سعد بن آل فريان ينعي عمّه الشيخ الراحل محمد آل فريان

قال: عُرف عنه مسابقته إلى المساجد عند الآذان
سعد بن آل فريان ينعي عمّه الشيخ الراحل محمد آل فريان

نعى المستشار وعضو الجمعية الفقهية السعودية سعد بن عبدالعزيز آل فريان، الشيخ محمد آل فريان كاتب عدل الرياض سابقاً، وقال: بالأمس القريب فقدنا شيخاً حبيباً إلينا وإلى أهل العلم والفضل ورجلاً من أغلى الرجال إلى قلبي، إنه العم والشيخ الوقور رجل الفضائل والمروءات، بعد مسيرة من العطاء والذكر الحسن. 

وأضاف: في مساء يوم الأربعاء الموافق 9 صفر 1438هـ انتقل إلى الدار الآخرة فضيلة الشيخ محمد بن صالح آل فريان - رحمه الله وسائر المسلمين- كاتب عدل الرياض سابقاً, والموت من سنن الله الكونية النازلة على جميع خلقه. ولكن شتان بين من يغادرنا وآثاره شاهدة حية على فضله, ونبل أخلاقه, وبين من يغادرنا ويكون يوم رحيله مشابهاً ليوم ميلاده, من حيث قلة نفعه ومحدودية آثاره وأياديه البيضاء، وقد جاء في الأثر:" أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس" لقد كانت نشأة الفقيد نشأة صالحة فكان لهذه البيئة ومجالسته للعلماء, ومخالطته لهم, مع ما حباه الله من رجاحة عقل وفكر ثاقب أثر بالغ في شخصيته؛ حيث ترعرع منذ نعومة أظافره على الخير والفضيلة إضافة إلى حسن صلته بولاة الأمور والمشايخ, اقتداءً بوالده ــ رحمهما الله ــ فإذا به يجمع إلى جانب ما اكتسبه من بيئته مع ما مر به من تجارب حيث عرك الحياة فتشكلت مقومات شخصيته التي صقلتها التجارب ورفدتها الخبرة, فكان يعرف كيف يوازن بين الأمور ويقدرها حق قدرها, فيحسب لها حساب الناصح الأمين فنال بذلك المنزلة الرفيعة. 

وتابع: لقد كان يحمل من الصفات الجمة التي جعلت منه ذات عمق في النظر, وموضوعية في آرائه, وفي تعامله مع الآخرين, فمن يرى أنه أهل للتقديم والتقدير قدمه؛ وتلكم خصلة ومزية لا يقدر عليها إلا حكماء الرجال الذين ينزلون الناس منازلهم, ولقد افتقدنا بعض معانيها اليوم في بعض مجالسنا مع الأسف، فتقدم من لا يستحق التقديم, وتحدث من ليس أهلاً للحديث, وسكت من هو مؤهل، وهكذا بتنا نفتقد إلى حكمة الرجال الذين يضعون الأمور في نصابها، إلا من رحم الله.

وزاد: لقد عُرف عن الشيخ ــ رحمه الله ــ مسابقته إلى المساجد عند الآذان، لينال فضل الصفوف الأولى, وقراءة القرآن وتدبره, وبذله للشفاعة، وربما يذهب بنفسه فيشفع لهذا وينفس كربة ذاك فهو في ذلك يمتثل قول جل وعلا " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها"، وقوله عليه الصلاة والسلام" اشفعوا فلتؤجروا" رواه البخاري, فهو من أدرك هذه المعاني السامية والخلق الإسلامي الرفيع إذ الشفاعة باب عظيم من أبواب الخير لا يهتدي إليها إلا من أراد الله به خيراً, فكم سعى في النفع مهما تكن الأعباء مع ثبات على المبادئ والقيم فلم يغير ولم يبدل, مع تميزه بحكمة وحسن تصرف فصدق فيه قوله جل وعلا "من يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً" فكما كان العم محباً للخير والشفاعة ومشجعاً على ذلك, كان حريصاً على الاصلاح بين الناس ونشر المودة بين المتخاصمين؛ لذا ــ نحسبه ــ وفق فيها لسلامة مقصده, ولاتزانه ورزانته, وبصيرته بأحوال الناس إضافة إلى كونه رحيماً بغير ضعف, فلذا تجده يأخذ بيد الفقراء قبل الأغنياء لعلمه بشدة حاجتهم, وقلة مناصريهم وهذا دليل على تحريه للإخلاص. 

وتابع: لعل دعوات صادقة تصعد إلى السماء من محتاج قضى له حاجته ويسر له معاملته, أو فقير ساعده أو مريض رحم ضعفه, فيكرمه ربه في نعيم الآخرة كما قال وزير أحد الخلفاء وقد رأى بعد موته عما فعل الله به؟ فقال: " لقد أكرمني ربي بدعوة الإمام سفيان بن عينية بأن يكفيه أمر آخرته كما كفاه أمر دنياه". 

وقال: من تأمل سيرة راحلنا يدرك حرصه على القيام بحقوق أقاربه ومعارفه؛ وحضور مناسباتهم الخاصة والعامة؛ لأنه يأخذ نفسه بالجد وحسن الصلة بهم ومثل هذا هو الذي يسفر عن معادن الرجال, وهذا ما جعله محط تقدير وحب الجميع. 

قال الشاعر:

وما المرء إلا ذكره بعد موته.. فكن حديثاً حسناً لمن وعى

لقد عرفته عن قرب؛ كما عرفه الكثير فنحن شهداء الله في أرضه فلا نثني على الفقيد إلا بما علمناه وسمعناه بل وعايشناه من ذكرى ندية, وسيرة حسنة. 

قال الشاعر: 

وما أثنيت إلا بعد علم.. وكم من جاهل أثنى فعابا

وأردف: في آخر حياته عندما نزل به المرض كان صابراً محتسباً ــ نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً- فنرجو أن يكون ما أصابه طهارة له لترفع درجاته وتمحو سيئاته كما قال صلى الله عليه وسلم: " أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون, ثم الأمثل فالأمثل من الناس يبتلي الرجل على حسب دينه", رواه الترمذي وصححه الألباني. 

وزاد: ها هي الجموع الكثيرة وفي مقدمتهم سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ــ حفظه الله ــ التي توافدت للصلاة على الفقيد في جامع الملك خالد بأم الحمام بمدينة الرياض, وتجلت أيضاً في تقديم العزاء على مدى أيام بداره العامرة, فكانت جنازته علامة على حياته، وعزاؤنا في وقع هذا المصاب الجلل على أهله ومحبيه تعزية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله وأيده بنصره ــ وليس ذلك بمستغرب فقد تعودنا من هذه الأسرة المالكة المباركة الوفاء في السراء والضراء فجزاه الله خير الجزاء وأوفاه وجعل ما يقدمه في موازين حسناته وحفظ على بلادنا الغالية نعمة أمنها وأمانها واستقرارها آمين. 

 وأختم بأبيات رثاء في العم رحمه الله ومنها: 
كنت يا صالحاً فينا كريماً 

ووفياً وعالياً في المقام

وصبوراً إذا اعترتك البلايا

وهماماً سيداً في الكرام

قد بكتك العيون لما رحلت

فسلام عليك يوم الختام

نم قريراً فقد شهدنا بخيـر

رحم الله مثلكم في الأنام

عند رب السماء يحلو لقانا

بين أهل الندى وأهل القيام.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org