في طهران.. الصباح "عقائدي" والمساء "كوروشي"

في طهران.. الصباح "عقائدي" والمساء "كوروشي"

في طهران نجد الإيرانيين يقيمون مراسم وأيامًا خاصة بالمذهب الاثني عشري، مثل عاشوراء ويوم الغدير ويوم الأربعين، وفي الوقت نفسه يحتفلون بالأعياد والمناسبات القومية الفارسية، مثل يوم كوروش وعيد النوروز والأربعاء الأحمر!! فلا نعرف هل إيران دولة إسلامية وفقًا لما تدعيه أم دولة تأخذ القومية الفارسية منطلقًا لتكوين الدولة ومؤسساتها وخطابها الإعلامي والسياسي؟!

نلاحظ أن الدستور الإيراني لم ينص على أن القومية الفارسية هي المكوِّن الأساسي للشعب الإيراني، والفرس يشكلون نحو 51 % من مكونات الشعب الإيراني وفقًا لأرقام حكومية، في حين تشكل الأقليات الأخرى - ومنها العرب والبلوش والكرد، وغيرهم من الأقليات - النسبة الأخرى. لقد دوَّن الدستور الإيراني العقيدة الاثني عشرية في المادة الثانية عشرة من الدستور، التي نصت على أن المذهب الاثني عشري هو معتنق الدولة الإيرانية. ولم نجد أي تدوين للقومية الفارسية في الدستور، ولكن الاحتفال بالقومية الفارسية ترعاه الدولة، وتجعل لمناسباتها مهرجانات وإجازات لكل موظفي الدولة، ويقوم الإيرانيون بتنظيم مزارات لقبور عظماء القومية تحت رعاية الدولة.

في القومية نلاحظ أن الأدبيات الفارسية دائمًا ما تناقش مراحل الصراع المتقدم، وانكسار الفرس أمام العرب في مراحل تاريخية معينة، ومنها بعد ظهور الإسلام، رغم أن العرب فيهم من يعتنق العقيدة نفسها الاثني عشرية، ورغم أن القرآن نزل بلسان عربي. وحتى كوروش يحتفل الفرس بيومه حتى هذا اليوم، وهو ملك فارسي، يرى الفرس أنه خلصهم من حكم أجداد العرب الأوائل. الكتب المدرسية كذلك تأخذ بتمجيد القومية، وتعظيم العقيدة الاثني عشرية في الوقت نفسه، بالرغم من أن مفاخر القومية ورموزها كانوا قبل الإسلام أو قبل دخول الإسلام لإيران.

الغريب أن المواطن الإيراني يحصل على إجازة بكل المناسبات، سواء قومية أو عقائدية، سواء كانت فارسيًّا أو غير فارسية، اثني عشرية أو غير أثني عشرية.. والأكثر غرابة أن نرى أن القومية الفارسية في مكيال العقيدة الاثني عشرية نفسه المرتبطة بالإسلام دون تنقيص واعتبار لواحدة دون أخرى، رغم التباعد الأيديولوجي؛ فالدين الإسلامي لا يعظم عبدة الأوثان الذين يمجدهم الفرس، ويحرّم اعتبار النار خالقة للروح!

من المثير أن إيران تدعي نفسها جمهورية إسلامية، وفي الوقت نفسه تربط دينها بالقومية الفارسية البعيدة عن الإسلام.

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org