ماذا يعني تصنيف "فيتش" لترقية النظرة المستقبلية للمالية السعودية إلى "مستقرة"؟

الاستفادة من أسواق الدين الخارجي وتقوية آليات الحوكمة وإضفاء الطابع المؤسسي
ماذا يعني تصنيف "فيتش" لترقية النظرة المستقبلية للمالية السعودية إلى "مستقرة"؟

 ربما كان من المفاجئ لبعض الجهات المتخصصة في الشأن المالي ما أعلنته اليوم وزارة المالية عن قيام وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني قامت بترقية نظرتها المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، مشيرة إلى أن التخفيض الأخير في التقييم السيادي اعتمد على تحليل كمي ومؤشرات رقمية. حيث يأتي ذلك في وقت مبكر جدًا من إطلاق المملكة لجملة من الإصلاحات على كل المسارات وهو ما يعني في الحقيقة أن هناك انطلاقة جادة وأن هذا التصنيف لم يأتِ اعتباطا من جهة لها اسمها ومكانتها وحياديتها في هذا المجال.

 كما أن وزير المالية عندما يكشف - بالتزامن مع ذلك - العديد من المؤشرات الرقمية المهمة فهو يؤكد رسالة تعزز التفاؤل بمستقبل مشرق بإذن الله، فـ"الاقتصاد السعودي قائم على ركائز متينة، حيث تُقدّر أصول النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي بنحو 84 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثالث أكبر نسبة من حيث الناتج المحلي الإجمالي عالميًا.

 كما أن الأصول الحكومية العامة تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من   100 %" وبحسب بيان وزارة المالية فإن إيرادات 2016 المقدرة فاقت التوقعات، مسجلة 528 مليار ريال، وكان نصيب القطاع غير النفطي منها 199 مليار ريال (38 % من إجمالي الإيرادات). وهذه جوانب لا يمكن القفز على إيجابياتها أبدًا.

 لقد شهد عام 2016 إطلاق رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني، اللذين سيسهمان -إضافة إلى عدد من المبادرات الأخرى الجادة- بإذن الله بتحقيق ميزانية متوازنة بحلول 2020.

 ويعود ثبات ونمو قوة الاقتصاد السعودي ومكانته العالمية وترتيبها في ظل المنافسة العالمية إلى تعزيز الحكومة من قدرات التمويل من خلال الاستفادة الناجحة - ولأول مرة - من أسواق الدين الخارجية، وفتح أسواق رأس المال المحلية أمام المستثمرين الأجانب وذلك وفقًا لما صرحت به وزارة المالية 

 من جانب آخر فقد أثمرت السياسات النفطية للمملكة العربية السعودية عن زيادة استقرار أسعار النفط العالمية. كما تأقلم الاقتصاد السعودي مع تقلبات أسعار النفط من خلال اعتماد أسعار نفط متوازنة وأكثر استدامة.

يضيف وزير المالية، محمد الجدعان: من خلال رؤية 2030، قمنا بإطلاق عديد المبادرات الرامية لتعزيز هيكلية الاقتصاد، وتمثل الهدف الرئيس منها تقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل وتحفيز التنويع الاقتصادي. كما أحرزت الحكومة تقدمًا كبيرًا في مجال تحسين الكفاءة من خلال الترشيد وضبط سياسات الإنفاق. معتبرًا أن "تقوية آليات الحوكمة" و"إضفاء الطابع المؤسسي على الإصلاحات الهيكلية وتعزيز الشفافية دور في إنجاح هذه الجهود" هي من أبرز المسارات التي تعمل عليها المملكة وفقًا للرؤية الطموحة.

 يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه التقارير الرصينة أن الكثير من الخطط التطويرية والمفصلية في الكثير من الدول الأخرى تكون عادة بحاجة إلى وقت ليس بالقصير للحصول على تصنيف مطمئن وهو أمر ربما ينطبق على نتائج البدايات في الرؤية السعودية ولكنه بفضل الله يبدو واعدًا فمؤشراته مختلفة وبهجتها مبكرة.

صحيح أن هناك الكثير من التحديات والصعوبات وهناك ما سيصاحبها من انعكاسات لكنها بالتأكيد لا تأتي وفق تضخيم بعضهم من نتائج مبكرة أثبتت كل الوقائع اختلافها حتى الآن كما تبشر بما هو أفضل.

ولعله من المفيد أن نشير إلى أن وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني هي واحدة من أعرق المؤسسات العالمية في مجالها. كما أنها جهة "مستقلة" تقوم بتقييم الجدارة الائتمانية لمُصدريِ السندات من دول وشركات ، أي مدى قدرة الشركة أو الدولة على سداد الديون أو قابلية الاستثمار فيها، وينعكس هذا التصنيف الذي تصدره هذه المؤسسات بالإيجاب أو السلب على ثقة المستثمرين في الدولة أو الشركة المعنيين.

ووكالة"فيتش" للتصنيف الائتماني تقوم على معايير صارمة مبنية على الاقتصاد والتشريعات والتأثيرات الجيوسياسية وحوكمة وإدارة الشركات والقدرة التنافسية في تصنيفها الائتماني للمؤسسات كالربحية، الأصول والتدفقات المالية التي توضح في النهاية الوضع المالي الحالي مما يترتب عليه توقع النظرة المستقبلية لهذه المؤسسة. كما تعد هذه الوكالة من أشهر المؤسسات الأمريكية والعالمية في مجالها إلى جانب موديز(Moody’s) وستاندر أند بورز(Standards & Poor’s ).

كما أن وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تخضع كغيرها في مجالها لرقابة شديدة من جهات مختصة في الولايات المتحدة. كما سبق وقام البرلمان اﻷوروبي بوضع مجموعة من المعايير لضبط أنشطة هذه الوكالات، وإلزامها بأقسى المعايير.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org