قراءات في الميزانية

قراءات في الميزانية
تم النشر في
منذ مطلع العام الحالي 2016م والغالبية يتحدثون عن التقشف، والانخفاض الحاد في الميزانية، وربط الحزام، وتعلُّم سياسة الادخار، التي هي ثقافة مفقودة أصلاً في قاموس الأُسر السعودية شكلاً ومضمونًا..!
إنها سياسة (ادفع وأنفق ما في الجيب يأتيك غدًا بعلم الغيب)، أو (اترك الغد لعالم الغيب)، وسياسة الرفاهية موجودة في عقول الغالبية حتى لو استدان أو استلف، أو باع جزءًا من حصته في كذا وكذا، لمجرد سفرة هنا أو هناك، ورحلة مع الأهل أو الأصدقاء.. فلا يوجد في قاموس الغالبية شيء اسمه التخطيط للمستقبل، والتخطيط المسبق لعمل رحلة العام القادم - على سبيل المثال - بأن تبدأ بعملية الادخار لهذه الرحلة وجمع المصروفات، وأيضًا توزيع الدخل، ووضع ميزانية للأسرة.. فلا مدارسنا ولا لدى آبائنا وأمهاتنا تلك الثقافة؛ وبالتالي أصبح المجتمع برمته يعيش ثقافة الإنفاق، وربما البذخ أحيانًا والإسراف.. وتغلَّبت سياسة التبذير على سياسة الادخار والحزم في الإنفاق، بل إن البعض يعتبر ذلك ضربًا من ضروب العادات والتقاليد، وأنها في قاموس العيب..!؟
جاءت الميزانية بالأمس، ولامست احتياجات الوطن والمواطن، وتعلمنا قبلها بأشهر سياسة التقشف والادخار، وبدأ البعض يدرك معنى الريال وقيمته، وأن سياسة الشراء للسلع الاستهلاكية يجب أن تتوقف.. والبعض أدرك أنه في الماضي ارتكب أخطاء جسيمة من ولائم واحتفالات وسفريات، وغيرها من الكماليات؛ فتعلم في الأشهر الماضية كيف يوازي بين مصروفاته وإيراداته.. وهنا الثقافة الجديدة في المجتمع السعودي، التي جعلت من الميزانية مفهومة لدى البعض، ومقبولة أيضًا.
فالوطن بحاجة إلى إعادة التوازن، كما هي أسرنا وأفرادنا، وبحاجة إلى إعادة الموازنة بين الإنفاق والإيرادات، وكيفية الاعتماد على مداخيل أخرى غير النفط، وكيفية إيجاد قنوات أخرى؛ لتكون رافدًا لتغطية المصروفات. ومن هنا جاءت الميزانية لتكون شفافة للجميع، وهذا مطلب أساسي، وتكون بين الأيادي للمحللين الاقتصاديين، سواء في الداخل أو الخارج؛ فليس لدينا ما نخبئه؛ فالأرقام موجودة، والتفاصيل بين الأيادي لمن أراد الاطلاع، وهي فرصة حقيقية وصادقة للقطاع الخاص وللشركات العالمية؛ لتكون شريكًا في الأيام والسنوات القادمة؛ لتفعيل دورها، والمشاركة الفاعلة في البناء والتنمية، والدخول في مشاريع وشراكات في المملكة العربية السعودية، التي فتحت أبوابها للمستثمر الأجنبي للدخول والاستثمار، وقلبت الطاولة، وهيأت الأرضية الصلبة؛ ليكون استثمارًا مضمونًا، وعلى مدى طويل.. وهنا مربط الفرص؛ فالاستثمار الطويل يولد فرص عمل ووظائف لأبناء وبنات البلد قبل كل شيء.
الميزانية جاءت في ظل المعطيات الدولية والداخلية، ومتوافقة مع التطلعات القادمة والمستقبل الواعي - بإذن الله - لهذا الوطن ومواطنيه.. وهي ميزانية تراعي الظروف التي نعيشها، والأحداث التي عصفت بالمنطقة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org