مضى عام على نشر "سبق" تقرير نقلت فيه تساؤل عدد من سكان محافظات "رنية والخرمة وتربة" التابعة لمنطقة مكة المكرمة، عن سر اختفاء مشاريع نظافة وصيانة المساجد؛ واستمرار سحب أرقام من هم على وظيفة "خادم مسجد"، منذ عام تقريباً! وسط علامات استفهام تدور حول مصير تلك المشاريع والميزانيات السنوية، وأين تذهب أرقام "الخدم" التي كانت من نصيب تلك المحافظات وأصبحت تُسحب بشكل مستمر، معها اعتادت المجالس على أن تبرهن المشكلة بأن محافظاتهم أصبحت "منسية" ولم تحظَ بنصيبها وبحقوقها من الخدمات الأساسية التي تكفّلت بها الدولة وخصّصت لها ميزانية سنوية ضمن مناطق الوطن.
ذلك التقرير أثمر عن تفعيل شركات الصيانة في محافظتي "الخرمة وتربة"، بينما لا تزال محافظة رنية بلا صيانة أو نظافة للمساجد، الأمر الذي جعل أئمة المساجد في واجهة الانتقادات اللاذعة من قِبل بعض المُصلين، وقيام بعض الأئمة باجتهادات فردية للقيام بهذا العمل الذي غابت عنه الجهات المعنية.
مصدر مطّلع أكّد لـ"سبق" أن شركة صيانة ونظافة مساجد رنية كان من المفترض أن تتم في العام الحالي، إلا أن فرع الوزارة بمنطقة مكة المكرمة لم يستطع الإيفاء بوعده، ما قد ينقل هذه المعاناة لعام آخر وربما أكثر.
وسط مطالب وتساؤلات كان قبل بعثها عدد من أئمة ومؤذني المساجد، قالوا فيها: لِمَ لا تقوم وزارة الشؤون الإسلامية بصرف ميزانية لكل مسجد للصيانة، كما تفعل ذلك وزارة التعليم مع المدارس.
وكانت "سبق" قد نشرت تقريراً في منتصف شهر ربيع الآخر من العام الماضي ونقلت فيه معاناة مساجد تلك المحافظات مع توقّف أعمال الصيانة والنظافة للمساجد منذ فترة ليست بالقليلة، ونقلت فيه تعليقاً من قِبل "مصدر" بأوقاف المحافظات.
تعليقاً على ذلك، أكّد "مصدر" بأوقاف إحدى المحافظات أنهم منذ عام تقريباً ليس لديهم مشروع صيانة أو نظافة في مقرّ عملهم، في إشارة منه إلى أن انعدام ذلك لديهم علامة يئس في توفير تلك الخدمات للمساجد. مشيراً إلى أنهم اعتادوا على رفع خطاباتهم لإدارة الأوقاف والمساجد في منطقة مكة، ولم يجدوا أُذناً صاغية تُلبي ذلك طوال الأشهر التي ليست بالقصيرة!
وأضاف: "توقعت إدارتنا أن المشكلة وقتية وتتعلق بمحافظتهم فقط، قبل أن يكتشفوا أن المحافظات المجاورة لهم تعرّضت للعقاب الغريب ذاته!".
وقال عدد من أئمة ومؤذني مساجد مختلفة في هذه المحافظات، أصبحنا نخجل من كثرة طلب جماعة المسجد أن يُشاركونا في عمل صيانة المسجد ودفع رواتب العاملين، بعدما فقدنا مشاريع الصيانة منذ عام كامل، ونخشى أن يستمر ذلك طويلاً!
وأضافوا: "كان لدينا خادم بالجامع، وبعد وفاته تقدّم أحد أبنائه طالباً أن يرعاه امتثالاً بوالده، إلا أن أوقاف المنطقة بادرت سريعاً بسحب رقم وظيفته بلا مبررات، رغم أن الجامع يُعد من أكبر جوامع المنطقة بل من الرئيسية التي تشهد عدد مصلين ليس بالقليل".
"سبق" تلقت أسئلة عدد من قاطني محافظات "رنية والخرمة وتربة" وطلبوا عرضها على مسؤولي أوقاف المنطقة، تساءلوا فيها عن تعمّد الأوقاف سحب الأرقام الوظيفية للخدم حتى أصبحت بلا خدم، بل وتعمّدت إهمال المساجد من خلال انعدام تسليم أي مشاريع صيانة منذ أكثر من عام تقريباً؟
وقالوا: "أين أرقام مساجدنا؟ وأين تذهب مستحقاتها؟.. وهل بُعد المسافة عن المنطقة جعل المشاريع والميزانيات تُقسّم للقريبين منها؟ بينما أصبحت هذه المحافظات منسية ومحرومة من حقها الذي صرفته لها الدولة؟!".
أوقاف منطقة مكة المكرّمة علّقت آنذاك على لسان مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام، سمير بن علي خيري لـ"سبق"، في إجابات لم تكن شافية للإجابة على علامات الاستفهام التي بعث بها سُكان تلك المناطق، بل أشارت إلى أن المتهم هو الوزارة وليس هم، عندما قال: "إن المعمول به الآن تثبيت أرقام الوظائف في المساجد وإدارتها، والتوزيع يأتي من الوزارة موضحاً فيه نصيب كل إدارة في المحافظة أو المركز".
وأضاف: "فيما يخص النظافة فبحمد الله تم طرح عدد ٤٠٠ مناقصة لصيانة ونظافة أغلب مساجد المنطقة تتوزع على جميع محافظات ومراكز المنطقة، وجاري الآن استكمال إجراءات الترسية وتوقيع العقود".
واكتفى "خيري" أخيراً بقوله: "سيتم بإذن الله اعتمادات للصيانة الذاتية في كل إدارة لتغطية النقص أو الصيانة العاجلة".