زيارة خادم الحرمين لماليزيا.. أهداف تَحَقّقت ونجاحات تَعَزّزت

ركّزت على القضايا الإسلامية ودعمت العلاقات الأخوية بين البلدين
زيارة خادم الحرمين لماليزيا.. أهداف تَحَقّقت ونجاحات تَعَزّزت

 حققت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى ماليزيا -التي اختُتمت أمس الثلاثاء- أهدافها التي سعت إليها على كل المستويات، في مؤشر مبكر على الفوائد المرجوة من جولة خادم الحرمين الآسيوية، والتي تشمل -بجانب ماليزيا- كلاً من: إندونيسيا، والصين، واليابان، والمالديف، والأردن.

وأكد متابعون أن زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى ماليزيا، عززت الكثير من النجاحات الباهرة منذ اللحظة الأولى لها وحتى النهاية؛ إذ أشاروا إلى أن الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، كانت تستهدف تعزيز العلاقة بين السعودية وماليزيا على كل المستويات؛ وبخاصة السياسية والاقتصادية، وتأكيد التعاون بين البلدين على محاربة الإرهاب بشتى صوره، ومد جذور التعاون والشراكة في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وبحث إقامة مشاريع مشتركة، والتأكيد على دعم القضايا الإسلامية، وكل ما يخدم الدين.

وقد رحّبت ماليزيا بزيارة خادم الحرمين قبل بدئها، ووصفتها بأنها تاريخية وذات جدوى في تاريخ العلاقات بين البلدين.

وركزت الزيارة في بدايتها على الترحيب الحارّ بخادم الحرمين الشريفين؛ حيث تَزَيّنت كبرى مجمعات ومراكز العاصمة الماليزية، كوالالمبور، بصور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وعلم المملكة؛ احتفاء بزيارته.

ووصل الملك سلمان، وكان في استقباله رئيس الوزراء الماليزي محمد عبدالرزاق، ووزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين، وعدد من المسؤولين.

وبعد مراسم الاستقبال، تَوَجّه خادم الحرمين في موكب رسمي إلى مقر البرلمان الماليزي. ولدى وصوله إلى ساحة الاستقبالات الرسمية بالبرلمان، كان في استقباله ملك ماليزيا السلطان محمد الخامس. ثم عُزف السلام الملكي السعودي والوطني الماليزي. كما أطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيباً بقدومه.

وكشفت كلمات مسؤولي البلدين عن مدى ترسيخ العلاقات بين الرياض وكوالالمبور، وهي نقطة إيجابية ركّزت عليها الزيارة التي وصفها رئيس وزراء ماليزيا بـ"المهمة"، والتي من شأنها تعزيز العلاقة الأخوية الماليزية والسعودية على أساس من الثقة والاحترام المتبادلين؛ قائلاً: إنها "ستكون مثالاً للعالم الإسلامي والدول الأخرى في العالم". وقال: "نحن فخورون بهذه العلاقة؛ لأن ماليزيا والمملكة العربية السعودية تتعاونان بشكل وثيق في الحفاظ على الوئام وتوفير القيادة للأمة الإسلامية".

من جانبه، قال خادم الحرمين -يحفظه الله- في كلمته: "نود أن نُعرب لجلالتكم عن شكرنا وتقديرنا لحكومة وشعب ماليزيا الشقيق على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وعن سعادتنا بالمستوى المرموق الذي وصلت إليه العلاقات والتعاون بين بلدينا في جميع المجالات، وتطلعنا إلى الارتقاء بها وتعزيزها بما يخدم مصالحنا المشتركة، ونؤكد أن المملكة العربية السعودية تقف بكل إمكاناتها وراء القضايا الإسلامية عموماً، ونحن على استعداد دائم للمساعدة والتعاون مع بلدكم الشقيق في أي جهد أو تحرك يخدم قضايا المسلمين".

وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن المملكة تقف بكل إمكاناتها وراء القضايا الإسلامية عموماً، ومَنَح السلطانُ محمد الخامس خادمَ الحرمين "وسام التاج"، الذي يُعَد أعلى الأوسمة الماليزية.

وتُعَد ماليزيا عضواً في التحالف الإسلامي، الذي أعلنت عنه المملكة في ديسمبر عام 2015، لمحاربة "الإرهاب"، ويضم 41 بلداً.

ووقّع خادم الحرمين الشريفين في سجل الزيارات قائلاً: "يطيب لنا بمناسبة زيارتنا لمملكة ماليزيا الشقيقة أن نشكر جلالة ملك مملكة ماليزيا السلطان محمد الخامس على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، ونأمل أن تسهم نتائج الزيارة في تعميق العلاقات بين بلدينا وشعبينا الشقيقين بما يخدم تطلعاتنا ومصالحنا المشتركة، وفقنا الله لما يحبه ويرضاه".

واقتصادياً وعلى هامش الزيارة، وقّعت "أرامكو السعودية" وشركة النفط الحكومية الماليزية "بتروناس" اتفاقاً ومذكرات تفاهم جديدة، وتشمل هذه الاتفاقيات والمذكرات: التعاون في مجمع للتكرير والبتروكيماويات بطاقة 300 ألف برميل يومياً في ولاية جوهور بجنوب ماليزيا تبلغ قيمته 27 مليار دولار. وأعلنت أرامكو أن استثماراتها في مشروع مصفاة نفطية في ماليزيا بقيمة 7 مليارات دولار ستُعزز طرح أسهم شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام المقبل. وقد اتخذ قرار المشاركة بعد مناقشات بين تنفيذيين كبار من "أرامكو" و"بتروناس" الحكومية الماليزية راعية مشروع التطوير المتكامل للتكرير والبتروكيماويات.

ويشكل هذا القرار تحولاً جذرياً في حظوظ "أرامكو" في هذا المشروع، بعدما قالت مصادر في القطاع -على دراية بالموضوع- في يناير الماضي: إن "أرامكو" تعتزم التخلي عن خطط الدخول في شراكة مع "بتروناس" في المشروع.. وقالت "بتروناس" آنذاك: إنها ستمضي قُدماً على الرغم من انسحاب أرامكو، وتلعب "بتروناس" دوراً استراتيجياً في تعزيز قيمة موارد النفط والغاز في ماليزيا؛ من خلال العمليات المتكاملة في التكرير، وتجارة وتسويق النفط والمنتجات النفطية الخام محلياً ودولياً، وكذلك من خلال تصنيع وتسويق المنتجات البتروكيماوية.

ويُعرف مشروع المصفاة الماليزية التي يجرى بناؤها في ولاية جوهور جنوب ماليزيا باسم "مشروع التكرير والتطوير البتروكيميائي المدمج"، وتقوده شركة "بتروناس" التي أعلنت أن 60% من المشروع قد اكتمل، ويتوقع أن يبدأ التشغيل العام 2019.

وبموجب الاتفاق ستقوم "أرامكو" بتزويد المصفاة بما يصل إلى 70% من احتياجاتها من النفط الخام؛ بينما تشارك "بتروناس" بتوفير الغاز والكهرباء والمرافق.

وتوقعت مصادر أن تعزز "أرامكو" بهذا الاتفاق إمكاناتها واستثماراتها الخارحية قبيل طرح الأسهم المقرر العام المقبل؛ إذ تعتزم طرح 5% من إجمالي قيمتها، في أكبر طرح في العالم.

وأكد متابعون أن ثمار زيارة خادم الحرمين إلى ماليزيا، كانت ناضجة ويانعة أكثر مما تصور الجميع، كما أنها جاءت مشجّعة للقطاع الاقتصادي؛ من حيث إمكانية تعزيز العلاقات، ومد يد الشراكة مع الجانب الماليزي الذي لديه الكثير من الإمكانات الفنية والبشرية التي يمكن الاستفادة منها.

وعقد في كوالالمبور -أمس- على هامش الزيارة، منتدى الأعمال السعودي الماليزي، الذي نظّمته وزارة التجارة والاستثمار، وأكدت المملكة سعيها إلى جذب الاستثمارات النوعية وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030. وحضر المنتدى الدكتور غسان السليمان محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكبار مسؤولي وزارة التجارة الماليزية، إضافة إلى حضور أكبر 500 شركة ماليزية في مختلف القطاعات. كما حضر من الجانب السعودي عدد من رجال الأعمال، و100 شركة سعودية؛ لبحث الفرص الاستثمارية المشتركة بين الطرفين.

وأكدت المملكة أنها ستُواصل برامجها لاستقطاب الاستثمارات النوعية من الدول الشقيقة والصديقة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة لتطوير بيئة الأعمال والاستثمار وخلق الفرص المواتية لها، إضافة إلى العناية بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال؛ باعتبار أن هذا القطاع من القطاعات الواعدة لتوفير فرص عمل للمواطنين، وزيادة القيمة المضافة في الاقتصاد السعودي وفق رؤية 2030".

وتم تبادل 7 مذكرات تفاهم باستثمارات في السعودية تصل قيمتها إلى أكثر من 8 مليارات ريال؛ للتعاون في مجالات: تطوير اللقاحات، والنقل العام، والأغذية، وصيانة الطائرات، وبرمجيات وحلول إلكترونية، والأجهزة الكهربائية، إضافة إلى تنفيذ مشروعات مشتركة في الطاقة؛ الأمر الذي يدل على نمو التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وماليزيا.

وبحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ورئيس وزراء ماليزيا محمد نجيب عبدالرزاق؛ تم في قصر رئيس الوزراء الماليزي بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، التوقيعُ على أربع مذكرات تفاهم بين حكومتيْ المملكة العربية السعودية، ومملكة اتحاد ماليزيا. تتعلق مذكرة التفاهم الأولى بالتعاون في المجال التجاري والاستثماري، وتنص الاتفاقية على تشجيع القطاع الخاص بين البلدين للاستثمار وتبادل المعلومات والخبرات والتجارب، وتبادل الزيارات بين الخبراء وذوي الاختصاص، ويشجع الطرفان التعاون في المجالات التجارية والاستثمارية؛ وبخاصة: (الرعاية الصحية، التشييد، التعليم، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة). إضافة إلى حث الجهات والشركات في البلدين على المشاركة في المعارض الدولية والمتخصصة التي تهدف إلى تنمية التبادل التجاري والاستثماري؛ سواء بين أسواق البلدين أو أسواق الدول الأخرى، وتسهيل التبادل التجاري بين البلدين، والعمل على تيسير أي عائق يحول دون ذلك.

كما شهد المنتدى تقديمَ وفد المملكة المشارك للجانب الماليزي عرضاً لأهداف رؤية المملكة 2030، وعقَد الجانبان اجتماعات ثنائية بحضور شركات ماليزية كبرى قدّم خلالها تعريفاً عن الفرص الاستثمارية في المملكة، وناقشوا جذب الاستثمارات في نقاشات جانبية عبر الطاولات المستديرة في عدد من القطاعات هي: القطاعات المالية والمصرفية، والنقل واللوجستيات، والبتروكيماويات، وصناعات الأغذية، والصحة والأدوية، والقطاع السياحي، إضافة إلى سبل تعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين.

كما ناقش المشاركون أيضاً منح المستثمرين تسهيلات ومزايا؛ لتحقيق استثمارات مستدامة في المجالات المختلفة، إضافة إلى تبادل الخبرات والمعرفة الإنسانية؛ بما يحقق تنمية اقتصادية مستدامة في البلدين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org