
قال مستشار ترامب المقرب لشؤون مكافحة الإرهاب، الدكتور وليد فارس: إن ترامب سيشكّل حلف ناتو عربيًّا في وجه طموحات إيران، ولهزيمة التطرف في المنطقة. وسخر من شائعة اعتزام ترامب طرد العرب والمسلمين من أمريكا قائلاً: إن النظام الإيراني أو جماعة الإخوان المسلمين هم وراء هذه الشائعات. وتفصيلاً، جاء في حواره المطول مع صحيفة إيلاف ما يأتي:
بدأ الحوار بالتساؤل حول شائعة طرد المسلمين، وهل سيرحِّل ترامب العرب المسلمين؟ فرد الدكتور وليد فارس: الكلام الذي يصدر عن جهات إعلامية عن أن الرئيس ترامب سيرحّل المسلمين يمكن وصفه بالهراء، وتقف خلفه جماعة الإخوان المسلمين أو النظام الإيراني، وأكثر من ذلك. هذا كلام يهدف إلى تخويف المسلمين، ومن يعمل على تخويفهم يريد السيطرة عليهم. ليس هناك سبب موجب لقيام الحكومة الأمريكية بترحيل أي مواطن.
وأضاف: الجهات التي تُصدر هذه الأكاذيب هي نفسها ترحِّل الشعوب من حلب والموصل، ومن يقف وراء هذه الاتهامات طرف عقائدي متجذر في الشرق الأوسط، يعتقد أن تخويفه الجالية العربية المسلمة قد يحقق الأهداف المرجوة. علمًا بأن أي حديث عن ترحيل المسلمين غير موجود في الثقافة السياسية الأمريكية، ولم يتم ترحيل أي جالية منذ قيام أمريكا، ولن يحدث ذلك.
ويشير إلى أنه من غير المقبول طرح الأسئلة عن مستقبل العرب الأمريكيين. الولايات المتحدة هي بلدهم، وسيكون لهم دور أكبر وأكبر.. انظروا إلى الدور السياسي الذي لعبوه في الانتخابات الحالية، لعبوا دورًا في الحزب الديمقراطي، ولعبوا دورًا هائلاً في الحزب الجمهوري، ورأينا كيف أن مؤيدي ترامب العرب المسلمين والمسيحيين في ميتشيغن ربما قد يكونون غيّروا مسار الانتخابات، وأعطوا ترامب الفوز بهذه الولاية.
وتابع: العرب الأمريكيون يوجدون في حقل الاقتصاد والسياسة والثقافة والسينما، ورغم صغر حجمهم غير أنهم يتقدمون ويستقطبون الأضواء، ويجري الحديث عنهم في كل مكان. طبعًا، لكل جالية مشاكلها، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه المشاكل مع الأكثرية. قد تكون الإشكالات داخلية؛ فالعالم العربي منقسم، وبعض النخب السياسية في صفوف العرب الأمريكيين تنقسم، ولكن ليس على أساس ديترويت ولوس أنجيليس، بل على أساس سوريا والعراق وليبيا. وباختصار، مستقبل العرب الأمريكيين مشرق، وسيتحسن للأفضل بظل إدارة ترامب.
ناتو عربي
وعن التحالف العربي، وعلاقة أمريكا بالعالم العربي في ظل حكم ترامب، أجاب: ترامب تكلم عن تحالف منذ تسعة أشهر، وبدلاً من أن يطرح السؤال منذ تلك الفترة كان يجري الحديث عن سخافات تتعلق بالترحيل وما إلى ذلك. هو يريد التحالف مع العالم العربي، وذكر في خطابه الشهير في آب الماضي أنه سيمد يده إلى عمق العالم العربي للعمل مع مصر والأردن والخليج ودول أخرى؛ لتأليف تحالف، ربما شبيه بالناتو. وبدلاً من اجتماع العرب لتشكيل ناتو خاص بهم ترامب رئيس أمريكا يقول لهم توحدوا أيها العرب المعتدلون؛ لتساعدونا ونساعدكم. والعاقل يجب أن ينظر إلى ترامب على أنه منقذ للعالم العربي، وليس فقط إلى للأمريكيين.
ويضيف: التحالف العربي سيضم الدول التي تؤيد مبادئ هذا التحالف المرتكزة على حماية المنطقة، وسيكون فيه دول ذات أنظمة ملكية أو اشتراكية أو ليبرالية أو قومية عربية؛ فهناك تعدد وتميز في الأنظمة. لافتًا إلى أن من أهم المبادئ أيضًا مواجهة الإرهاب، ووضع حد للحرب الأهلية، وإعادة المهجرين، وخصوصًا أن عددهم بات يفوق عدد اللاجئين الفلسطينيين بأربعة أضعاف، وإن لم يتم إعادتهم سيلاقون مصير اللاجئين الفلسطينيين. وقد تحدثتُ مع سفير فلسطين في الأمم المتحدة، الذي أعرب لي عن خشيته من ملاقاة اللاجئين السوريين والعراقيين مصير نظرائهم الفلسطينيين.
وتابع: كل الحكومات العربية التي تتشارك هذه الأهداف، إضافة إلى الاهتمام بالإنعاش الاقتصادي، مدعوة للمشاركة في هذا التحالف الذي سيقرره بالأساس العرب لا الأمريكيون.
العلاقة مع الخليج
ويقول: عندما يستلم الرئيس المنتخب مسؤولياته في البيت الأبيض سيعيد العلاقات التحالفية مع دول الخليج، وسيعود إلى مرحلة الشراكة التي كانت موجودة أيام عهد جورج بوش الأب، والابن، وسيعززها، وسيطوي مرحلة التخلي التي كانت موجودة إبان إدارة أوباما. وبالطبع، سيلتقي قيادات المنطقة، إما في الخليج أو واشنطن، وسيحمي الخليج من خطرين، الأول الداعشي المتطرف، والثاني المتمثل بالتدخل الإيراني في شؤون دول الخليج. باختصار، العلاقات ربما تعود أقوى مما كانت عليه حتى في عهد بوش الأب والابن، وسيكون هناك شراكة أمريكية خليجية بالموضوع الاقتصادي، وسينظر إلى مشروع السعودية 2030، والمشاريع الهائلة الموجودة في الإمارات والبحرين والكويت، وهو سيتحدث مع زعماء الخليج بغية نشر التقدم والازدهار في كل المنطقة بعد توقف حرب اليمن وسوريا والعراق.
وفي سؤال يقول: ماذا عن سوريا والعراق؟ قال: إن الرئيس أوباما لم يتدخل في سوريا والعراق، وأقصى ما فعله كان إعطاء الأوامر لاستخدام الطيران لمواجهة داعش، ولتدريب القوى التي تقاتل داعش. لم يتدخل لوضع حد للحرب الأهلية وحمامات الدم في سوريا، وفي العام 2013 عندما استُعملت مبدئيًّا الأسلحة الكيميائية، ووضع خطًّا أحمر، ولم يلتزم به. وفي العراق لم يتدخل بالسرعة الكافية لحماية الأقليات؛ فتم تدمير الايزيديين، وضرب الأكراد، ووقعت مجازر بحق الشيعة والمعتدلين السُّنة. كل هذه المأساة من 2014 حتى 2017 مكلفة، ولم تنتهِ.
ويتابع: سيرث ترامب حالة مأساوية في المنطقة، ولو كان رئيسًا في 2012 أو 2011 لما كانت الفظاعة مستمرة في سوريا، كما أنه سيواجه الملفات الكبرى، وقال في خطاباته إنه يرفض أن يكون هناك تدخل عسكري استخباراتي إيراني في العراق وسوريا ولبنان. أما الكلام عن ماذا ستفعل إدارته فلا يمكننا التكهن؛ فلننتظر تشكيل الإدارة لمعرفة الأشخاص الذين سيوجدون فيها، وساعتها يمكن التحليل، لكنه هو غير راضٍ عن المعادلة القائمة حاليًا، ويرفض وجود الباسداران في طول وعرض المنطقة، وكذلك الجهاديون، ويجب وضع حد لهم.
وأعرب فارس عن اعتقاده بأن شعوب الشرق الأوسط تريد من أمريكا رئيسًا يساعد على إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، ولكن القوى المضادة كالمتطرفين والنظام الإيراني سيحاولون إفشال هذا الأمر؛ لأنهم يستفيدون من حمامات الدم؛ لذلك هناك تحدٍّ كبير أمام الرئيس ترامب.
وردًّا على سؤال حول إمكانية التواصل مع روسيا لحل أزمات المنطقة يقول: بالتأكيد سيتواصل مع روسيا؛ فليس من المعقول أن لا يتم التواصل بين دولتين نوويتين. والتواصل كان موجودًا في أيام الحرب الباردة، ولكن مع التواصل يجب أن يكون هناك عزم وحسم؛ فمثلاً قبل أن تأتي روسيا بقوتها إلى سوريا كان يجب على إدارة أوباما حسم الأمور، كما حدث في ليبيا. فرغم علاقة القذافي وروسيا، ومحاولة الأخيرة التصدي في الأمم المتحدة للقرار، إلا أنه كان هناك عزمٌ من قِبل الناتو. وباختصار، أراد أوباما الانسحاب من العراق؛ لأن هناك اتفاقًا مع إيران، ولأنه أراد الانسحاب قبل حل الموضوع في سوريا وصلت الأمور إلى حرب مدمرة، وسُمح لإيران وحزب الله بالتدخل.
ويشير إلى أن إدارة ترامب ستعمل ما بوسعها مع الدول العربية في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، وسيتم وضع خطط مشتركة. أما بالنسبة إلى مناطق الأسد فهي واقعة تحت الحماية الروسية؛ وبالتالي أصبح هناك أمرٌ واقع مشابه لحالة ألمانيا في الحرب الباردة، وعليه أن يتكلم مع الروس رغم أن هذا الأمر قد لا يعجب المعارضة السورية، ولكن ما الحل؟
متابعًا: إذا تم تنظيم الأوضاع في المناطق الكردية ومناطق المعارضة، وتم اجتثاث المتطرفين، عندها سيلقى ترامب دعم الرأي العام الأمريكي من أجل تدعيم المجتمع السوري، وساعتها سيتم التواصل مع روسيا لوضع حل سياسي، وإذا حصل تفاهم في العمق بين موسكو وواشنطن سيطلب من روسيا الضغط على إيران وحزب الله، وسحبهما من سوريا، وسيقوم المجتمع الدولي بمحاربة الإرهاب. وتفاصيل هذه الأمور ستكون متروكة للمستقبل.
الاتفاق النووي
ماذا عن مستقبل الاتفاق النووي الذي يعتبر ترامب ومستشاره من دعاة تغييره أو تعديله؛ الأمر الذي أدى - ولا يزال - إلى وضع المستشار فارس في مرمى نيران دعاة الحفاظ عليه؟
يقول فارس: الاتفاق النووي موقَّع من أعضاء مجلس الأمن، لكنه ليس موقَّعًا من الكونغرس الذي يعارضه بالأصل. والخارجية الأمريكية الحالية قالت إن ترامب يمتلك جميع الخيارات. في المبدأ هناك إجابة: ترامب لا يريد الاتفاق النووي بالشكل الذي هو عليه الآن، ولكن علينا انتظار استلام الإدارة الجديدة، واجتماع مجلس الأمن القومي لتقرير مستقبل الاتفاق.
ويضيف: توجد آليات في القانون الدولي والقانون الأمريكي، وسنرى كيف ستواجه إدارة ترامب هذا الموضوع، ولكن هناك أكثر من وسيلة لتعديله، أو إسقاطه، وليس بالضرورة أن نسمع للنظام الإيراني الذي يقول إن هذا الاتفاق موقَّع عليه؛ فهناك الكثير من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، لكنها كانت عرضة للتغيير فيما بعد.