للتجار الكبار: ما شبعتم؟!!

للتجار الكبار: ما شبعتم؟!!

تبدأ الآن المواسم والمناسبات، يتبع بعضها بعضًا كنظم الخرز! وتفتح الأوقات الحرجة فاهًا لا يشبع! والمواطن الحائر يتلقى صفعات الإنفاق فيها كغريق يشكو البلل!! فما يكاد ينتهي من مناسبة حتى تليها أخرى، وفي كلها نفض لجيوبه، واستنزاف لميزانيته ومدخراته (إن كان عنده ما يدخره)؛ فلن يفيق من هدايا النجاح وحفلاته حتى يهل شهر الخير بمتطلباته (ومقاضيه)، والشعور بالجوع الذي يؤجج عملية الشراء و(العزايم) بين خلق الله تعالى، ثم يهل العيد الجميل والمتطلب لكل ما هو جميل في لباسه ومأكله وهداياها، تعقبه إجازة طويلة فيها من شؤون الترفيه الشيء الكثير، وتكتمل القصة بعيد الأضحى وأضاحيه التي نتوقع أن تكون أسعارها فلكية كالعادة، فضلاً عن (مقاضي العيد)، ثم نعود من جديد - بمشيئة الله تعالى - لعام دراسي جديد، فيه ما فيه من الاستعدادات والتجهيزات والميزانيات المتفرعة!! وكلها مناسبات الواحدة منها تكفي لتثقب جيب المواطن، وتستنزف صبره واحتماله، وتسقطه في الهم والغم، وتنسيه جَمال المناسبة ولذتها.. والأكيد أنها ستوقعه في فخ الديون، خاصة الأسر الكبيرة ومحدودة الدخل والحيلة!

وفي كل هذا نراكم يا تجار النعمة تفتحون جيوبكم على مصراعيها! لتلقي هبات المواطن الضعيف، وكأني بالواحد منكم يرفع طرفَيْ ثوبه ويمسك يد المستهلك؛ ليضع ماله طائعًا مختارًا أو مكرهًا..

لست أفتعل الحديث الإنشائي، كما أن موضوع جشع التجار تطرق له كثيرٌ، وسمعت صيحات ذوي المعاناة منه طويلاً، لكنه يبقى كما كان! لأن إصلاح الأمر يبدأ من نفوس التجار أولاً، ثم رقابة المسؤول الجادة تاليًا. أيضًا، لست بصدد انتقاد الكسب الحلال والتجارة، أو محاولة التساؤل والاستغراب بمثالية، وكأنكم ستغلقون حساباتكم، وتوزعون أرصدتكم، وتغرقون سفنكم القادمة من بعيد!!

الحديث أسهل من ذلك بكثير، وواقعي جدًّا.. فهذا الذي يحدث لا منطقي بكل مقاييس العدالة الاجتماعية.. فأن تقتات - يا كبير التجار - على حاجات المواطنين، وتسرق تعبهم وجهدهم، وتستغل مناسباتهم، وترفع الأسعار بحيل لا أقول ذكية بل لا أخلاقية مستهجنة (في عالم التجار الأنقياء الذين يهمهم الكسب الحلال)، وتحتكر ما يحتاجون إليه، و(تلعب) على قصور فهمهم بالتخفيضات الوهمية والعروض الكاذبة، وتتحذلق بوسائل فاسدة غير مبررة، وتنتشي لغياب الرقابة، أو تلف وتدور عليها، وتحاول تعويض خسارتك من الضعيف! وتتبع أساليب وتبتدعها لإغراء المواطن بالشراء، وترغم التاجر الصغير على التحذلق والاحتكار ورفع الأسعار، خاصة المواد الغذائية الأساسية التي لا مفر من شرائها مهما ارتفعت، واقتراف الغش التجاري في المنتجات، وتسعى للكسب الفاحش ليزيد رصيدك خاصة في الأوقات الحرجة..
ثم؟؟

ينتفخ جيبك بعد أن عصرت جيب المسكين، واستلمت آخر ريال فيه! لا أظنك وقتها ستسمع صوتًا يقول لك كيف ترتاح على أريكتك مطمئن الضمير مستمتعًا برفاهيتك في الوقت الذي "يدف" المواطن عربة مشترياته خارجًا من أحد محالك في ظهيرة يوم عمل شاق، وقد جحظت مقلتاه من الفارق الهائل بين ثمن عربة الأمس واليوم! لأن لديك مبرراتك التي تصم أذنيك، لكن هناك من لا يجب أن يصم أذنيه حتمًا! وزارة التجارة التي لا بد أن تقوم بتفعيل العقوبات والغرامات، وكشف وسائل التلاعب للمواطنين وتبصيرهم بوسائل اللف والدوران، واستعراض المواصفات وشرحها بشكل مبسط؛ ليكون المواطن على بصيرة وقادرًا على التمييز حتى في حجم العلب التي صغر حجمها وعددها وخف وزنها وغلا ثمنها!!

وكذلك الجولات الرقابية إن قامت فعلاً بالدور المطلوب منها..

كما أن حملات المقاطعة المنظمة التي يقوم بها المواطنون عبر وسائل التواصل كان لها تأثيرها المقبول، وينبغي تنظيمها من قِبل "حماية المستهلك"؛ لتكون أكثر نفعًا.

والتساؤل الذي أظنه يتردد على لسان ملايين البشر، ولا تظنوه تساؤل حاسد؛ فالله تعالى موزِّع الأرزاق، لكنه تساؤل مَنْ لذعته أسعاركم:

ألم تشبعوا؟ أما اكتفيتم؟ ثم يأتي تحذيرهم الذي عليكم أن تعوه جيدًا:
"إذا غابت عين الرقيب فعين الله تعالى لا تغيب".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org