قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني "المهندس عبد الرحمن بدران": إنه لا يمكن التكهن بتأثر العلاقات الخليجية الأمريكية من الآن قبل التعرف إلى أول قرارات الرئيس الأمريكي الجديد بخصوص قضايا المنطقة.
جاء ذلك خلال معرض إجابته على سؤال لـ"سبق" حول تأثير فوز "ترامب" على العلاقات مع دول الخليج عموماً والسعودية بشكل خاص.
وأكد المهندس "بدران" أن الولايات المتحدة تخوض في المنطقة حالياً معارك هامة مع داعش في الموصل والرقة، منوهاً أن العلاقات مع دول الخليج ستتأثر بالتأكيد بعدة أمور من أهمها استمرار "ترامب" في دعم قانون جاستا كما وعد خلال الانتخابات من عدمه، ومواقف الإدارة الجديدة من العديد من الملفات في المنطقة كسوريا والعراق وفلسطين واليمن.
وأضاف "بدران" أننا نعتقد أن الأمر سيختلف بعد وصول الرجل لمقعد الرئاسة، وسيعمل على تعزيز علاقة الولايات المتحدة مع دول الخليج؛ خاصة السعودية كقوة مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أنه وحتى وإن كانت قد ظهرت منه بعض التصريحات السلبية خلال الانتخابات، فمن الضروري معرفة أن له استثمارات مع كثير من الجهات في دول الخليج، فالخطوط الجوية القطرية منذ 2008م وهي تتعامل مع مجموعة ترامب بما يفوق مليون دولار في السنة تقريباً.
وفي هذا السياق لفت إلى أن صحيفة نيويورك تايمز ذكرت في تقرير سابق كيف واجهت مجموعة ترامب في منتصف التسعينيات متاعب مالية كادت أن تؤدي بها إلى الإفلاس، وكيف قرر "الأمير الوليد بن طلال" وقتها امتلاك أحد أكبر فنادق ترامب وهو "بلازا نيويورك" بأكثر من 300 مليون دولار، وساهم في مسح ديون ترامب بعد تلك الصفقة، إضافة لاستثمارات الرئيس الملياردير في الإمارات وقيامه بافتتاح مشروع عقاري كبير في دبي مؤخراً قدرت قيمته بأكثر من ستة ملايين دولار.
وبين الكاتب والمحلل السياسي الأردني أن مدينة دبي استطاعت أن تستقطب المستثمرين في العالم عبر تميزها في المشاريع التي تطرحها، وأنها من أكثر الأمكنة تشويقًا في العالم، وكل هذا يذكرنا عندما كان مرشح الحزب الجمهوري "جون ماكين" في العام 2008م يتسابق مع مرشح الحزب الديموقراطي "باراك أوباما" إلى النيل من حكومات وشعوب الشرق الأوسط وثرواتهم النفطية، حتى إن أوباما كان يعد الشعب الأميركي بالاستغناء التام عن النفط الخليجي في عام 2023م، وكيف عاد "جون ماكين" وتحلل من ضغط الجماهير بعد الانتخابات وزار السعودية كصديق عدة مرات، ومثله فعل "أوباما"؛ إذ التزم بجميع اتفاقيات البيت الأبيض، ولم يعد أحدهما إلى الحديث عن شر الشرق الأوسط بعدها.
وحول علاقته مع إيران بين "بدران" نتوقع أن يعمل بقوة لإلغاء الاتفاق النووي أو تجميده؛ نظرًا لرؤيته الاقتصادية البحتة، ولكن هذا ليس بالضرورة أن يتحقق؛ فأوباما كان قد وعد بأغلاق معتقل غوانتانامو وهو ما لم يحدث طوال فترة رئاسته على سبيل المثال، وأما عن علاقة الولايات المتحدة مع إيران خلال رئاسة ترامب فستعتمد على تطورات العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، وبالتأكيد سينعكس ذلك على العلاقة مع إيران حليفة روسيا.
وأشار "بدران" إلى إمكانية تعاون ترامب مع روسيا والأسد بقوله: "نعتقد ذلك وإن كانت علاقة الإدارة الأمريكية الجديدة بدول المنطقة المؤثرة مثل السعودية وتركيا وقطر ستلعب دوراً كبيراً في هذا الأمر والذي سيتوضح خلال الفترة القادمة؛ فاعتقادنا أنه سيعمل على إعادة العلاقات الأمريكية لأفضل حالاتها مع كل الأطراف في العالم؛ لضمان استقرار الولايات المتحدة ونهضتها الاقتصادية، أما بالنسبة لتصريحاته الشهيرة بضرورة دفع حلفاء أمريكا مقابل الحماية فهذه سياسة الرجل في السعي لتعزيز قوة الولايات المتحدة الاقتصادية، وإن كنا سنرى أنه سيكون أكثر مرونة في تطبيقها عبر سبل تفاوض مختلفة مع كافة الأطراف.
واستطرد: "إلا أن هناك أمورًا لا بد من أخذها بعين الاعتبار لعبت دوراً كبيراً في وصول السيد ترامب لمقعد الرئاسة الأمريكي، منها الفشل الذريع لإدارة الحزب الديموقراطي السابقة ممثلة بالرئيس "أوباما" وفريقه في إدارة كثير من ملفات الإدارة الأمريكية خلال الأعوام السابقة؛ مما أدى للتراجع السياسي الكبير لدور الولايات المتحدة الأمريكية على كثير من الأصعدة الدولية، إضافة للوضع الاقتصادي المتراجع للولايات المتحدة مؤخراً بدين تجاوز 20 تريليون دولار، في مقابل وعود اقتصادية واعدة من الرئيس ترامب للأمريكان، وهو رجل أعمال ملياردير من أثرى أثرياء الولايات المتحدة، إضافة لتاريخ الفشل الذريع للمرشحة "هيلاري كلينتون" وزوجها الرئيس الأسبق "بيل كلينتون" الذي رافقته الفضائح خلال رئاسته مثل فضيحة لوينسكي، الذي سعى أيضاً لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ولم ينجح في ذلك برغم بعض الإنجازات الاقتصادية في ولايته.
وختم: خلاصة القول: لا نتوقع أن تفتح الولايات المتحدة باب حروب جديدة عليها في الوقت الراهن، ولكن التوقع أن يسعى الرئيس ترامب لتقوية علاقة الولايات المتحدة مع جميع الأنظمة في العالم وعلى رأسها روسيا والصين وحلفائها وتعزيز التعاون الاقتصادي معها للنهوض بالولايات المتحدة اقتصاديًّاـ إضافة لتعزيز مشاركتها في الحرب على الإرهاب، وخصوصًا أن الرجل كان واضحاً في كل خطاباته في تقديم المصلحة الأمريكية على أي شيء آخر.