عبارة "ادخر راتبك" بين المثالية والمبررات الواهية.. وهذه طرق قد لا يطبِّقها الكثير

تحويل الأشياء الثانوية لضرورية.. وتخبُّط الصرف ومعضلة الاقتراض المستمر
عبارة "ادخر راتبك" بين المثالية والمبررات الواهية.. وهذه طرق قد لا يطبِّقها الكثير

قد يشعر الكثير بالسخط والغضب تجاه مَن يوجِّه له عبارات، يراها غير منطقية، وتحديدًا عندما يسمع عبارة "ادخار الراتب"؛ ولسان حاله يرد سريعًا باندفاع تجاه الأخير، واتهامه بكونه يدعي المثالية، أو يعيش في كوكب آخر، ولا يعلم بأن ما يتقاضاه الكثير من رواتب قد لا يغطي نصف الالتزامات الشهرية.. إلا أن تلك المبررات حتى وإن صدقت تعود لضعف أو انعدام ترتيب الميزانية وتنظيم المصروفات بشكل واضح، كما يؤكد ذلك الكثير من رجال الأعمال والاقتصاديين.
 
 الرواتب المتدنية وحكاية الاقتراض الشهري
 تعدُّ الرواتب المتدنية أمرًا صعبًا أمام متطلبات الحياة التي يصحبها تخبط في إدارة ومراقبة المبالغ المصروفة؛ ما يُحدث أزمة مالية في منتصف الشهر إن لم تكن في أولى أيامه. ومن ركائز تلك المعضلة الصرف المفرط على الأشياء غير الضرورية، وكأن تلك الرواتب قد تسحب من الحسابات البنكية إن لم يتم التمتع بها؛ الأمر الذي سيولد حتمًا حاجة ماسة للاقتراض بحجة أن الراتب الآخر تبقى عليه وقتٌ طويل؛ ولا يستطيع أن يعيش بلا سيولة مالية!
 
 تساؤلات تسببت في حرمانك من "الادخار"
 إلا أن الكثير ممن يعاني اختفاء الراتب سريعًا لا يستطيع تجربة ما يدعيه المثاليون في نظره بحديثهم عما أسموه بـ"ثقافة الادخار"، ولم يكلف نفسه في البحث عن أسباب عدم قدرته على ذلك، وهل هو فعلاً يسير على خطة شهرية ضرورية، لا يمكنه العيش بدونها عندما يخل بأحد شروطها؟ أم أن الأشياء الثانوية حولتها العادة لضرورية رغم عدم صحة ذلك؟! وهل تساءل وصدق مع نفسه، أين يذهب راتبه الذي ينقضي كليًّا بعد نزوله في حسابه البنكي بأيام قليلة؟ وهل قام بتتبُّع أثره، ومراقبته، وعمل على البحث عن بدائل وخطط لتقليل الصرف بدلاً من الرضوخ لذلك الواقع المر؟
 
 خطوات عملية تحقق لك "ثقافة الادخار"
 وتكمن "ثقافة الادخار" في تطبيق خطوات عدة، قال باحثون في هذا المجال إنها لازمة لوضع تصور كامل لدخلك ومصروفاتك وادخارك.. فمثلاً، تحديد الدخل الثابت لكل شهر من راتب وغيره، وتحديد المصروفات الشهرية الثابتة من أقساط سيارة أو إيجار منزل أو راتب سائق أو خادمة.. ثم تقدير الحد الأعلى للمصروفات غير الثابتة من فواتير أو احتياجات منزلية بأنواعها كافة، إضافة لتخصيص مبلغ شهري للطوارئ، وما غير ذلك من رصيد أو فوائض من المصروفات السابقة فإنه يدخل في رصيد "الادخار".
 
 حجج كثرة المصاريف وطرق تقليلها
 وقد يحدِّث الكثير نفسه ويقول "مصاريفي أكثر من هذا، ومن المحال أن أصل لمرحلة الادخار".. متناسيًا أن من أهم المعوقات لنجاح تلك الطرق وتطبيقها بدقة عالية هو إلغاء الوصول للحساب المصرفي المخصص للادخار، سواء عن طريق البطاقة المصرفية أو الخدمات الإلكترونية الخاصة بالمصرف، أو عدم وضع الأموال الخاصة بالادخار في ودائع أو صناديق استثمارية، قد تعود عليه بأرباح، وتحد من استردادها بسهولة وقت الحاجة لها.
 
 معضلة انخفاض الدخل والتكيُّف معها
 معرّف مشروع "الحصالة"، الذي ينشط كثيرًا عبر "تويتر"، ويقدم معلومات عن الادخار وطرقه وأساليبه، قال إن هناك طرقًا عدة، يستطيع التعامل معها مَن يعاني انخفاض الدخل، من أبرزها: تركيب فلتر مياه بالمنزل، والاستغناء عن المياه المعدنية، وإغلاق الكهرباء عند مغادرة المنزل، وخفض معدل الذهاب للمطاعم والأسواق، وتحضير الإفطار والقهوة في المنزل واصطحابها للعمل، وإلغاء الاشتراك في القنوات الفضائية المدفوعة، وتحديد ميزانية شهرية وسنوية والالتزام بها، واستخدام المواقع الإلكترونية للشراء؛ باعتبار أنها تحظى بأسعار معقولة أحيانًا، واستخدام عروض وبطاقات التخفيضات، والبحث عن الفعاليات المجانية الترفيهية للأسرة، وأخيرًا عدم الاستهانة بالهللة والريال.
 
 أساليب توفير المال وتحقيق البركة فيه
 كما قدموا نصائح عبر تصميم "إنفو جرافيك" لمن يبحث عن توفير المال وادخاره، حددوها بالآتي: "تحديد الأهداف التي يسعى الفرد للادخار من أجلها، وتحديد نسبة ذلك من الدخل الشهري، إضافة لسحب نسبة من المال، ووضعه في خزانة حساب بنكي بلا بطاقة صراف، والتسوق بذكاء من خلال البحث عن البدائل الأقل سعرًا، مع أهمية كتابة احتياجات الأسرة قبل الذهاب للتسوق، وكذلك أهمية (الصدقة) الشهرية؛ لكونها سببًا في بركة المال ومضاعفته".
 
 تعامُل أسر غربية مع الادخار
 وتعدُّ ثقافة التوفير عند "الغرب" من الأشياء المقدسة عند الأسرة التي تتفق على عدم زيادة تلك المصروفات ما لم يكن هناك مولودٌ جديدٌ، ظهر على الدنيا؛ ويحتاج لمصروف، إما لمرحلته الدراسية، أو لقيامه بمزاولة مشروعه الخاص.
 
 قواعد الادخار والاستثمار.. كيف تتحقق؟
 وبيّن الخبير الاقتصادي والمستشار المالي الإماراتي عادل بن عبد الله الفهيم في مقالة، نشرها قبل سنوات عدة في صحيفة إماراتية، أن هناك بعضًا من القواعد الادخارية والاستثمارية، تكمن في: يجب أن تكون فائدة أي استثمار أعلى من قيمة التضخم السنوي، وإلا فإنه لا فائدة منه، واصفًا ذلك بأنه سيتآكل مع مرور الوقت؛ ويصبح لا يساوي شيئًا. كما قال إن 70 % من دخلك أنفقها على كل التزاماتك، وأنفق 20 % من دخلك على الاستثمار قليل المخاطرة، أما ما تبقى من الدخل (وهو 10 % من دخلك) فأنفقه على الاستثمار شديد المخاطرة.
 
 أسرار فن الادخار وخطورة الإسراف والتبذير
 وحذر "الفهيم" من خطورة الإسراف والتبذير، وأنهما عدوان للادخار، ومن أسباب صرف الفرد عنه. مقدمًا وسائل وطرقًا عدة، قال إنها من أهم أسرار فن الادخار، لخصها في 5 نقاط:
 
 1- وفاء الرجل أولاً بالتزاماته تجاه نفسه وأسرته، وعدم حرمان النفس أو الأسرة من الأشياء الضرورية؛ حتى لا تتحول أولى قواعد سياسة الادخار لـ"بخل"!
 2- قائمة المشتريات تعلِّم فن الادخار؛ فهذه القائمة تساعد في تحديد الأشياء التي سوف تشتريها بناء على احتياجك لها؛ حتى لا تكون ضحية الإعلانات، وفريسة أرباح الآخرين.
 3- من المهم أن يكون لدى الرجل قائمة من الأولويات لحاجاته في مراحل حياته، يحدد فيها أوجه الصرف الرئيسية.
 4- فتح حساب توفير، وعدم استخراج خدمات الصرف على هذا الحساب. مثلاً عدم استخراج بطاقة السحب الآلي، وعدم استخدام الخدمات المصرفية على الإنترنت لهذا الحساب.
 5- سداد المديونيات باعتبارها مصاريف قد أكلت أموالك مقدمًا؛ وسدادها يُعتبر نوعًا من أنواع التوفير، بدلاً من إنشاء مصرف جديد، أو التزام مالي عليك. 
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org