طهران وتل أبيب.. عداء معلن وتطبيع خفي

آرئيل شارون مهندس العلاقات بمباركة أمريكا
طهران وتل أبيب.. عداء معلن وتطبيع خفي
تم النشر في

يخفي الخطاب العدائي المتبادل بين إيران وإسرائيل، علاقات قوية متشابكة بين طهران وتل أبيب، تمتد إلى ما قبل الثورة الإيرانية عام 1979، وحتى يومنا هذا، وتتشعب تلك العلاقات في كل المجالات، تُعززها المصالح المشتركة وتبادل المنفعة.
 
وبلغت العلاقات ذروتها في عهد آرئيل شارون رئيس وزراء إسرائيل السابق المعروف بشراسته وجبروته ضد الفلسطينيين والعرب.
 
وذكرت مصادر أن العلاقات الاقتصادية تَرَكّزت على قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة؛ حيث قام تجار إسرائيليون، بشراء المكسرات من إيران، وأدخلوها إلى إسرائيل عبر تركيا. ويقوم التجار أنفسهم بتسويق المكسرات الإيرانية في إسبانيا والبرتغال وهولندا؛ فيما ينفرد تجار إسرائيليون آخرون بتسويق السجاد الإيراني عن طريق الأردن وتركيا وقبرص.  
 
التشدق الإيراني
وبرغم تشدق الثورة الإيرانية، بالعداء لتل أبيب؛ رافعة شعار "الموت لإسرائيل" وما زالت تردده بين الحين والآخر؛ فإن الإيرانيون رأوا أن هذا لم يمنع من توثيق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وعقد الشراكات وتبادل الزيارات وإبرام الصفقات في كل المجالات؛ وهو ما دعا الكثيرين للتأكيد على أن الخطاب العدائي بين طهران وتل أبيب ما هو إلا ديكور خارجي لتجميل شكل إيران أمام العالم الإسلامي، الذي تحاول أن تظهر أمامه بأنها نموذج وقدوة للدولة الإسلامية، التي تقف مع حقوق الشعب الفلسطيني ضد العدو الإسرائيلي المغتصب للأراضي العربية؛ في حين تؤكد الوقائع أن علاقات إيران مع إسرائيل قوية ومتينة، وتزداد صلابة يوماً بعد آخر، بمباركة الولايات المتحدة الأمريكية.
 
اعترفات تل أبيب
وتحت حرية الإعلام والكلمة في تل أبيب، نشرت الإذاعة الإسرائيلية العامة تقريراً مفصلاً، عن حقيقة العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل وإيران، أكدت فيه أن "هذه العلاقات كانت في الخفاء للمحافظة على العدائية الظاهرة بين البلدين"؛ موضحة أن "العلاقات التجارية بين تل أبيب وطهران في العقدين الماضين لم تقتصر على ما نُشر مؤخراً عن صفقات تجارية بين شركة "الإخوة عوفر" مع شركات نفط إيرانية؛ وإنما امتدت إلى صفقات أخرى، لعل أبرزها عندما سمحت وزارة الزراعة الإيرانية لـ16 مستشاراً زراعياً إسرائيلياً بدخول إيران من أجل العمل في إقليم بوشير، على إنشاء حقول زراعية في الإقليم. وحينها وصل الإسرائيليون لإيران من أمستردام "عاصمة هولندا"، وهناك تلقوا تأشيرات خاصة من أجل دخول إيران، وحينها كانت الجهات الرسمية على اطلاع بهذا الأمر، وقد مكث المستشارون في إيران أسبوعين، وعند عودتهم لم يتم تقديم لائحة اتهام ضدهم أو محاكمتهم، وتم غض الطرف بشكل رسمي عن هذه المهمة.
 
شركة وهمية
وسبَق أن نشرت الإذاعة العامة أن كبرى الشركات الإسرائيلية في مجال الأدوات الزراعية، تنشط في أكثر من 120 دولة، تملك علاقات تجارية مع إيران؛ حيث تشتري الأخيرة قطع غيار لأنظمة تنقية المياه وإعادة تكرير المياه العادمة، وتشتري أيضاً بذور جميع مزروعات الخضار.
 
ومؤخراً، توجهت إيران إلى إسرائيل عبر شركة وهمية في الصين؛ من أجل شراء منظومة صنعتها شركة إسرائيلية من المنطقة الصناعية تسمى "رمات هاشرون"، وتوفر هذه المنظومة جداراً وهمياً من أجل حماية العربات الحكومية للمسؤولين الإيرانيين.
 
المنفعة المتبادلة
في المقابل، كانت الحكومة الإسرائيلية تُبارك العلاقات الاقتصادية مع طهران، وترى فيها الكثير من المنفعة المتبادلة. وأوضح الدكتور سولي شهفار رئيس مركز دراسات إيران والخليج العربي في جامعة حيفا، أن عائلة "عوفر" ليست وحدها التي أبرقت صفقات تجارية مع إيران، وقال: "نحن نعرف عن أشياء معلومة؛ مثل قضية ناحوم منبر الذي كانت له علاقات مع إيران على مدار سنوات بعلم السلطات الإسرائيلية دون أن تعتقله، ونعلم أن هناك شركات لها علاقات مع إيران بطريقة أو أخرى، وكانت السلطات الإسرائيلية على دراية بجزء من هذا الحراك التجاري، وتتغافل عنه لتعزيز المصالح المشتركة".
 
وأشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن البنتاغون أسس في بداية تسعينات القرن الماضي، لجنة برئاسة ريتشرد شيفتر ورونالد نيومان، وكانت هذه اللجنة تجتمع سراً كل ثلاثة شهور في القاهرة ولندن ولاغوس عاصمة نيجيريا، وحينها كان الرئيس الإيراني محمد خاتمي يدعم تطوير بنية تحتية لعلاقات اقتصادية مع الدول الغربية، وساعدته في ذلك ابنة الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، التي كانت تشغل منصب المبعوثة الإيرانية لهذه اللجنة، وكذلك كانت إسرائيل لها ممثلاً في هذه اللجنة.
 
وكان آرئيل شارون المسؤول عن الاتصال مع هذه اللجنة أثناء شغله لمنصب وزير الإسكان، وعند تعيين شارون في منصب وزير البنى التحتية في حكومة نتنياهو عام 1996م، طرأ تغيير كبير حيث طلب شارون حينها تعزيز العلاقات مع إيران.
 
خط الأنابيب المشترك
وخلال تلك الفترة، ناقش الممثل الإسرائيلي في اللجنة ديون إيران المستحقة على إسرائيل التي زادت عن 800 مليون دولار؛ وذلك منذ فترة الشراكة في خط أنابيب البترول إيلات عسقلان، وعقب قطع العلاقات لم تسدّ إسرائيل الدين المستحق عليها، وطلبت إيران من إسرائيل سد هذا الدين بالإضافة إلى تعويضات. وحينها اتفق آرئيل شارون مع روسيا على أن تشتري روسيا الديْن، ومقابل هذا تتلقى إيران أشياء تساوي في قيمتها هذا الديْن؛ مثل الوسائل القتالية، وأيضاً إصلاح وسائل قتالية، والسلاح. وأهم الأمور التي اتفق عليها تطوير طائرات الفانتوم التي كانت تمتلكها إيران في ذلك الوقت، وهذا الأمر كان بين عاميْ 1996م- 1998م؛ علماً بأن عمليات تطوير الطائرات وإصلاحها تمت في روسيا بإشراف متخصصين تقاعدوا من عملهم في الصناعات الجوية الإسرائيلية.
 
وأشارت الإذاعة إلى أن اللجنة الأمريكية كانت على اطلاع بجوهر الأمور، وحينها طلبت إيران من طرف ثالث أن يناقش آرئيل شارون مع الأمريكان إمكانية بلورة صفقة لرفع الحظر عن بعض الأملاك الإيرانية في الولايات المتحدة مقابل وقف إيران تمويل الاستشهاديين.
 
وذكرت الإذاعة أنه بعد تولي آرئيل شارون منصب رئاسة الوزراء، طلب من مسؤولين روس أن يكونوا وسطاء بين إسرائيل وإيران، وحينها انتعشت العلاقات الاقتصادية بين تل أبيب وطهران؛ مشيرة إلى أن تعاون الأمريكان ساهم في تعزيز التبادل التجاري مع إيران؛ علماً بأن ذلك كان خلال فترة تولي أحمدي نجاد للحكم في إيران.
 
شركة إسرائيلية
وعندما ضرب زلزال مدمر طهران، وتضررت كثير من البنى التحتية، توجّه مسؤلوون إيرانيون إلى آرئيل شارون عبر طرف ثالث، وطلبوا المساعدة من شركة "تاهل" الإسرائيلية، التي بحوزتها نسخ من خرائط البنية التحتية للصرف الصحي في طهران؛ وذلك منذ الفترة التي كانت تعمل فيها الشركة في إيران في ظل حكم الشاه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org