كساب العتيبي لـ "سبق": "بدّلت" أفكاري بعد استهدافهم وطني .. والقيادة السعودية الشابة حازمة ومُبهِرة

وصف "عاصفة الحزم" بالقرار التاريخي الشجاع .. وطالب بكسر شوكة الحوثيين وتفتيت المشروع الصفوي
كساب العتيبي لـ "سبق": "بدّلت" أفكاري بعد استهدافهم وطني .. والقيادة السعودية الشابة حازمة ومُبهِرة

- بلادُنا تواجه هجمة سياسية وإعلامية غير مسبوقة .. وايران دولة "شر" لا تدخل مكاناً إلاّ وتجعله خراباً.
- السعودية تغيَّرت كثيراً .. وبعض القضايا "تعدَّلت" والنيّات جادة لمحاربة الفساد وتقصير المسؤولين.
- لم أعد أكترث بـ "الرخوم" الذين يعيدون تغريداتي القديمة .. وليس لـ "البريطانية" دورٌ في معارضتي.
- ندمت على بُعدي عن والديَّ 22 سنة .. والحياة مراحل عديدة.
- محاولة التفجير في مسجد "محاسن" بالأحساء عملٌ إرهابي جبان يستهدف الوطن أولاً .. ولا عزاء لخونة إيران.
- سياسات ما وراء المحيطات تعبث بمنطقتنا كمختبر تجارب .. والجماعات الإرهابية شوّهت الدين والهوية.
- حل الأزمة السورية برحيل النظام ورموزه وأيديولوجيته العدوانية وإيقاف إرهاب الروس.
- لم يعد هناك عراق فقد عبثت به إيران وجعلت منه كياناً مُقطّعاً وأعادته عشرات السنين للوراء.
- الخصومة السياسية يجب ألا تؤدي إلى عداوة مُزمنة .. فالإنصاف والعدل عزيزان.
- تفعيل مؤسسات الدولة لخدمة الناس والتسامح في قضايا الإصلاح والرأي .. أمورٌ قادمة.
- لو وجد بعض "المعارضين" التسامُح والتفهم والتعامل الذي لقيت .. سيعودون للوطن.
- السعودية تُبدع أمنياً وتكسب سياسياً وتمتن اقتصادياً وتتعاظم عسكرياً وتتماسك داخلياً.

 
يقول الدكتور كساب العتيبي؛ أستاذ  العلوم السياسية، والمعارض السعودي السابق الذي عاد إلى أرض الوطن بعد 22 عاماً، إن هناك أشياءً كثيرة تغيَّرت محلياً، وعربياً، وإقليمياً. والظروف تبدَّلت، والإنسان الذي يغار على وطنه لا بد أن ينحاز له ويُدافع عنه، وخاصةً أن السعودية تواجه حالياً هجمة سياسية وإعلامية غير مسبوقة.

 وأكّد في حواره مع "سبق"، أن الانسان حينما يرى أن وطنه مُستهدَف سيتغيّر في دواخله، وفي نظرته للأشياء تلقائياً، وأشار إلى أن التغيرات الحديثة في السعودية على مستوى القيادة السياسية الشابة شيءٌ مُبهِر، ونقلة نوعية ستنعكِس إيجاباً على الوطن، واستقراره، وأمنه؛ فالقيادات الشابة هي عادةً أقرب للناس. 

وأوضح أن الخصومة السياسية من المفترض ألاّ تؤدي إلى عداوة مُزمنة تفقد معها الأخلاق. ويقول: "إيران دولة الشرّ، وطابورها وعملاؤها في منطقتنا العربية هم المستفيد من الطرح الطائفي الحالي في المنطقة، كذلك بعض الدول الغربية تُغذّي هذا الزخم الطائفي، وتوظّفه سياسياً بدوافع ابتزازية". ووصف "عاصفة الحزم" بالقرار التاريخي والشجاع والخطوة الجبارة، التي كسرت شوكة الحوثيين كسراً لا نهوض بعده. ويتناول الحوار عدداً من المحاور السياسية المهمة.. فإلى تفاصيله:
 
** انسان بلا حرية.. لا قيمة له".. ألا تزال تؤمن بتلك المقولة؟
طبعاً؛ بل زاد إيماني بها. فلا قيمة للإنسان دون حُرية، ولا كرامة له دونها.

** قلت ذات مرة: "ما أجمل رائحة الوطن.. وما أطيب ترابه". هل يعني ذلك أنك في رحلتك الطويلة من الاختلاف حتى العودة .. كنت "تائهاً"؟
كلا؛ لم أكن تائهاً؛ بل عشتُ الاستقرار والدفء العائلي، ومذاق الصداقة الجميل ولله الحمد. لكن مهما كان الإنسان مستقراً.. يبقى للوطن قدسيته. رائحته غير، وتُرابه غير. دعني أقول إنه شيءٌ فطري لا يتحسَّسه سوى مَن عاش الغُربة بكامل تفاصيلها، وأدرك أهمية أن يكون الإنسان في وطنه وبين أهله.

** بين "معارض" سابق و"مدافع" حالي.. ما الذي تغيَّر فيك وحولك؟
أشياءٌ كثيرة تغيّرت محلياً وعربياً وإقليمياً، والظروف تبدّلت، والإنسان الذي يغار على وطنه لا بد أن ينحاز له ويُدافع عنه، وخاصةً أن السعودية تواجه فعلاً هجمة سياسية وإعلامية غير مسبوقة.. حينما يرى الإنسان أن وطنه مُستهدَف سيتغيّر في دواخله وفي نظرته للأشياء تلقائياً.

** كيف تصف التغيرات الحديثة في السعودية على مستوى القيادة السياسية الشابة؟
شيءٌ مُبهِر حقيقةً هذه النقلة النوعية، وهذا سينعكِس إيجاباً على الوطن واستقراره وأمنه. القيادات الشابة هي عادةً أقرب للناس من غيرها لأسباب كثيرة: مشاركة الهَم الوطني، تفهُّم احتياجات الناس، وزخم رغباتهم. شخصياً متفاءل بطريقة الحكم وممارسة السياسة هذه، وأثبتت المدة السابقة هذا الشيء. طريقة تفكير القيادة الشابة غير وأكثر قُرباً ومرونةً. 

** الخلاف مع إيران، هل هو سياسي أم عقائدي؟
سياسي بامتياز، ورُبما قاد - في بعض تفاصيله - إلى اصطدام أيديولوجي؛ كون السياسة الإيرانية تقوم على أرضية عقائدية.

** هل فعلاً أن أعداء أمتك ووطنك لن يكونوا أصدقاءك أبداً؟
في السياسة لا. فعدو اليوم قد يكون صديق الغد؛ لأن السياسة لا أخلاقيات لها - مع الأسف - ولا تعترف سوى بلغة المصالح.

** إلى أي مدى يُفترض ألا تؤدي الخصومة السياسية، واختلاف الأفكار، والمواقف إلى عداوة "مزمنة"؟
تساؤلك فلسفي أكثر منه سياسي. ومع ذلك يُفتَرَض للخصومة السياسية ألاّ تؤدي إلى عداوة مُزمنة كما سمّيتها. وإن كان ثمّة "عداوة" فلتكن إلى مدى معقول موضوعي قدر الإمكان. الخصومة السياسية واردة، وينبغي ألاّ نفقد معها أخلاقياتنا، وقيمنا رغم صعوبة الأمر. العداوة قد تكون نسبية، ومرحلية حسب نوعية الخصومة، وظروفها بحكم بشريتنا، وبحكم أن الإنصاف والعدل عزيزان.

** مَن المستفيد من الطرح الطائفي الحالي في المنطقة؟
المُستفيد إيران، وطابورها، وعملاؤها في منطقتنا العربية. المستفيد الآخر بعض الدول الغربية التي تُغذّي هذا الزخم الطائفي وتوظّفه سياسياً بدوافع ابتزازية. إيران "دولة شرّ"، ولا يمكن لها العيش دون تصدير مشكلاتها لمنطقتنا العربية، والطائفية هي الأداة المُثلى لها لتحقيق مشروعها الصفوي.

** وصفت "عاصفة الحزم" بالخطوة الجبارة، والقرار التاريخي، والشجاع. السؤال: كيف يمكن كسر شوكة الحوثيين في اليمن؟
نعم، وهو كذلك. قرارٌ تاريخي وشجاع وخطوة جبارة. والحمد لله أن نهاية الحوثيين اقتربت. وكسر شوكتهم كسراً لا نهوض بعده اقترب هو الآخر. والمطلوب مواصلة العمل؛ العمليات العسكرية النوعية والمُركّزة، ودعم المقاومة بكل أنواع الدعم المطلوب، والعمل على استمرارية متانة التحالف ليتم تفتيت وحدات المشروع الصفوي في اليمن.

** إقليمياً.. ما انعكاسات ما تفعله ميليشيا الحشد الشعبي الطائفية في العراق على مستقبل العراقيين؟
لم يعد هناك من عراق، فقد عبثت به إيران وجعلت منه كياناً مُقطّعاً وأعادته عشرات السنين للوراء، والدليل هو ما تقوم به ميليشيا الحشد الشعبي الطائفية التي عاثت فساداً، وإجراماً، وقتلاً، وإرهاباً، وهذا غاية ما تريده إيران. القضاء على العراق، ومستقبله، ولا أُفُق قريباً مع كل أسف. لا تدخل إيران في مكان إلاّ وتجعله خراباً.

** بعد 22 عاماً في بريطانيا "مغترباً".. ما أبرز التحولات الفكرية التي مررت بها. وهل يمكن للإنسان أن يبقى حبيس أفكاره؟
من غير الممكن، ولا المفيد أن يبقى الإنسان حبيس أفكاره. الأفكار تتغيّر، وكذا القناعات. أفكارنا ونظرتنا للأشياء تتبدّل، وتأخذ أنماطاً أخرى مع الالتقاء الأنثروبولوجي الإنساني، ومع علاقاته، وفي قراءاته للكتب، والأشياء، ومعرفته طبيعة الأشياء، ومع تجاربه، واختلاطه بثقافات الأمم الأخرى. كما أن للعُمر دوراً في التغيير. هناك مرحلة الاندفاع، ومرحلة الاستقلالية الفكرية، ومرحلة التسديد والتقارُب، ومرحلة تغليب المصلحة العامة، ومرحلة الانحياز للوطن، وتناسي كل شيء حينما يكون وطننا، وأمنه مُستهدفاً. هناك مواقف في الحياة لا يُقبَل معها تبرير ولا أعذار، وإنما انحياز تام للوطن وقيادته وأهله. 

 ** هل تغيّرت أفكارك ومبادئك أم أن المنطق اختلف؟
‏فرقٌ كبيرٌ بين الأسلوب، والمبدأ. تتعدّد الأساليب لمصلحة تقتضيها مرحلة ما، ويبقى المبدأ هو هو لا يتغيَّر؛ فأوراق الشجرة تتبدّل وجذرها باقٍ.

** قلت: "كساب السابق لن يعود، والعودة للوطن هي حق شرعي، وشخصي".. فهل تتوقع عودة آخرين "مخالفين" كانوا في ظروفك نفسها؟
لو وجد البعض التسامُح والتفهم والتعامل الذي لقيت، أظنهم سيعودون.

** ما القضايا التي ترى أنها "تعدّلت" كثيراً في السعودية عن السابق؟
هناك زخمٌ جديدٌ، نيّاتٌ جادّة، عملٌ حقيقي مسؤولٌ لمحاربة أوجه الفساد الكثيرة، حزمٌ أثلج قلوب السعوديين في التعامل مع تقصير أيّ مسؤول. اقتربت القيادة من الشعب، وواضح أن هناك اهتماماً بهموم الناس، ولا نزال ننتظر المزيد من المرونة، وتفعيل مؤسسات الدولة لخدمة الناس. وأظن أن تسامحاً في قضايا الإصلاح والرأي قادمٌ.

** ما حل الأزمة السورية، وكيف السبيل للخروج بسوريا جديدة؟
برحيل النظام، ورموزه، وأيديولوجيته العدوانية فهذا شرطٌ رئيس. علاوةً على ذلك يجب اصطفاف المعارضة بفصائلها كافة، والعمل تحت راية برنامج وطني. لكن المشكلة في تواطؤ الغرب مع النظام السوري، وإرهاب الروس، وعبث إيران وميليشياتها. ليس سهلاً الخروج بسوريا جديدة في ضوء ما ذُكر، ولا أعتقد أن نرى سوريا مُتعافية قبل 10 سنوات نظراً لحجم التآمُر الكبير والمُعقد.

** ألا تزال تصف مَن يعيد تغريداتك القديمة بـ "الرخوم"؟
لا .. لم أعد أكترث بهم أبداً .. رُغم أنهم فعلاً "رخوم".

** ما سبب انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة في المنطقة؟
الأسباب كثيرة، ومتشعبة. منها ما هو سياسي، ومنها ما هو فكري، ومنها ما هو ديني. وهناك محلي الصُنع، وآخر بسبب سياسات قادمة من وراء المحيطات. العالم يعبث بمنطقتنا ويتعامل معها كمختبر تجارب. وطبيعي أن نرى مثل هذه الجماعات الإرهابية التي شوّهت الدين، والهوية أكثر مما أفادته. هناك ممارسات مشروعة، وهناك إجرام مقصود بذاته.

** يُقال أنك كنت "معارضاً" لكي تضمن الجنسية البريطانية، وحق الإقامة هناك. ما ردُّك؟
غير صحيح، ثم إنه لا علاقة بالجنسية البريطانية بفكر الشخص أبداً. هذا شيءٌ جديدٌ لم أعهده من قبل.

** هل سيكون لك حضورٌ إعلامي هنا في الداخل؟
نعم، فوطني أولى بي، وأنا رهن إشارته في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب.

‏** الارهاب يضرب من جديد، ويحاول تفجير مسجد "محاسن" في الأحساء والاعتداء على المصلين.. ما الهدف من استهداف بيوت الله؟
محاولة التفجير في مسجد محاسن بالأحساء هو عملٌ إرهابي جبان يستهدف الوطن أولاً، ويسعى لضرب الصوت الشيعي الوطني المُعتدِل الذي تنامى أخيراً. ‏والسعودية تُبدِع أمنياً، وتكسب سياسياً، وتمتن اقتصادياً، وتتعاظم عسكرياً، وتتماسك داخلياً، ولا عزاء لخونة إيران.

** سؤالٌ أخير: بصراحة هل ندمت على شيءٍ مضى؟
شيءٌ واحدٌ فقط: بُعدي طيلة 22 سنة عن والديَّ. ورحم الله والدي وأطال بعمر والدتي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org