتفعيل الأدوار وتنسيقها والانطلاق بمشاريع عملية للتوفيق بين راغبي الزواج ضِمن إطار مؤسسي وقانوني، وليس عبر مواقع الإنترنت.
وطالَبَ بوجود جمعيات متخصصة فقط في توفيق الزوج؛ لما له من أهمية وضرورة؛ على أن تدير أعمالها بطرق علمية حديثة، ولا يمنع ذلك من قيام مبادرات من شيوخ القبائل وعُمَد الأحياء وأئمة المساجد للتوفيق بين راغبي الزواج.
وعن المبادرات الأخرى مثل مكاتب التوفيق الخاصة أو الخطابات، رأى "الحازمي" أن يكون هناك تنظيم وتكون تحت إشراف جهة رسمية مثل وزارة العدل أو وزارة الشؤون الإسلامية أو وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؛ من خلال جمعيات التوفيق المتخصصة أو مراكز الأحياء؛ لضمان جودة وسلامة العمل وخصوصيته وفق الضوابط الشرعية والاجتماعية والقانونية المتفق عليها.