تدخل جميع مدارس المملكة اعتباراً من غد الأحد ما يعرف بـ"الأسبوع الميت"؛ وهو: الأسبوع الذي يسبق الاختبارات، وأطلق عليه هذا الوصف بسبب غياب الطلاب.
وتتناثر الاتهامات بين أطراف العملية التعليمية وأولياء الأمور حول المسؤول عن إضعاف هذا الأسبوع الدراسي دون الاستفادة منه بشكل أفضل، وإخراج الطلاب في بعض أيامه بشكل مبكّر قبل نهاية اليوم الدراسي؛ لأسباب متنوعة؛ منها ضعف حضور الطلاب خلال هذه الأيام، وأيضاً انتهاء المنهج الدراسي.
وقال مختصون بأن وعود ومحاولات وزارة التعليم المتواصلة نحو إنقاذ هذا الأسبوع الميت باءت بالفشل؛ ودليل ذلك مؤشرات الغياب التي بدأت جلية من الأسبوع الماضي؛ حيث لا يوجد فصل إلا ويسجل غيابًا ملحوظًا عن الأيام السابقة، ورغم التبريرات التي تطلقها بعض إدارات التعليم حول حضور الطلاب في "الأسبوع الميت" وحرصهم على الانضباطية وتلاشي هذه الظاهرة، إلا أن الأسبوع الذي سينطلق غداً الأحد سيُصبِح ميّتًا لغياب العلاج التربوي والعقوبات الصارمة، مشيرين إلى أن استعداد المعلمين لعمل أسئلة الامتحانات لموادهم ومساهمتهم -بشكل مبطن- في تغييب الطلاب والطالبات كان له دور أيضًا في هذا الأسبوع.
من جهته قال المدرب والمستشار الأُسَري "الدكتور فؤاد الجغيمان": الأسابيع الميتة "فترة ما قبل الاختبارات" مشكلة أرهقت إدارات المدارس وأولياء الأمور، ومارس فيها الميدان التربوي مشكوراً عدة حلول، والتي من أبرزها خصم درجات على الطلاب في الحضور والمواظبة، ولكنها لم تفلح بل زادت وتفاقمت المشكلة أكثر وأكثر.
وأضاف: تأملتُ أسباب المشكلة من وجهة نظري فوجدتها تتمثل في وجود بيئة مدرسية غير جاذبة خاصة لطلابنا الذين يعيشون عصر التقنية، بالإضافة إلى إهمال بعض المعلمين في الدخول للصف وتقديم الشرح أو المراجعة للدروس، علاوة على إهمال وتساهل الوالدين في متابعة الأولاد والضغط عليهم للذهاب للمدرسة، وكذلك عدم الالتزام بخطة توزيع المنهج لآخر أسبوع وشغله بالمراجعة والشرح، ومنها أيضًا ضعف المراقبة الذاتية للمعلمين.
وأردف: هناك حلول أقترحها على الجهات المعنية، ومنها تحسين بيئة المدرسة وإدخال عملية التقنية في عملية التعلم، وخلق بيئة جاذبة، وكذلك استمرارية شرح ومراجعة المعلمين للدروس حتى آخر أسبوع مع متابعة قائد المدرسة والمشرف التربوي.
واختتم حديثه: من الحلول أيضًا تحفيز المدرسة للطلبة المواظبين على الحضور مع استمرارية الجدية في العقاب للغائبين ومتابعة الوالدين لأولادهم وتحفيزهم للحضور وتخصيص آخر يوم دراسي إجازة للطالب؛ وذلك للتهيئة والاستعداد للاختبارات.
وتحدث المستشار التربوي "أحمد العساف"، قائلاً: انتشرت في المجتمع التعليمي ظاهرة الغياب في السنوات العشر الأخيرة وبشكل مخيف، ووصلت إلى ما يسمى بـ"الأسابيع الميتة"، وتختلف أغلب الدول عن المملكة في احترام اليوم الدراسي وأغلب تلك الدول تتفوق علينا في ذلك.
وأشار إلى أنه نتج عن عدم احترام اليوم الدراسي ما يسمى بالأسبوع الميت، وإذا صح التعبير فهي الأسابيع الميتة، وسبب ذلك بالدرجة الأولى هو ضعف الأنظمة التعليمية وإهمال نظامي المواظبة والاختبارات، ويساندها الإهمال وعدم الاهتمام الأُسَري، وقلة الدافعية لدى المعلمين.
وأضاف: هذا الأسبوع ومعه أسابيع أخرى هي كارثية على كافة المستويات، والتعليم يتدنى لعدم تطبيق واحترام كافة الوقت، وشركاء ذلك هم: الموظف، والطالب، فالحياة الأسرية والاجتماعية يتخللها السهر ليلاً والنوم نهاراً والمشاكل الأمنية تزداد لوجود الفراغ والشباب.
واستطرد قائلاً: مستقبل المجتمع يتأثر بذلك لعدم انغراس القيم في الأفراد، والحلول يسيرة بقرارات إيجابية من وزارة التعليم لإعادة هيبة اليوم الدراسي من أول يوم في الدراسة إلى آخره، ويجب إعادة النظر في لائحة السلوك والمواظبة وفي لائحة الاختبارات "تقويم الطالب".
وقال: علينا استثمار الإعلام إيجابًا لذلك والتشارك الفعلي مع ولي الأمر لعلاج تلك الظاهرة.
من جانبه قال الشيخ الدكتور "عبدالعزيز العسكر": تسمية بعض الأيام أو الأسابيع تسمية سيئة يفهم منها عدم الفائدة أو التشاؤم، وهو شبيه بفعل أهل الجاهلية عندما يتشاءمون من يوم الأربعاء واليهود عندما يسبتون.
وأضاف: لا شك أن الوقت ظرف زمان مخلوق لا يملك التصرف ولا إرادة له، ولذا نهى النبي الكريم عليه الصلاة والسلام عن سب الدهر، وجاء في الحديث: "فإن الله هو الدهر"؛ يعني هو المتصرف في الدهر والمقدر للخير والشر في الوقت الذي يريد سبحانه.
وأردف: تسمية الأسبوع الذي يسبق الاختبارات بـ"الميت" تسمية غير سليمة لا شرعًا ولا عقلًا؛ فإن الموت هو من عمل الطلاب والمدرسين الذين يميتون العمل والعلم في هذا الأسبوع، فلا ذنب للزمن وإنما الذنب ذنب الناس الذين ينشطون أو يكسلون ويحملون الزمن المسؤولية.
من جهته قال مدير إدارة تعليم محافظة حوطة بني تميم "سعود العثمان": نؤكد أن الميدان يعاني من ثقافة مجتمع، ولكن الأمل كبير في تغيير هذه الثقافة من خلال الجهود المبذولة من قبل كل العاملين في الميدان التعليمي ونشر الثقافة مع أسر الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم.
وأضاف: بناء على توجيه الوزارة اتخذت إدارة تعليم حوطة بني تميم عدة إجراءات لتعزيز انضباط الحضور في المدارس، وأهمها: تسجيل وتثبيت غياب طلاب المدارس في برنامج نور، وكذلك تكثيف الزيارات الميدانية للمدارس من قبل المشرفين في الأسابيع المستهدفة، بالإضافة إلى وضع جدول لاختبارات المواد الشفهية والعملية في الأسبوع الذي يسبق الاختبارات.
وقال "العثمان": هناك مساءلة ومحاسبة للمدارس التي يكثر فيها الغياب من قبل إدارة التعليم، وهناك أيضًا تكثيف للتوعية الإعلامية بأهمية الحضور والانضباط من خلال رسائل الجوال المدرسي والإذاعة المدرسية.
وتابع: عملنا متابعة لتوزيع المقرر الدراسي حسب الأسابيع الدراسية والالتزام بذلك، وتكريم الطلاب الأكثر انضباطاً خلال الأسابيع المستهدفة من قبل المدارس، والتأكيد على المدارس بالالتزام بالحضور وعدم منح الإجازات إلا عند الضرورة.
وأكد: هناك تكريم للمدارس المتميزة في الانضباط والحضور فترة الأسابيع المستهدفة، مشيرًا إلى أنهم قاموا بالتأكيد على المدارس بتطبيق قواعد السلوك والمواظبة بحق الطلاب المتغيبين، وأنه خلال الإحصاءات التي أخرجتها الوزارة في المرحلة السابقة تبين أن مدارس حوطة بني تميم حققت مستوى متميزاً في الانضباط ويطمحون للمزيد من التقدم.