"كبسولة" لعلاج التصريحات المستفزة!

"كبسولة" لعلاج التصريحات المستفزة!
تم النشر في

مساء البارحة تلقيتُ دعوة عشاء من صديق عزيز أَوْلَمَ لنا بـ"فول وعدس وتميس مع الشاي". وبعد الاعتذار بأن المائدة لا ترتقي للمكانة والقدر والصداقة، قال: "سبب غياب (المفطح) هو إعلاني حالة التقشف القصوى في ميزانية العائلة".

أكلتُ حتى التخمة، و(انسدحت) في مكاني دون وعي مني. وأثناء نومي المزعج، وحالة (الشخير) التي انتابتني، وأزعجت صديقي والحارة بكاملها، حلمتُ بأنني في مختبر طبي، ومعي مجموعة من (الشقردية)، لا أعرفهم، ولكن ارتحت لنفوسهم النظيفة، وعقولهم الذكية، و(قفشاتهم) الطريفة.. داخل المختبر استطعنا كفريق عمل أن نخترع عقارًا طبيًّا، عبارة عن كبسولة، فيها مجموعة من الفيتامينات المتنوعة، تستطيع - بمشيئة الله - أن تحقق الوقاية من التخبطات والتهورات والتصريحات الإعلامية الشاطحة؛ إذ ترتكز مادة هذا العقار على تمكين خلايا المخ من الاعتماد على الدراسات الحديثة المعتمدة، ومسح نتائج الدراسات التي مضى عليها أكثر من ١٥ سنة! أيضًا مواد الكبسولة تستطيع كبح جماح الشخص عن الشطحات الغريبة والمستفزة أثناء ظهوره على الهواء مباشرة، أو مقابلته الجمهور، وتحدُّ من تهوره وسذاجته، إضافة إلى أن الفيتامينات التي يحويها العلاج تعمل على تهذيب السلوك، وتجعل الشخص يحس ويشعر بالآخرين، ويرتدي القبعات الست قبل إصداره القرارات والأوامر، وكذلك تقديم الاستشارات، فضلاً عن توسيع عيونه ومداركه؛ ليرى المنابع الحقيقية للفساد الإداري والهدر المالي ووكر الفاسدين..!

في آخر لمسات فريق (الشقردية) لإعلان العقار الطبي أوقفنا رئيس الفريق، ويدعى (أبو بيان)، في نهاية العقد الثالث من العمر، طويل القامة، نحيل الجسم، حنطي البشرة، وقال: "نحتاج إلى أن نحدد أعراض المريض الذي يجب أن يتناول هذا العلاج؛ لأن لهذه الكبسولة الطبية جوانب سلبية. ونحن في مجتمع لا يرحم، ولا يُقدِّر الجهود، ويستمتع بالشماتة، ويبحث عن الخطأ.. ومع هذا (فاضي)، ولا ينتج في يومه إلا ساعة واحدة فقط! وباقي وقته (فاضي للطقطقة)؛ فلابد أن نحدد الأعراض قبل أن نكون في دائرة المسخرة الشعبية".

صمتنا لبرهة من الوقت، ثم قال: "مَنْ منكم يجيب العيد باستمرار؟". قلتً: "أنا مع الأسف". قال رئيس فريق (الشقردية) أبو بيان: "لو سمحت، تناولها الآن، وتخيل أنك مسؤول كبير ورجل دولة". تناولتُ كبسولة واحدة، وبعد نصف من التخيل أنني وزير قلتُ: "بسم الله.. والله وبالله وتالله من الظلم على شخصي وعلى الوطن والمواطن أن أكون بهذا المنصب"!

صرخ جميع فريق العمل بالمختبر، وانتابتهم حالة هستيرية من الفرحة بنجاح مفعول العقار الطبي.

اتفقنا أن نضع مجموعة من الكبسولات لإرسالها هدايا لبعض المسؤولين قبل أن يتم رسميًّا إعلان المنتج الطبي، ولكن صديقي العزيز صرخ في وجهي حتى صحوت من نومي، وقال: "خذ ما تبقى من الفول والعدس، وروح لبيتكم، ترى شخيرك أزعجنا"!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org