قصة الراحل "السبيعي" من مفتش طريق لتأسيس أشهر البنوك المحلية.. بدأها يتيمًا

حمل الهمَّ صغيرًا وأخرجه "الدكان" من المدرسة ثم صار أكبر الداعمين للقطاع الخيري
قصة الراحل "السبيعي" من مفتش طريق لتأسيس أشهر البنوك المحلية.. بدأها يتيمًا

رحل اليوم أحد أبرز رجال الأعمال والمؤسس والداعم للقطاع الخيري وغير الربحي في السعودية "محمد إبراهيم السبيعي"؛ وهو صاحب المسيرة العصامية والأيادي البيضاء؛ حيث كتب قبيل وفاته -رحمه الله- صفحة مليئة بالأعمال الخيرية بالوقوف مع المحتاجين، وفكّ كربات المعسورين ودعم المشاريع الخيرية، ودعم دور القرآن، وتنظيم المسابقات العلمية؛ منها جائزة الشيخين: محمد، وعبدالله السبيعي، للتفوق والبحث العلمي.

فمن وظيفة "مفتش طريق" براتب ثلاثين ريالًا انطلق الطفل اليتيم "محمد إبراهيم السبيعي" إلى عالم المال والأعمال ولم تثنه حياة الفقر والبؤس عن طلب الرزق، فتنقل بين عنيزة، مسقط رأسه ومنها جذوره، إلى مكة والمدينة عواصم التجارة لحركة الحجاج والمعتمرين وتبادل البضائع التي تصل من الخليج ومن الشام والعراق،، ومن مهنة "الصيرفة" إلى تأسيس أشهر البنوك المحلية وهو بنك البلاد.

ولد الشيخ "محمد" في عنيزة عام 1333هـ، وقرأ نصف القرآن الكريم فيها على يد "الشيخ عبدالعزيز الدامغ" -رحمه الله- وحرص على الدراسة والتعلم من خلال مواصلة الدراسة بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة، لكن عمه "ناصر" عندما أدرك أن المدرسة يقضي الطالب فيها معظم النهار، علم أن هذا يعني انقطاع ابن أخيه عن العمل في الدكان، فأخرجه منها.

وتوفي والده "إبراهيم" في المدينة المنورة في شهر شعبان لعام 1344هـ؛ حيث كان يعمل مع أكبر قادة الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، أما والدتهم فهي "نورة بنت ناصر العماش" من محافظة البدائع بالقصيم، وهي من أسرة متدينة ومتعلمة توفيت عام 1404هـ.

وبحسب موقع الشيخين محمد وعبدالله السبيعي، فقد عاشا يتيمين هو وشقيقه عبدالله، وتوفي والدهما وهما صغيران في المدينة المنورة في شهر شعبان لعام 1344هـ، فكان عمْر الشيخ محمد حين تُوفي والده إحدى عشرة سنة، فبدأ مشواره في طلب الرزق؛ ليعول والدته وأخاه عبدالله.

وقرر التوجهَ إلى مكة المكرمة مع عمه "ناصر"، وكان هذا الاختيار باب خير ورزق له؛ فقد كانت مكة المكرمة آنذاك ملتقى التجار من أنحاء العالم؛ حيث كما هو معروف يتوافد إليها الحجاج والمعتمرون، إضافة إلى قربها من ميناء جدة.

وفي عام 1349هـ التحق بالعمل الحكومي في وظيفة "مفتش طريق"، وكان راتبها جيداً آنذاك ويقدر بحوالي ثلاثين ريالاً، إضافة إلى المأكل والمشرب والمسكن، وحينها قرر إحضار والدته وأخيه عبدالله للإقامة معه.

وحين أمضى في الوظيفة أربع سنوات عاد به الحنين والطموح للتجارة مُجدداً، وعاد إلى مكة المكرمة، واشترك مع "سليمان بن غنيم" أحد تجار مكة، وقرر "ابن غنيم" أن يُبقي شريكه "محمداً" في مكة وينتقل هو إلى الرياض؛ ما جعل محمداً يستدعي أخاه عبدالله للشراكة، وهنا كانت بدايتهما.

واستمرت شراكة "السبيعي" مع "سليمان بن غنيم" 28 عاماً، وفي عام 1382هـ قررا الانفصال، وتم حل الشراكة بالرضا بين الطرفين ليبدأ مع شقيقه عبدالله رحلة عمل موفقة في مجالات عديدة؛ كالصرافة، إلى جانب التجارة، وقد اكتسب الشيخان من خلال إقامتهما في الحجاز أفقاً واسعاً واطلاعاً كبيراً على ثقافات الشعوب وطباعها وكثير من عاداتها، وعملا في مهنة الصيرفة، واستمر عملهما في هذا المجال إلى أن وصل بهم الأمر إلى المساهمة الفاعلة في إنشاء أحد أحدث البنوك السعودية اليوم وهو بنك البلاد، وللشيخ محمد ثلاثة من الأبناء: إبراهيم، وناصر، وعبدالعزيز.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org