شذوذات توظيفية وعجائب جامعية!

شذوذات توظيفية وعجائب جامعية!

من أراد أن يتعرف على مستقبل أي بلد ما عليه إلا أن ينظر إلى جامعاتها ليرى ذلك المستقبل ماثلاً ويراه رأي العين, إذ سيمثل هؤلاء بعد سنوات قليلة واقع البلاد وحاضرها ويصنع في ذات الوقت مستقبلها.

ومن أجل هذا المستقبل المرهون بالجامعات وما تقذف به من رحمها إلى المجتمع كل عام تجد شديد العناية بها من قبل الدول التي تعتني بمستقبلها كما تعتني بحاضرها وواقعها.

هذا الاهتمام يمكن أن نتلمسه من خلال رؤيتنا للترتيب العالمي للجامعات، إذ تتبوأ الجامعات الأمريكية والأوروبية المقدمة والصدارة ولا تكاد تتنازل عنها, فيما تقبع الجامعات العربية قاع الترتيب العالمي ولا تكاد تبرحه إلا قليلاً.

دعونا ننظر إلى بعض مشكلاتنا الجامعية نظرة فاحصة متأملة, لنرى لماذا هي تتخلف عن نظيرتها الغربية, في حين أن يتوافر لها من الأسباب المادية ما قد لا يتوافر لغيرها من الجامعات الغربية والأمريكية.

في مقدمة هذه الأسباب هي المحاباة في اختيار الكادر التعليمي, وهي طامة كبرى لو تعلمون, فهي من ناحية تقصي الكفاءات التعليمية عن مكانها المناسب وتورثها حقدًا دفيناً, إذ وأدت تلك المحاباة حلمها واغتالت مشروعها.

وهي من ناحية ثانية, تصدر المتأخرين تعليميًا إلى موقع الصدارة الأكاديمية والريادة التعليمية, بل وتجعل منهم رموزًا مجتمعية وقدوات شبابية, وهم لايستاهلون شيئاً من ذلك.
ويا له من شعور مدمر حينما يرى الفائق في دراسته وتعليمه حلمه يتآكل بين يديه, ويسأل نفسه متحسراً: هذه الأحلام المشروعة بأي ذنب قتلت!! وهو إذ ذاك يرى الفشلة وقليلي الخبرة والمتأخرين علمياً في مكان الصدارة والريادة والتوجيه.
وكيف يكون شعور هذا المتخلف دراسياً وهو يعلم أن السبيل للحصول على الوظيفة المرموقة والتوجيه الأكاديمي ليس الاجتهاد والتفوق والنبوغ وإنما الرشوة والمحسوبية والدخول من الأبواب الخلفية!!

والمشكل أنها لم تعد فيما يبدو حالات فردية, أو شذوذات توظيفية, بل باتت ظاهرة مقلقة للغاية تهدد مستقبلنا التعليمي, ومستقبل بلادنا في الأجل الطويل.

فبعد فضيحة توظيف الأقارب في إحدى الجامعات, نجد إحدى كبرى الجامعات السعودية تفتح تحقيقاً حول تورط أحد الأقسام الجامعية في فبركة نتائج اختبار تحريري للمفاضلة على وظيفة معيد بعد ترشيح القسم لأربعة جامعيين في التصفية النهائية من بين أكثر من 1700 متقدم، وتسببت نتيجة الاختبار التحريري -الذي لم يختبره أحد- بحسب تأكيدات المرشحين وعدد من أعضاء هيئة التدريس وأيضاً لجنة التعيينات، في حصول المرشح الثالث على الوظيفة وحرمان الأول من حقه النظامي في الحصول عليها!!

إننا إذا أردنا أن نصنع مستقبلاً مرموقاً لبلادنا فاللبنة الأولى إنما تكون بصناعة جيل المستقبل وفق أسس علمية وقواعد أخلاقية, ومخالفة تلك القواعد وهذه الأسس يأتي على بنيان المستقبل من أساسه وأركانه... فاستقيموا يرحمكم الله.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org