

- مطالبات بقيام "الشؤون الاجتماعية" تنظيم عمل ومصروفات 200 جمعية خيرية ليس لها أي نتائج توعوية ملموسة في شهر رمضان
- برامج الطبخ الرمضانية على القنوات الفضائية زادت من شهية الفرد للطعام وزادت من حالة البذخ الرمضاني
- "إفطار صائم" هدفه نبيل لكن فيه هدراً كبيراً للتمور والمواد الغذائية التي توزع عند إشارات المرور يومياً ولابد من تقنينه
- المواطنة أمل السعيد: شهر رمضان له وضع مختلف.. تكثر فيه العزائم ولقاءات الأسرة وتزيد المصاريف
- الأخصائية الاجتماعية هند العماد: هناك خلط كبير بين الكرم والإسراف لدى كثير من الأسر
- أستاذ الاجتماع الدكتور سعود الضحيان: حصل تغير في الاستهلاك وظهر على المجتمع الادخار قبل شهر رمضان واختلف نمط الشراء
- الاقتصادي جمال بنون: استهلاك الأسر للمواد الغذائية في رمضان بلغ ٤٥ مليار ريال نسبة الهدر منه ٧ مليارات ريال
-المدير التنفيذي لجمعية إطعام فيصل الشوشان: ننشر ثقافة حفظ النعمة وزيادة الوعي للمساهمة الفعلية في إيقاف هدر الطعام
تكشف أرقام المبيعات التي تعلنها الأسواق، وترصدها الجمعيات الاستهلاكية أن في شهر رمضان المبارك يوجد زيادة غير مبررة في شراء المواد الغذائية، وبالرغم من تغير النمط الاستهلاكي عند الكثير من الأسر السعودية لازالت هناك أسر تربط شهر الصيام بالإسراف الزائد في شراء المأكولات ما قد يتطلب، كما يقول مختصون، الترشيد وتعزيز ثقافة الوعي والانضباط بشكل أوسع.
وتطرح "سبق" السؤال: في شهر الصيام هل زاد هدر الطعام؟
المواطنة أمل السعيد قالت لـ"سبق": شهر رمضان له وضع مختلف عن بقية الشهور حيث العزائم ولمه الأسرة، ما قد تكلف مزيداً من المصاريف، مؤكدة أن طبيعة المجتمع السعودي وثقافته اختلفت كثيرًا عن ما قبل.
وأضافت: لا ننكر أن النمط الاستهلاكي لازال موجوداً عند بعض الأسر إلا أن الوضع اختلف كثيراً عما قبل، وضربت المثل قائلة: في هذا العام تحديدًا قلصت مصروفاتي بنسبة 30 % عن العام الماضي، حتى رمضان هذا العام مختلف عما قبل بالنسبة لي.
فيما رأت الأخصائية الاجتماعية هند العماد أنه لا يوجد تغيير في ثقافة الشراء والتخزين في رمضان تحديدًا، وقالت: في ثاني يوم رمضان كان هناك عزومة للأهل والأقارب واستغربت من كم الأكل والطعام الذي قد يكفي شارع بأكمله، وعندما تحدثت وجدتهم يتكلمون عن الكرم والضيافة، لافتة أن هناك خلطاً كبيراً بين الكرم والمبالغة في الإسراف لدى كثير من الأسر .
الوعي الاستهلاكي
ومن جانبه قال لـ"سبق" الكاتب الاقتصادي جمال بنون أنه حدث تغير كبير في طبيعة الأسرة السعودية عن السنوات الماضية، وقد أبدى المجتمع السعودي كثيراً من الانضباط والوعي عند التسوق، حتى حال المبالغة في التسوق يتم التعامل معها وفق احتياجات الأسرة دون بذخ.
وأضاف: لا ننسى أن الأزمات الاقتصادية التي عاشها المجتمع السعودي خلقت نوعاً من الوعي الاستهلاكي وسيطرة على الهوس الشرائي حتى خلال شهر رمضان، وبات هناك نوع من التنظيم وحسن إدارة المواد الغذائية في الأسرة.
مؤكدًا أن هناك تقديراً واهتماماً بالنعمة عن ما قبل.
ورأى بنون أن هناك هدراً كبيراً على سبيل المثال في توزيع التمور خلال شهر رمضان، حيث اعتبر "إفطار صائم" برغم من كونه عملاً نبيلاً وله ثواب كبير بيد أنه فيه نوع عدم تقنينه، ومن المؤسف جدا أن تهدر بهذا الشكل ضارباً المثل بكمية التمور التي توزع عند إشارات المرور يومياً، حيث توزع على السيارة الواحدة عند كل إشارة التمور والمواد الغذائية، دون الحاجة إلى هذا الكم وبغض النظر عن مدى استفادة الفرد منها أوعدمه، مقترحًا أن تذهب إلى الجمعيات الخيرية ويتم توزيعها في منازل الأسر المحتاجة، وحتى لا تكون بطريقة فوضوية.
ضبط السلوك
وطالب الكاتب بفرض غرامة في المطاعم والفنادق على من يطلب ببذخ ويتركه، حتى يتم ضبط السلوك وتناول القدر الكافي لاحتياجاته، وتساءل: لماذا لا يتم الاتفاق مع المطاعم لعمل كوبونات وجبات للفقراء يساهم فيها المجتمع بأكمله دون إهانة أو إحراج لكرامة الفقير؟
وبسؤاله عن تكلفة استهلاك الأسر للمواد الغذائية خلال شهر رمضان، أجاب بنون وفق الإحصاءات تبلغ ٤٠-٤٥ مليار ريال، فيما تقدر نسب الخسائر والهدر نحو ٥-٧ مليارات ريال، وهذا يعد مبلغاً كبيراً بالنسبة للشهر الواحد، حيث هناك نحو 35% هدر من إجمالي المواد الغذائية والتمور.
ورأى أنه ينبغي على الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية أن تقوم بواجباتها بشكل كامل وتتحول إلى عمل مقنن، فليس من المعقول أن يوجد أكثر من 200 جمعية خيرية ولم يوجد لها أي نتائج ملموسة حول عدد الأسر المحتاجة ونسبتهم، في حين تنفق مبالغ كبيرة على نفسها في كبرى القاعات، أليس من الأولى أن تذهب تلك المبالغ للمحتاجين!
مطالباً بإعادة النظر في الجمعيات الغير فاعلة والمصروفات الخاصة بهم.
زيادة غير مبررة
أما أستاذ الاجتماع الدكتور سعود الضحيان فرأى أن هناك تغيراً في الاستهلاك ظهر على الشعب السعودي قبل شهر رمضان، حيث اختلف نمط الشراء عن ما قبل ولم يعد هناك ثقافة التخزين للسلع كما كان من قبل وأصبح المواطن يشتري حسب احتياجاته فقط، بيد أن الوضع يختلف بعض الشيء في رمضان فنجد زيادة غير مبررة في الاستهلاك خلال شهر رمضان، بالرغم من أنه من المفترض أن يقل الاستهلاك بنسبة 20:30 %عن الشهور الأخرى.
ونصح بتقسيم الفرد لمشترياته على نفسه وأحد الفقراء،حتى يشعر بقيمة الصيام وشهر الصيام بالتقليل الفعلي من عاداته الغذائية، بدلاً من رميها في النفايات والذي اعتبرها جريمة كبرى ومن الأمور التي تنافي الحكمة التي وضع الله من خلالها الصوم.
وأوضح أستاذ الاجتماع أنه من الصعب تغيير العادات الرمضانية فقد تحتاج إلى وقت طويل حتى يستطيع المواطن أن يتغير، مشيرًا إلى برامج الطبخ الرمضانية زادت من شهية الفرد للطعام وزادت من حالة البذخ الرمضاني،حيث تعرض عشرات الأصناف يوميًا عبر الفضائيات المختلفة، ما نتج عنه تأثير سلبي على المستهلك.
وحذر ضحيان من الهدر الموجود في المواد الغذائية المدعومة كالأرز والسكر مثلاً، حيث تتكبد الدولة الكثير من المال لدعمها، بينما نجد نسبة كبيرة من الهدر في المطاعم لتلك المواد، واسترشد بدراسة أثبتت أن نسبة الهدر في الأرز المطبوخ في المطاعم وصلت إلى 50%، متسائلاً: أليس حرامًا أن نرمي الأرز في النفايات وهناك مجتمعات لا تجد الخبز؟
حفظ النعمة
وتواصلت "سبق" مع المدير التنفيذي لجمعية إطعام فيصل الشوشان للتعرف على دور "إطعام" خلال شهر رمضان، حيث أوضح أن "إطعام" تعمل على حفظ زائد الطعام في الفنادق والمطاعم، بالإضافة إلى تنفيذ برامج وفعاليات منوعة لنشر ثقافة حفظ النعمة من خلال زيادة الوعي في المجتمع عبر العديد من الحملات التثقيفية والبرامج المنوعة.
وتستهدف إطعام خلال شهر رمضان المبارك حفظ أكثر من 200 ألف وجبة، فيما تم زيادة الطاقة التشغيلية الميدانية من خلال اتفاقية تعاون وقعتها الجمعية مع مبادرة باب رزق جميل لضخ 600 متطوعة ميدانية للمشاركة في أعمال حفظ النعمة مع إطعام، كما وقعت الجمعية 3 اتفاقيات تعاون مع بعض الفنادق الكبيرة في الخبر، حيث تساهم في حفظ زائد الطعام.
تعمل إطعام خلال رمضان على تنفيذ 29 برنامجاً تثقيفياً و 18 فاعلية بالخبر 7 بالرياض و4 بجدة، لنشر ثقافة حفظ النعمة وزيادة الوعي لدى المجتمع، حيث تحرص إطعام على خوض هذا التحدي للمساهمة الفعلية في إيقاف هدر الطعام.
ولفت الشوشان إلى أنه ينبغي أن يعلم المجتمع أن الإسراف والكرم أمران متناقضان، وهذا ما نحاول أن نوصله للمجتمع من كون الكرم خلقاً نبيلاً تعلمناه من آبائنا وأجدادنا وليس له علاقة بالإسراف الذي يعتبر مفاخرة ومزايدة على بعض العادات والتقاليد الغير سليمة.
وعن معدلات الهدر في الغذاء، أوضح الشوشان أنه في الربع الأول من عام 2017، حفظت إطعام أكثر من 731 ألف وجبة بمعدل ارتفاع 52% عن الربع الأول من العام الماضي.