عندك بيت؟!

عندك بيت؟!

تذكرون..!

قبل سنوات (ربما سنوات الطيبين)، يوم كان التلفاز المنفذ الأكثر إبهاراً للمتحلقين حوله وهو يسطع في وجوههم فيما يشبه الظلمة أحياناً! يطل بهم على عوالم أخرى، بعضها لا تشبههم! لكنه يظل يقذف أفكاراً، منها المدهش، ومنها ما يمر كما لم يُقَل! لا تهضم لغرابتها ربما، أو لا تلقي العقول المتعلقة بالأحداث الأهم وقتها لها بالاً واهتماماً.

كانت المسلسلات الأكثر رواجاً ومتابعة، معظمها ينفذ لنا من الدول العربية، ويستعرض مشاكلهم الحياتية، ونحن نتأمل فحسب! ونندهش لبعضها ونحن نقارن الحياتين، لكنني لا أظن أن ثمة اهتماماً بشأن الآخرين؛ فهذا يخصهم وحدهم حتى وجدنا أنفسنا في أتونها!

هل ترون أن مفردات كانت تحمل همًّا كبيراً، وتتردد في معظمها؟ هل ترونها تطل علينا الآن؟ بل تقتحم مجتمعنا وتؤصل أسلوب حياة جديداً، يعني فقط أن مجتمعنا تغيَّر فعلاً.

لعل عنوان المقالة (عندك بيت؟) يجبر على انتقاء مفردات معينة من تلك الحقبة التي أصبحت متداولة بيننا الآن؛ فالعنونة تلك ربما توحي أن مجتمعنا تغيَّر حتى في نوع مساكنه، وربما أيضاً بتقلص عدد المالكين للبيوت مهما كان نوعها! نعود لمفرداتنا التي كانت من قبيل (شقة تمليك، إيجار الشقة، خلو رجل، جمعية ونقبضها الأول، تقسيط، سلف، قرض وشقة مفروشة) مع الانتباه أن الفيلا أو السرايا (المقابلة للشقة) لم تكن تشبه بيوتنا!! لكن بيوتنا كانت تسع الجميع، وتتشعب فيها عوائل، وتتبرعم الأسر الصغيرة، وتصبح كبيرة في البيت ذاته فيكون الصغير الذي درج في ساحة البيت هو ذاته الأب الذي لا يمكنه العيش في شقة ضيقة تكتم الأنفاس!!لكن تلك الألفاظ التي تعني صغر مساحة الأرض المخصصة للعائلة أكثر من قبل تثير التساؤل، ونحن لا يمكننا أن نقيس ما كان عليه جيراننا في تعداد السكان والمساحة الصالحة للعيش عندهم كما هو حالنا!!

لا جديد ونحن نتحدث عن أزمة السكن والبيت الحلم الذي يُعتبر أهم أماني رب الأسرة، وإحدى أهم رغبات كل أب، التي تحني ظهره، وتنزع (تحويشة العمر!!) من جبينه قبل أن يقطر تعبه، وتجعل جيبه يلفظ آخر قرش استقر فيه؛ ذلك أن البيت (الملك) وهو يلم العائلة تحت سقف حلال يريح الأب كثيراً، ويجعله يطمئن على أهلبيته قبل أن يرحل عنهم!

الآن وجدنا أنفسنا تبعاً لذلك وقد تغيرت حتى عادات المجتمع؛ فالأب الذي يتقاعد وهو في شقة، ويكبر أبناؤه ويبحثون عن شقة أيضاً، أين ستكون (لمة العائلة) الكبيرة؟ أم أنه لم يعد هناك (لمة) أيضاً؟!لكن الحقيقة الموجعة أن الأبناء سيعيدون مسيرة الأب فيما يبدو من شقة لشقة!

متى سيكون لديهم بيت يسع العائلة المتمددة؟ وهو حتى يتحصل ثمن الأرضيكون قد شاب شعره؟ المشكلة لم تعد تقتصر على المدن الكبيرة، بل حتى المدن الصغيرة الغلاء يجتاحها، ومشكلة السكن تتأزم فيها.

أكاد أجزم أن الكثير من القراء خاصة الشباب منهم سيقول "الشقة الآن أصبحتأمنية.. أهم شيء أنها بيت"!!

لذلك يبقى السؤال موجعاً من السائل والمسؤول: عندك بيت؟؟ وإلى متى؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org