لا يشغل المجتمع الآن أكثر من قضية اختبارات نهاية العام الدراسي التي وافقت هذا العام شهر رمضان!! وقد تجاذب أفراده النقاش طويلاً، وأصبحوا بين شد وجذب!! وغدوا بين التسليم بالأمر الواقع، ومحاولات التأثير على أصحاب القرار، كالمسافرين في سفينة تُعليهم موجة، وتُخفضهم أخرى! لتجيء تصريحات وزارة التعليم وتأكيدها الذي أصبح يشبه التهديد لدى الكثيرين (وكأنها العين الحمراء)، وتسمعهم الخبر المقلق:
" الاختبارات في رمضان، ولا نية لتقديمها"!!
لكن ما زال بعض الناس يستعطفون تارة، ويهددون بالدعاء في رمضان على المتسبب تارة أخرى!!
وقد أكد وزير التعليم ذلك مؤخرًا قائلاً: إن الدراسة في رمضان ستكون في الأعوام المقبلة بإذن الله تعالى. ونسي معاليه أن الدراسة غير، والاختبارات غير!!
كما يرى أن شهر رمضان شهر عمل وعبادة!! أكيد الوزير وأمثاله سيكون الشهر لهم عملاً وعبادة؛ لأنهم في كراسي وثيرة الوثير! في حين أن العديد من العاملات سيوجَدن في المطبخ؛ ما يعني أنهن عاملات بالأساس في شهر الخير، ولسن متفرغات! فكيف سيكون الحال وكثيرات منهن على الطرقات في مثل هذا الوقت؟
لا أعتقد أنني بحاجة لشرح الواقع الذي لا يغفله أحد؛ وهو ما يستعدي أن نطالب مع الملايين من الناس بأن يصبح رمضان إجازة بشكل تلقائي، ولتخصم هذه الأسابيع الثلاثة من رمضان (على اعتبار أن الأسبوع الأخير من رمضان إجازة رسمية) من الإجازة السنوية؛ فيصبح التاسع والعشرون من شعبان بداية الإجازة لعموم الطلبة والعاملين في حقل التعليم في كل السنوات المقبلة بإذن الله تعالى.
دعوهم يفرحون برمضان، ويقدرون قيمته؛ ليصوموا ويصلوا ويسعدوا بشهر الخير، ويحتفلوا به كما يجب.. فحتى الدول الغربية تقدر مناسباتها الدينية، وتجعلها إجازة..
لقد جربنا الدراسة في رمضان في السنوات السابقة، وكانت مكلفة جدًّا ذهنيًّا وبدنيًّا على الكبار والصغار أيضًا، ولم يعد شهر الخير مرتبًا بين الصيام والصلاة وقراءة القرآن الكريم، إضافة لأعمال المطبخ بالنسبة للنساء، بل صار فوضويًّا جدًّا، ولا تشعر بالطعم الحقيقي للشهر الكريم، حتى أن البعض لا يستطيع تأدية صلاة التراويح للأسف، ولم يتمكن من ختم القرآن الكريم ولو مرة واحدة، رغم أنه يختمه مرات عديدة عادة!! ولا تنسوا الحرارة الشديدة والخروج من العمل ومن المدارس في عز الظهيرة!! لا تقولوا كان أهلنا وكنا!! الزمان اختلف، والناس اختلفت، والواقع اختلف أيضًا! ولن تحدوا من كسلهم ونومهم الذي تنتقدونه كثيرًا، بل ستجبرونهم عليه أكثر حين يتوزع يومهم بين المدارس والنوم. هذا إذا لم تتحول الفصول لغرف نوم تلقائية!! أو ستعانون الغياب الجماعي أيضًا مهما استحدث من وسائل العقاب، ولكم في نسبة الغياب في الأسابيع الميتة خير مثال!
لكم أن تجروا استفتاء حول ذلك، ومن سيؤيد الإجازة ومن سيرفضها! دعونا نقول رأينا وما نشعر به يا وزارة التعليم!
هذا شهرنا الكريم، الشهر المميز في حياة كل مسلم، ننتظره بروحانيته وشعور الأمان والطمأنينة فيه، بلذته في كل شيء، حتى جوعه يصير مميزًا! لا تقلقوا لحظات الصفاء فيه بمشاغل، يمكن أن تؤجَّل حين يرتحل!!