يقدم كتاب ومحللون سعوديون نصيحة واحدة "لا تخافوا ترامب، فأمريكا دولة مؤسسات وليست دولة الرئيس"، وذلك بعد 24 ساعة فقط من انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وهو الحدث الذي صدم الكثيرين، ويؤكد المحللون أننا لا يجب أن نتعجل الحكم على ترامب، فالأفعال داخل البيت الأبيض تختلف عن التصريحات قبل دخوله، ومشيرين إلى العلاقة الاستراتيجية العميقة بين المملكة والخليج وأمريكا.
لا تخافوا ترامب
وفي مقاله "لا تخافوا ترامب" بصحيفة " الشرق الأوسط"، يذكر الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحمن الراشد بالإستقبال الحافل للرئيس باراك أوباما قبل 8 سنوات، ويقول " عندما فاز باراك أوباما بالرئاسة الأميركية قبل ثماني سنوات، رافقه سيل من الكتابات المبتهجة، حينها كتبت عنها قائلاً، لا تفرطوا في التفاؤل. ولم يمر على فوز دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية سوى يوم واحد، وهاهم المتعجلون يبثون أحكامهم المتشائمة، وأقول أيضًا لا تفرطوا في التشاؤم".
ويعلق الراشد قائلا "لا تنظروا إلى الرئيس المنتخب ترمب، انظروا إلى الولايات المتحدة، بوصفها دولة مؤسسات. سيبقى كثير من المواقف، والاعتبارات، والقرارات التي ستتعامل معها حكومته وفق المعطيات الجديدة. وحينها على الرئيس المنتخب أن يقرر وفق مصالح بلاده، ووقتها سنلمس الفارق بينه وبين الرئيس المغادر باراك أوباما، هناك تغييرات متوقعة، لكن لن يكون هناك انقلاب في السياسة الخارجية".
ويضيف الكاتب "أقول للذين سيطر على ذهنهم ما قيل وكتب، خلال الحملات الانتخابية، وفسر على أن ترمب ضد المسلمين، راعوا أمرين مهمين؛ تاريخ ترمب الشخصي ومنظومة الدولة الأميركية من دستور ومؤسسات عدلية. فالرئيس المنتخب له سجل شخصي طويل في التعاملات مع المسلمين، ولم يسجَّل عليه موقف عنصري أبدًا، ولم ينخرط قط في حملات سياسية أو إعلامية من أي كان ضد المسلمين، سواء أميركيين أو المسلمين في الخارج .. لكن، في المقابل، الموقف ضد المسلمين الملتصقين بالإرهاب والتطرف، لا يجوز اعتباره موقفًا عنصريًا بأي حال من الأحول. هذا موقفنا أيضًا، نحن المسلمين. ومن يحاول أن يخلط بين العداء للتطرف والعداء للإسلام هي جماعات مؤدلجة راعية للفكر الإرهابي، تريد التشويش والتأليب من أجل أهدافها السياسية".
"المرشح الحر.. الرئيس المقيد!"
وفي مقاله "المرشح الحر.. الرئيس المقيد!" بصحيفة " عكاظ" يقول الكاتب والمحلل السياسي جميل الذيابي "في ما يخص منطقتنا، من الواضح أن موقف ترامب من إيران يتطابق مع الموقفين السعودي والخليجي بنسبة كبيرة جدا. قد لا يتمكن من إلغاء الاتفاق النووي مع طهران، لكن من المؤكد أنه لن يتيح لها فرصة للاستفادة منه كما تروم. ويضمن تأييد الكونغرس الذي انعقدت أمس غالبيته للجمهوريين، للعمل على تشديد العقوبات، وإرغام إيران على التوقف عن التدخل في حياة الشعوب ومصيرها كما تفعل في سورية".
ويضيف الذيابي "صحيح أن ترامب رجل أعمال صنع نفسه بنفسه. وصحيح أيضا أنه أول رئيس يدخل البيت الأبيض من دون أية خبرة سياسية، لكنه متهور وجريء في آن ومتنمر ومعتز بقدراته مهما كلفته، وهذا قد يمنح أمريكا قوة جديدة خشية ردات فعله! .. ولا شك أنه سيدرك في غضون أسابيع وأشهر أن مصالح أمريكا مع القوى الأخرى أعمق وأكبر من خطابات التهديد والتحذير خلال حملته الانتخابية. فهو يريد مثلا أن تدفع ألمانيا واليابان والسعودية مقابلا لاستمرار التعاون الأمني والحماية، وهذا في مرحلة لكسب عواطف الناخبين. لكنه لا يعرف أن هذه الدول الثلاث لا تحصل على شيء من أمريكا بلا مقابل. كما أنه لن يستطيع ببساطة الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خصوصا بعدما بدت شهية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوية لاستعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي السابق. ولن يستطيع أن يغلق باب التعاون الأمني مع السعودية، لأنه تعاون يحمي أمريكا وحلفاءها من الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة مضطربة، وهي بحاجة ماسة إلى السعودية فيها".
ثم يدعو الذيابي ترامب إلى إعلان واضح لمواقفه من سوريا وإيران والإرهاب، يقول الذيابي "لا بد -كما طالب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس- من موقف واضح من الرئيس المنتخب بشأن سورية، والإرهاب، خصوصا أنه توعد في حملته الانتخابية بسحق «داعش» وتأديب إيران (رأس الشر) وإعادة القوة الأمريكية مجددا. وسترينا الأيام القادمة إن كان ترامب سيظل على غطرسته التي كانت ميسم الحملة التي قادته للرئاسة أم أنه سيخضع لديناميات «المؤسسة» التي تنظر لعظمة أمريكا من خلال مصالحها المتشابكة في أرجاء العالم.. الأيام حبلى بالمفاجآت كما كانت حبلى بوصول السيد ترامب".
ليس فيلم رعب
وفي مقاله "فاز ترامب .. هل سيخسر العالم؟!" بصحيفة " المدينة" يتساءل الكاتب والمحلل السياسي محمد الرطيان " هل ستبقى صورة (المرشح) ترامب.. نفس صورة (الرئيس) ترامب؟.. لا أظن .. الضجيج الانتخابي، وما يُرافقه من صراخ وفضائح وضجيج إعلامي صاخب وأضواء ساطعة: شيء، والدخول إلى البيت الأبيض والجلوس على مكتب الرئيس: شيء آخر".
ويضيف الرطيان "قبل قليل -وأنا أكتب هذا المقال- ظهر ترامب في خطاب الفوز بشكلٍ مختلف ولغة مختلفة، وبعد شهرين في خطاب القسم وعند دخول البيت الأبيض سيظهر بشكل أكثر اختلافًا، وأعقل!... وإلا، فإن العالم موعود -خلال السنوات الأربع المقبلة- بفيلم أمريكي طويل.. فيلم رعب وأكشن: لا يستطيع خيال المخرج السينمائي العبقري ستيفن سبيلبرغ أن يصل إليه!!".
التصريحات النارية للانتخابات
وتحت عنوان " هواجسنا ورئاسة ترامب " تقول صحيفة " الرياض " في افتتاحيتها "قد نتوجس بعد أن أصبح ترامب الرئيس الأميركي الخامس والأربعين للولايات المتحدة عطفاً على تصريحاته التي اتخذت طابعاً عنصرياً خاصة ضد المسلمين عندما (اقترح) منعهم من دخول أميركا ثم تراجع عن ذلك التصريح، وذلك التوجس قد يكون في محله كونه يكشف عن ما بداخله من أفكار لا تساعد الولايات المتحدة على امتداد وجودها في العالمين العربي والإسلامي".
وتعلق "الرياض " قائلة "ما يجب أن نعيه هو أن التصريحات النارية والمواقف المتشددة لترامب من الممكن أن تكون عوامل مساعدة في الحملة الانتخابية وليس بالضرورة مواقف ثابتة أو استراتيجيات لفترة حكمه في البيت الأبيض، والشواهد على ذلك كثيرة في الاختلاف بين الفكر الانتخابي والفكر الرئاسي فلكل منهما وقته وظروفه ومرحلته .. لا نستطيع الحكم على الفترة التي سيقضيها ترامب سيداً للبيت الأبيض وكيف سيكون أداء إدارته فيها، ولكن نعرف أن السياسة الأميركية خاصة الخارجية منها تحكمها ضوابط ومصالح لا تختلف باختلاف الرؤساء".