كاتب سعودي: الاهتمام العالمي بقصة عامل النظافة .. "ليس مصادفة"

قال: ابتعدنا عن العمل اليدوي وها نحن نسخر منه.. إنها أزمة في السوق
كاتب سعودي: الاهتمام العالمي بقصة عامل النظافة .. "ليس مصادفة"
تم النشر في

يتوقف الكاتب الصحفي عبدالله عبدالمحسن الفرج بالفحص والتحليل واستخراج الدلالات والدروس من واقعة عامل النظافة الذي سُخر منه لوقوفه أمام واجهة محل يبيع الذهب، مؤكدًا أن الاهتمام العالمي بالواقعة ليس مصادفة بعد الحشد الذي وقف وراء هذا العامل، فالقيم الإنسانية ليس لها حدود ولا وطن، كما يلفت الكاتب إلى أزمة في سوق العمل السعودي، جعلت المواطنين يبتعدون عن العمل اليدوي، حتى وصل الأمر بالبعض إلى السخرية.

عامل النظافة عالمياً

وفي مقاله "دلالات السخرية من عامل النظافة" بصحيفة "الرياض"، يبدأ الفرج بحقيقة أنه علم بالقصة من وسائل الإعلام العالمية، ويقول: "هذا المقال أكتبه تحت تأثير قصة عامل النظافة الذي سُخر منه لوقوفه أمام واجهة محل يبيع الذهب، فهذه الواقعة قد أصبحت حديثاً ليس فقط وسائل الإعلام المحلية وإنما العالمية، ومن هذه الأخيرة علمت أنا أول ما علمت عن الخبر، ولكن الأهم أن هذا الاهتمام العالمي قد أتى بعد الاهتمام المحلي، فالتغريدة التي سخرت أو بالأصح مسحت بهذا الانسان ليس البلاط، كما هو بالعامية، وإنما رمت به إلى القمامة ما كان لها أن تمر دون تفاعل من يطلق عليهم لو خليت لخربت، فهؤلاء هم ملحنا وعليهم آمالنا في بناء المجتمع والارتقاء بثقافته ووعيه".

اهتمام عالمي

ويعلق الكاتب قائلاً: "إن هذا الاهتمام المحلي والعالمي بالأمر ليس مصادفة، وهو بالتالي لا بد أن ينبهنا إلى عدة أمور .. وعلى رأسها تأتي القيم الإنسانية التي ليس لها حدود ولا وطن، فالناس في كل الثقافات، القديمة منها والحديثة، تواقة إلى المساواة والعدل وتمجيد النبل والكرم، ولهذا فإن التغريدة المهينة التي سخرت من العامل البنجلاديشي نزرول عبدالكريم بهذا الشكل المهين "هذا حده يناظر الزبالة" ما كان لها أن تمر مرور الكرام على ذوي الأخلاق العالية".

كلنا مع القيم الإنسانية

ويضيف  الفرج: "في عصر الإنترنت وسطوة مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيس بوك وتويتر واليوتيوب، تحظى المشاهد والقيم الإنسانية باهتمام كبير، فهذه الوسائط الجديدة يمكنها تعبئة الرأي المحلي والعالمي في ساعات معدودة من خلال الحسابات والهاشتاقات، التي هي بمثابة مراكز تجمع للمظاهرات الإلكترونية، فهذا التحشيد عبر الشبكة العنكبوتية هو الذي دفع بتغريدة محلية إلى النطاق العالمي بعد أن اصطف الآلاف وراء شهامة الذين تنادوا لمعرفة عنوان العامل لتعويضه عما لحق به من سخرية وإهانة، فهذا التجمع الإلكتروني يؤكد مرة أخرى أن نوازعنا نحن البشر متشابهة رغم اختلاف الثقافة وتباعد الجغرافيا."

السخرية من العمل اليديوي

ثم يتناول الفرج جانبًا آخر للواقعة، يؤكد خلاله أزمة ابتعاد المواطنين عن العمل اليدوي، بل وسخرية البعض منه، يقول الكاتب: "ولكن من ناحية أخرى فإن السخرية التي تعرض لها عامل النظافة ليست مصادفة، فنحن منذ نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن المنصرم قد بدأنا نبتعد عن العمل المهني الذي صار يعطى تدريجيًا للعمالة الوافدة، فلقد أصبح منسياً ذلك الزمان الذي كانت فيه العمالة الوطنية هي من تقوم بكافة الأعمال التي تمارسها اليوم العمالة الوافدة؛ بما فيها تنظيف الشوارع، فهذا الانفصال عن العمل اليدوي قد ترتبت عليه عدة أمور لعل أهمها: النسيان التدريجي للكثير من المهن المهمة وأسرارها، وهذا أدى بدوره إلى الترفع على كل من يمارس تلك المهن والنظر إليهم بروح التعالي وربما السخرية".

سوق موازٍ لا يدخله السعوديون 

ويضيف الفرج: "لذا فقد أصبح الطريق ممهدًا لقيام سوق عمل موازٍ لغير السعوديين بمواصفات ومقاييس مختلفة، فهذه المواصفات المتباينة التي خلقناها بأنفسنا للسوقين هي التي أدت إلى عزوف قطاع الأعمال عن اليد العاملة السعودية، وهكذا أصبحت المعامل والورش والمزارع والإنشاءات ومحلات البيع والشراء خالية من السعوديين، الأمر الذي اضطر القطاع الحكومي، وإن كان على مضض، لقبول البطالة المقنعة".

الكارثة

وينهي الكاتب مؤكدًا أن هذا السوق كارثة، ويقول: "عندما استفقنا على الكارثة بدأت الجهود تتسارع لمحو أو بالأصح إزالة هذا التفاوت الكبير بين السوقين، وهذه العجلة أو التأخر في المعالجة هي التي أدت إلى الارتباك الذي رأيناه ونراه منذ إعلان وزارة العمل عام 2011 عن برنامج نطاقات وحتى الآن".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org