دعا وزير العمل والتنمية الاجتماعية الأستاذ علي الغفيص إلى خفض استقطاب الجامعات لخريجي الثانوية إلى50% في التخصصات النظرية، في أول تصريح له بعد تسلمه منصبه في الأول من ديسمبر.
وطالب سعادة الوزير بتوجيه الفارق عن نسبة الاستقطاب الحالية المقدرة بـ 30% إلى التخصصات التقنية التطبيقية؛ لتلبية سوق العمل، وهي التصريحات التي أثارت بعض ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحتى يكون الحديث مبنياً على معلوماتية، فإن تقرير نتائج مسح القوى العاملة للربع الثاني من العام الحالي، الذي أصدرته الهيئة العامة للإحصاء في أغسطس الماضي، أوضح أن أعداد العاطلين ارتفعت إلى 650 ألف فرد، يشكل منهم الذكور 35.9% والإناث 64.1%.
وأوضح المسح ذاته أن أعلى نسبة للعاطلين السعوديين وفق الحال التعليمية تتركز بين الحاصلين على شهادة البكالوريوس 54%، في حين بلغت أعلى نسبة للعاطلين السعوديين في الفئة العمرية بين 25 و29 عاماً عند 39%.
والوجه الآخر من الصور يعكس واقعاً مختلفاً، إذ التعليم الفني ما زال يُعاني من القُصور الشديد، وليس أدل على ذلك من الاعتماد المتزايد في تلبية متطلبات خطط التنمية وتوفير العمالة الماهرة المطلوبة، على العمالة الوافدة؛ إذ العمالة الوطنية، إما غائبة، لا وجود لها، أو موجودة دون المستوى المهاري والتقني المطلوب.
إن التعليم الفني يُعاني عجزاً واضحاً، فيما التعليم الجامعي -لا سيما النظري- يتضخّم بصورة تفاقم من أزمة البطالة، وهو مما يدعونا إلى المُطالبة بمعرفة الأسباب الكامنة وراء ذلك العجز، وطرح العديد من التساؤلات قد تفيد في إجلاء الرؤية:
فهل تقف النظرة المتدنية للعامل والمهني في الانصراف عن هذا النوع من التعليم؟
وهل هناك إحجام عنه من جانب الطلاب وأولياء الأمور؟
وهل توجد داخلَه مشكلات تربوية محددة يُعاني منها ذلك القطاع التعليمي؟
وهل الرغبة في استيراد العمالة يحول دون الاستفادة من خريجي هذا القطاع؟
إننا نظن أن الإجابة عن هذه التساؤلات هي مفتاح الحل لهذه القضية، هذا إلى جانب أهميَّة تطوير أساليب ومناهج التعليم الفني ليُواكب التطوُّرات الحديثة؛ وذلك وفق النظم التربوية الحديثة.
فلِكي يُؤدِّي هذا النوع من التعليم، إلى تحقيق الأهداف التربوية المحدَّدة له، ويعمل على تحقيق رسالته في تغطية الاحتياج الفعلي من العمالة الماهرة، وإحلال العمالة الوطنية تدريجيّاً؛ باعتبارها أحد الأهداف الأساسيَّة للمملكة، لا بد أن ينال حظه من العناية والتطوير والتحديث.
ولعل تطوير مستوى هذا التعليم وربطه بسوق العمل، بصورة عملية وحقيقة، وليست ديكورية زائفة، يحقق بعضاً مما نطمح إليه.
وفي الختام نقول: إن غضب رواد مواقع التواصل من تصريحات الوزير ليس في محله على الإطلاق؛ إذ التعليم الفني المهاري له دور رئيس في تنمية وتطوير واستغلال الطاقات البشريَّة، وذلك بإعداده للعمالة الماهرة التي تُشارك في النهضة الصناعية والزراعية والتجارية التي تطمحُ إليها الدولة في خططها، والتي تهدف إلى الحد من نسبة البطالة، الظاهرة والمقنعة، على حد سواء.