شاهد خطف الأرواح بـ"جبال الحشر".. عناق للسحاب يحاصره ظمأ وشرايين متقطعة

"سبق" ترصد في جازان.. مبانٍ أثرية متهدمة يسكنها خوف ورعاية غائبة.. للمسمى أصل
شاهد خطف الأرواح بـ"جبال الحشر".. عناق للسحاب يحاصره ظمأ وشرايين متقطعة
تم النشر في

 في الطريق إلى جبال الحشر تلاحظ مؤشرات الموت العابر على عقباتها مختطفاً معه أرواحاً من ساكنيها وزائريها؛ إما أن يكون ذلك الموت حاضراً في سقوط من منحدر جبلي، أو حادث مروري، والسبب واحد وهو ضيق عقبات الجبال وعدم وجود حماية كافية على المنحدرات، وفي قرى أعلى الجبال إن كنت لا تملك مركبة دفع رباعي فحتماً سيكون يومك مليئاً بالمشاقّ وطلب العون.

 

وفي جبال الحشر التابعة لمحافظة الداير بني مالك شرقي منطقة جازان، عشرات القرى التي تنتظر أن تقدم لها الخدمات البلدية كالإسفلت والإنارة والمرافق العامة، أو حتى تعبيد طرقها بشكل دوري حتى تتمكن السيارات من الدخول للقرى والخروج منها؛ لوعورة الطرق وكثرة الأمطار التي تتسبب أحياناً في انهيارات الطرق الداخلية.

 

فخلال جولة "سبق" مؤخراً على جبال الحشر، أكد سكان قرى الغربي (العرين، اليمانية، حلوان، الشجعة، الجانبة، ريع، الطرف)، أن قراهم بحاجة لِلَفتة بلدية وخدمية عاجلة؛ كالإسفلت والإنارة والمتنزهات، وكذلك كل الخدمات البلدية، ويصعب على مَن يشاهد طرق قرى جبال الحشر الداخلية تصورها كطرق لمركبات يمكن استخدامها؛ ومع ذلك يضطر السكان إلى ركوب المخاطر فوق تلك الجبال.

 

وأوضح السكان: "أحياناً لا يكون أمامنا إلا السير على الأقدام وحمل أمتعتنا في فترة تقطع فيها الأمطارُ الطرقات، وبعض طرقات القرى تكون سيئة في كل أيامها، وتحتاج إلى صيانة دورية يقوم بها المواطنون أنفسهم في معظم الأوقات"؛ حيث تشير الوقائع إلى الهجرة المتزايدة ونزوح عدد من المواطنين من جبال الحشر إلى مواقع تتوفر فيها الخدمات والطرق المهيأة.

 

وما زال الطريق الرابط بين محافظة الداير وجبال الحشر يعاني من أضرار الأمطار التي شَهِدتها منطقة جازان خلال الفترات الماضية، ولم تنتهِ أعمال الصيانة في "عقبة الصلالة" التي تتسبب في مضاعفة معاناة سكان الجبل؛ لا سيما أن هذه العقبة هي الطريق الذي يربط الجبال بمحافظتهم الرئيسية، وهو أحد أهم شرايين التنقل الرئيسية بين جبال منطقة جازان وحتى عسير.

 

وأكد السكان، أن سعر الصهريج (١٢ طناً) ما بين ٣٠٠ و٥٠٠ ريال؛ وذلك لأسباب عدة؛ منها الطرق الوعرة كعقبة الصلالة، والأخرى التي تربط الحشر بمحافظة الريث شمالاً، والتي تعاني أيضاً من ضيق شديد وخطورة بالغة وشهدت حوادث مميتة، كما أن كافة صهاريج المياه لا تتمكن من الصعود؛ للوعورة الشديدة في الطرقات.

 

وبينوا، أن مركز الرعاية في المحافظة غائب وهم الموعودون به منذ زمن طويل، حسب قولهم؛ مؤكدين قيام أحد المواطنين بالتبرع بالأرض، ولها ما يقارب "عشر سنوات" وما زالت على حال لم يرضِهم، ويأتي ذلك في الوقت الذي تشكل فيه انقطاعات طرقهم هاجساً مرعباً فترة الأمطار؛ كونها تقطع طرقهم الهشة دورياً.

 

وأوضح الأهالي أن شبكات الجوال متقطعة وضعيفة، وهي الأمور التي تحدّ من العيش بأريحية واطمئنان ومن السياحة، بالإضافة إلى عدم وجود أي دور مهيئ للسياحة مع ما يزخر به الجبل من مقومات السياحة؛ حيث يوجد العديد من الأماكن الأثرية والمناظر الخلابة والطبيعة البكر.

 

وفي جبال الحشر مبانٍ أثرية كانت تسكن أيام الخوف والحروب؛ وذلك لصعوبة الوصول إليها، وهي من أهم المواقع الأثرية والتي تحكي ماضٍ لجبال الحشر، وتشترك معها عدد من الجبال المجاورة، وانهدم جزء منها وما زال الجزء الآخر يقاوم، ويترقب الأهالي أن تهتم هيئة السياحة والجهات المعنية بتلك القلاع والمباني الأثرية.

 

ويظن كثير ممن يسمعون عن جبال الحشر، أن التسمية نابعة من ارتباط تاريخي بمحشر قوم وخلافه، وقد روّج البعض لهذه القصة؛ لكن سكان الجبل الأصليين أكدوا أن تلك التسمية جاءت نسبة لأوراق نبتة الذرة؛ حيث تسمى "حشر الذرة" في اللهجة الدارجة؛ وذلك لكبر حجمها، وهذا الراجح عند أكثر كبار السن من سكان الجبل.

 

يشار إلى أنه تجري سفلتة شارع فرعي داخل الجبل الذي يربط بين بعض القرى كمدخل، والشارع العام الذي يصل بين الحشر، ومروراً بعدة قرى ومراكز وصولاً إلى الداير؛ فيما لا تزال الأعمال تتواصل بعقبة الصلالة التي تنهار بشكل متكرر مع الأمطار.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org