إذا كان الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب يرغب في نقل السفارة الأمريكية للقدس لمجرد الوفاء بوعوده الانتخابية ، فإن هذا المكسب سيكون على حساب مصالح الولايات المتحدة التي ستتأثر بشكل سلبي في العالم الإسلامي كما ستكون مؤثرة أيضاً على عملية السلام ومصالح تل أبيب وهو ما يخشاه مسؤولون إسرائيليون أيضاً ، فهم لا يريدون خسارة العلاقات والمكاسب التي حققوها في بعض الدول الإسلامية.
وفي تقرير مطول لمجلة " نيوزويك " الأمريكية ، حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ، أشارت إلى أن هذه الخطوة أسبابها غير واضحة رغم وجود أرض كبيرة في القدس مخصصة للسفارة منذ منتصف التسعينات لكن أياً من الرؤساء الأمريكيين السابقين لم يجرؤ على اتخاذ قرار نقل السفارة بعد وعود قطعوها خلال فترة الانتخابات واختفت مع وصولهم للسلطة.
وترى المجلة أن الرئيس الجديد سيسير على خطى من سبقوه من الرؤساء لكنه قد يحاول أن يخرج من وعده بنقل السفارة ببعض المكاسب ، ومنها مطالبة الفلسطينيين والعرب بإلغاء بعض الخطوات التي يريدون اتخاذها ضد إسرائيل في محافل دولية وفي الأمم المتحدة ، إضافة إلى التشديد على الفلسطينيين ومنعهم من الاعتداء أو الهجوم على الإسرائيليين وتشيجع دول إسلامية بالتعاون مع تل أبيب وبناء علاقات ، مقابل أن يلغي أو يجمد قرار نقل السفارة للقدس .
واتخذ الكونغرس الأمريكي في عام 1995 قراراً بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وخصص لها أرضاً ، كما أنه سبق أن اجتمع في البيت الأبيض بعض المهندسين المعماريين لتقديم مخططاتهم والشكل الذي ستكون عليه السفارة وهو الأمر ذاته الذي قام به ترامب قبل أيام في اجتماع سري جمعه بعدد من المهندسين وفقاً لبعض وسائل الإعلام الأمريكية .
وكشفت أن السفير الأمريكي الذي يتوقع تعيينه في شهر فبراير المقبل قرر قبل أيام نقل مقر إقامته من تل أبيب للقدس حيث إنه من أشد المطالبين بنقل السفارة .
وذكرت أن السفير ديفيد فرديمان وهو محام أمريكي يهودي ، لديه نوايا جادة لنقل مقر إقامته للقدس ومطالبة الرئيس الأمريكي الجديد على ضرورة تنفيذ "الوعد الرئاسي " بنقل مقر السفارة لتأكيد الاعتراف بما قال إنها حقوق تاريخية للشعب اليهودي في القدس .
ولم يخفِ العديد من المحللين السياسيين في أمريكا وإسرائيل خشيتهم من قرار نقل السفارة ، واصفينه بالكارثي الذي قد ينسف عملية السلام في الشرق الأوسط ويشجع المتطرفين على شن هجمات إرهابية عديدة ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية إضافة إلى اندلاع أعمال عنف في إسرائيل وخروج المسلمين وبعض الأوروبيين والأمريكيين المعارضين لإسرائيل في مظاهرات ضخمة للتنديد بتلك الخطوة ، ما قد يؤدي لوقوع كوارث كبيرة خاصة أن القدس ثالث أقدس مدينة في الإسلام ولن يفرط فيها المسلمون على الإطلاق ويعتبرونها خطا أحمر وتجاوزه سيشعل الشارع العربي والإسلامي وسيكون من الصعب السيطرة عليه .
كما أن مسؤولين كبارا في إسرائيل لم يخفوا حقيقة خطورة تلك الخطوة ، حيث إن مصادر دبلوماسية ( لم تكشف أسماءهم لحساسية القضية ) نقلت لوسائل إعلام أمريكية ، أن مسؤولين كبارا في تل أبيب أبلغوا نظراءهم في البيت الأبيض أن نقل السفارة للقدس ليس في صالح إسرائيل على الأقل في الوقت الراهن حيث إنهم يتبادلون معلومات استخباراتية مع دول إسلامية كما أن تل أبيب تسعى جاهدة لتقوية علاقاتها مع العالم الإسلامي والعربي والخطوة الأمريكية قد تقضي بشكل كامل على الجهود الإسرائيلية وتعيدها لنقطة الصفر وهو ما لا يتمناه أي مسؤول في إسرائيل .