ماراثون الغياب الفصلي.. لن يتوقف!!

ماراثون الغياب الفصلي.. لن يتوقف!!

قبل كل إجازة، كإجازة منتصف الفصل، تطل على منسوبي المدارس تعاميم التشديد على ضرورة عدم الغياب، والتشديد على ضرورة الحضور لمختلف المراحل الدراسية في مدارسنا؛ وبالتالي تقوم إدارة التعليم بتوجيه وتعميد المشرفين والمشرفات لخوض غمار المبادرة بالركض سريعًا للكشف عن حضور الطلاب والطالبات، ومدى إذعانهم ورضوخهم لأوامر التشديد التي تبنتها الوزارة عند كل إطلالة إجازة؛ حتى لا يغيبوا عن الحضور، وتصبح إجازتهم أسبوعَيْن بدلاً من أسبوع، ويتم توجيه المدارس من قِبل المشرفين والمشرفات بأخذ الاحتياطات والتدابير كافة لمنع ذلك الشبح (الغياب)؛ حتى لا يطل برأسه علينا مجددًا عند قرب كل إجازة! وتقوم المدارس مشكورة بدورها في وضع خطة (أشبه بخطة حرب)، وتضع الشعارات الرنانة وشديدة اللهجة (لا.. للغياب..!!) و(يدًا بيد ضد الغياب!!)، وتعلن سحوبات جوالات، وآيبادات لمن يداوم حتى آخر يوم!! وأحيانًا تكون من جيب مدير المدرسة أو أحد منسوبيها، ويضطر المدير أو من ينوبه لزيارات متعددة لمحال (أبو ريالين) لشراء ما ثقلت كراتينه، قلَّ سعره؛ لأن عدد الطلاب كبير، وجيب المدير هو المعذب في ظل عدم كفاية ميزانية المدرسة. ليس مهمًا، أهم شيء نقول إن الطلاب حضروا بعدد لا بأس به. لاحظوا أننا لم نصل إلى العدد المطلوب للحضور حتى نقضي على ظاهرة (الغياب) المقلقة لمسؤولي الوزارة!!

ويجب الرجوع إلى أصل المشكلة؛ لأن العلاج دائمًا يكمن في البحث عن جذور المشكلة، وغير ذلك يُعتبر نوعًا من العبث والهرولة اللذين لا طائل منهما؛ وأكبر دليل أننا منذ سنوات ونحن نحاول الحد من ظاهرة الغياب قبل إجازات منتصف الفصل، التي كانت خلال الفصل الثاني فقط، وفي هذا العام توزعت على الفصلين!! يجب أن يُعلم أن تلك الظاهرة (ظاهرة غياب الطلاب والطالبات قبل وبعد إجازات منتصف الفصل) أصبحت ثقافة مجتمع، يشترك فيها جهات عدة (المدرسة، والبيت، والبيئة المحيطة)، والأخيرة أحيانًا مشجعة ومحفزة على الغياب؛ ولذلك من الصعب القضاء عليها بزيارات لمشرفين ومشرفات قبل البدء في انطلاق ماراثون الغياب الفصلي. فعلاً صار ماراثونًا سنويًّا، بينما مثلث المسؤولية في محاربة تلك الظاهرة (الوزارة، إدارات التعليم، المشرفون والمشرفات!!) عجزوا عن وضع حلول ناجعة، ومع ذلك يحضر الطلاب والطالبات الأيام الأولى فقط من الأسبوع الأخير، ثم يسحبون على المدرسة في بقية الأيام، إن جاز التعبير..! وفي بعض المدارس يسحبون الأسبوع كاملاً غير منقوص!!

وختامًا.. لا أدعي أني أملك حلاً سحريًّا بمصباح علاء الدين للوزارة، التي قد لا تكون هي صاحبة القرار الفصل في منع بعض الإجازات، التي تتداخل معها جهات عدة، منها الخدمة المدنية، وإنما أطالب رأس هرم الوزارة (وزير التعليم) بأن يتخذ قرارًا شجاعًا، وهو أهلٌ لذلك إن شاء الله، بمنع إجازة منتصف الفصل على الفصلين، وتكون الإجازة مقتصرة على إجازتين فقط بدلاً من الوضع الحالي (4 إجازات في السنة)!! إجازة أسبوعين أو أكثر (كثلاثة) بين الفصلين لها فوائد، منها دعم السياحة الداخلية كما قال رئيس هيئة السياحة الأمير سلطان بن سلمان، والأخرى إجازة الصيف بعد الاختبارات النهائية؛ وبالتالي الوزارة توفر على نفسها إرسال تعاميم وتشكيل لجان في إدارة التعليم، ونترك أسلوب الوعد والوعيد في التعاميم والتشديد فيها، ونريح إدارات التعليم، وكذلك نريح المشرفين والمشرفات من الدوران على المدارس، وأيضًا نريح جيوب مديري ومديرات المدارس من شراء الهدايا الترغيبية والتحفيزية للحد من الغياب. والحلول والله أسهل مما نتصور متى ما عزمنا على وضعها بدلاً من الدوران حولها دون نتيجة تذكر. والله الموفِّق لكل خير سبحانه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org