ماليزيا.. النموذج الاقتصادي الإسلامي الذي حول فقراء البلاد إلى رجال أعمال

رفضت الربا.. وفضلت الصيرفة الإسلامية على غيرها
ماليزيا.. النموذج الاقتصادي الإسلامي الذي حول فقراء البلاد إلى رجال أعمال

تمتلك دولة ماليزيا أهم التجارب العملية البارزة في تأسيس اقتصاد عالمي، يتسم بالقوة والنمو والازدهار، وترجع أهمية هذه الدولة كونها واحدة من أهم الدول الإسلامية في الشرق الآسيوي، فمنذ عام 1970م وهي تعمل بخطى متقدمة لتحسين الوضع العام في البلاد خصوصاً الاقتصادي، فقد عملت من خلال خطط خمسية متعاقبة لترتقي بمستوى المعيشة لدى المجتمع.

ورغم الفقر الذي سيطر على 70 % من سكانها، إلا أنها استطاعت عبر العمل المتواصل ليل نهار، أن تصل إلى الحلم الذي أسهم في علاج المشكلة الاقتصادية التي يعانيها المجتمع، وتمكنت من التوسع في قطاع الصناعة، وفتح مجالات واسعة للاستثمار الأجنبي وإيجاد فرص كبيرة لتحسين مستوى الدخل للأفراد، وإيجاد فرص أكبر للعمل وتحقيق مستوى جيد للدخل، وتحول فقراء البلاد إلى رجال أعمال، حدث كل هذا، في ظل مراعاة ما دعت إليه الشريعة الإسلامية السمحة، حيث رفضت الدولة مبدأ الربا، واتبعت نظام المصرفية الإسلامية، وطبقت تعليم الدين وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل نشاطها الاقتصادي.

وماليزيا دولة اتحادية ملكية دستورية، تقع في جنوب شرق آسيا، مكونة من 13 ولاية، وثلاثة أقاليم اتحادية، بمساحة كلية تبلغ 330 كلم، عاصمتها كوالالمبور، في حين أن "بوتراجاي" هي مقر الحكومة الاتحادية. ويبلغ تعداد السكان فيها إلى أكثر من 30 مليون نسمة، بحسب إحصاء عام 2014. ينقسم البلد إلى قسمين يفصل بينهما بحر الصين الجنوبي، هما شبه الجزيرة الماليزية وبورنيو الماليزية "المعروفة أيضاً باسم ماليزيا الشرقية". ويحدها كل من تايلند وإندونيسيا وسنغافورة وسلطنة بروناي.

وتقع ماليزيا بالقرب من خط الإستواء ومناخها مداري. ويعود أصل تسميتها بهذا الاسم إلى عام 63 عندما اتحدت سنغافورة وبورنيو الشمالية وساراواك واتحاد المالايو في اتحاد من 14 دولة. لكن الاسم نفسه قد استخدم بشكل مبهم للإشارة إلى المناطق في جنوب شرق آسيا فيما قبل ذلك.

النفوذ البريطاني

لم يكن لماليزيا كدولة موحدة وجود حتى عام 1963. ففي السابق، بسطت المملكة المتحدة نفوذها في مستعمرات في تلك المناطق أواخر القرن الثامن عشر. تكون النصف الغربي من ماليزيا الحديثة من عدة ممالك مستقلة، عرفت هذه المجموعة من المستعمرات باسم مالايا البريطانية حتى حلها عام 1946، عندما تم إعادة تنظيمها ضمن اتحاد الملايو.

نظراً للمعارضة الواسعة، أعيد تنظيمها مرة أخرى ضمن اتحاد مالايا الفدرالي في عام 1948، ثم حصلت على الاستقلال في وقت لاحق، وتحديداً في 31 أغسطس 1957. دمجت كل من سنغافورة، ساراواك، وبورنيو الشمالية البريطانية واتحاد مالايا جميعها لتشكل ماليزيا يوم 16 سبتمبر 1963.

وحدثت في السنوات التالية توترات ضمن الاتحاد الجديد، أدت إلى نزاع مسلح مع إندونيسيا وطرد سنغافورة في 9 أغسطس 1965. وخلال أواخر القرن العشرين، شهدت ماليزيا طفرة اقتصادية، وخضعت لتطور سريع.

يحد ماليزيا مضيق ملقا، وهو طريق بحري مهم في الملاحة الدولية، كما أن التجارة الدولية جزء أساسي من اقتصادها. تشكل الصناعة أحد القطاعات الرئيسية في اقتصاد البلاد. وانضمت ماليزيا إلى مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، وهي تمتلك تنوعاً حيوياً من النباتات والحيوانات، حيث تعتبر من بين الدول 17 الأكثر تنوعاً. وحصلت ماليزيا على استقلالها من المملكة المتحدة في 31 أغسطس 1957م. ومؤخراً ترفع ماليزيا شعار "ساتو ماليزيا" أي ماليزيا واحد.

السفن الهولندية

قام البرتغاليون باحتلال ملقا في عام 1511م، وفي بدايات القرن السابع عشر الميلادي بدأت السفن الهولندية في التوافد على المنطقة بانتظام، وفي عام 1641م قام الهولنديون بالهجوم على البرتغاليين في ملقا، وانتقلت بعد ذلك من سيطرة البرتغاليين إلى سيطرة الهولنديين الذين استقروا بها قرابة القرنين. وقام البريطانيون باحتلال سنغافورة في عام 1819م، ثم استولوا على ملقا بعد توقيع معاهدة بريطانية هولندية في عام 1824م، حيث انقسم أرخبيل الملايو إلى قسمين القسم الشمالي من خط الاستواء وهذا يقع تحت السيطرة البريطانية والقسم الجنوبي ويقع تحت السيطرة الهولندية. وسعت اليابان أيضاً من أجل غزو ماليزيا وذلك في عام 1941م، وسقطت سرواك وصباح في منتصف يناير 1942م، ثم انسحب اليابانيون من ماليزيا في عام 1945م.

وفي 31 أغسطس 1975م تأسست دولة الملايو والتي تعرف حالياً بشبه الجزيرة الماليزية، وتأسس الاتحاد الماليزي الذي كان يضم دولة الملايو وجزيرتي صباح وسرواك، إضافة إلى سنغافورة في 9 يوليو 1963، إلا أن سنغافورة انفصلت عن الاتحاد في التاسع من أغسطس 1965م.

تعايش الديانات

الديانة الإسلامية هي الديانة الرسمية والاساسية في البلاد، ويدين بالإسلام نحو 60% من السكان، و40 % يدينون بالديانات الأخرى مثل  البوذية والهندوسية والمسيحية.

وكانت ماليزيا منذ القدم ملتقى للعديد من الحضارات والشعوب، فكانت ملتقى للتجار الهنود والصينيين الذين كانوا يقومون بالرحلات التجارية البحرية، وكانت ملقا من أشهر المدن التجارية  في خلال القرن الخامس عشر الميلادي، حيث كانت مركزاً للتجارة البحرية واجتذبت العديد من التجار من العديد من الدول الآسيوية، كما توافد عليها التجار البرتغاليون في أوائل القرن السادس عشر الميلادي، ونظراً لموقع ماليزيا المتميز كانت مطمعا للعديد من الدول الأخرى.

وتعد مملكة ماليزيا نموذجاً رائعاً يجسد التعايش والتأقلم بين الديانات والقوميات المختلفة، ويتكون المجتمع الماليزي من ثلاث عرقيات رئيسية هم الملايو أو ما يسمي بالبومي بترا، وهم السكان الأصليون وغالبيتهم يدينون بالإسلام، ويشكلون أغلبية الشعب، ثم تليهم فئة الصينيين، ثم الهنود ذوو الديانات المتعددة مثل الهندوسية والبوذية وغيرها، وعلى الرغم من هذا التنوع إلا أن الوحدة والوفاق يسودان الشعب الماليزي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org