- د. راشد العبدالكريم: تعد اقتحاماً للخصوصية التقليدية التي يتمتع بها المعلم داخل فصله
- مديرة مدرسة: الكاميرات ساهمت في حل العديد من المشاكل لصالح المعلم في كثير من الأحيان
- المعلم سلطان الشهري: "الكاميرا" داخل الفصل إهانة وعدم الثقة.. وستحول العلاقة بين المعلم والتلميذ للرسمية
- الأكاديمي عبدالله الجميلي: أعطوا المعلم ما يستحق واسألوا الألمانية "أنجيلا ميركل"
- نزار رمضان: توفير البيئة الآمنة للمعلم تدفعه للإبداع
أثار خبر وضع كاميرات داخل الفصول الدراسية في المدارس استياء العديد من المنتمين للوسط التعليمي، واعتبروها مؤشرًا خطيرًا لعدم الثقة في قدراتهم التربوية، والإنسانية في حين رأها البعض فكرة إيجابية؛ فسلوك بعض المعلمين، والطلاب في المدارس يدعو إلى وضع مزيد من المتابعة والمراقبة، ومع أنها قد تخل بخصوصية المعلم أو الطلاب، إلا أنها أيضا قد تكون سبباً في "حماية" حقوق أخرى لبعض الطلاب الذين يتم الاعتداء عليهم حسياً أو معنوياً، وحقوق الكثير من المعلمين الذين يتم الافتراء عليهم.
بينما رفض البعض لوجود الكاميرا التي رأوها تخلق إنسانًا آلياً، وتأييدها من قبل البعض الآخر في الوسط التعليمي الذين اعتبروها حلاً للقضاء على كثير من الأمور السلبية داخل الفصل الدراسي.
"سبق" ناقشت مختصين حول وضع كاميرات مراقبة داخل الفصول الدراسية ودورها في ضبط المنظومة التعليمية بين الطالب والمعلم.
أزمة ثقة
رفض المعلم سلطان الشهري وجود كاميرا داخل الفصل الدراسي، واعتبرها نوعاً من الإهانة وعدم الثقة في المعلم، كما أنها سوف تحول العلاقة بين المعلم والتلميذ شبه رسمية، لافتاً أنه من المتعارف على المستوى الدراسي أن المعلم يمكن أن يصور حصة نموذجية للاستفادة، وفي بعض المعلمين لديهم بث مباشر عبر اليوتيوب، وليس كاميرا للمراقبة من الإدارة.
ورداً على أن وجود الكاميرا يجبر الطالب على احترام المعلم، أجاب: شخصية المعلم تفرض نفسها على الطالب وتجبرهم على الاحترام. هذا ما أكده المعلم عيسى اليزيد، قائلاً: فكرة الكاميرا داخل الفصل أمر لا يليق بالمنظومة التعليمية، فالكاميرا تكون موجودة داخل الممرات والأماكن التي لا يتواجد فيها المعلم مع الطالب باستمرار، أما وجودها في الفصل الدراسي يقلل من شأن المعلم ومن مكانته لدى طلابه، وقال: المعلم له احترامه فهو من يربي الأجيال، فكيف يبدع، ويتعامل وهو يشعر أنه مراقب داخل فصله الدراسي.
أما المعلم فهد سالم، فرأى أن الأمر لا يعنيه فهو يدخل فصله، ويؤدي ما عليه سواء في كاميرات للمراقبة أم لا، مؤكدًا أن المعلم عندما يكون واثقًا من نفسه لن يفرق معه تلك الأمور، التي اعتبرها مهينة بعض الشيء ولكن سوف يكون لها تأثير إيجابي فيما بعد، وهو تأكد الإدارة من مستوى المعلم، ومدى تعبه حتى يحصل على النتيجة المرضية.
اكتشاف الخلل
فيما رأت مديرة مدرسة سميرة الحركان، أنه لا يوجد ما يمنع من وجود كاميرات داخل الفصل الدراسي، مؤكدة أن مدرستها تتبع هذا النظام منذ سنوات عدة، ولم تلقى أي اعتراض، وتساءلت ما الذي يقلق في وجود كاميرا طالما يؤدي كل فرد عمله على أكمل وجه؟ من يقلق هو من لديه خطأ ما في عمله.
وتابعت: العالم كله أصبح قرية كونية مفتوحة مراقبة بالكاميرات ولها دور كبير في اكتشاف أي خلل يصير ومعرفة المتسبب منه، مؤكدة أن الكاميرات سوف تساهم بشكل كبير في خلق جو انضباطي تربوي داخل البيئة التعليمية، لافتة أنه من واقع تجربتها داخل المدرسة، ساهمت الكاميرات في حل الكثير من المشاكل وكانت لصالح المعلم في كثير من الأحيان، حيث ساهمت في كشف زيف طالبات على معلماتهن، كما أنها أيضا ساهمت في خلق مناخ لائق بين الطالبة والمعلمة داخل الفصول، وحلت الكثير من المشاكل التي نسمع عنها في كثير من المدارس، فالطرفان يعلمان أنهما محاسبان في حالة الخطأ.
وأوضحت أن الانتقاد والرفض للفكرة سببه هو عدم تعود المعلم على ذلك، بيد أنه على المعلم الجاد ألا يلتفت إليه نهائيًا ولا يعتبرها مراقبة، متسائلة : هل يرفض المعلم دخول موجهاً للحصة لتقييمه؟ بالطبع لا.
ضبط السلوك
من جهته قال رئيس قسم المناهج وطرق التدريس في جامعة الملك سعود أ. د. راشد العبدالكريم: لا أذكر أنه مرّ علي أنه تم تطبيق هذا الإجراء - أعني مراقبة الفصول بالكاميرا - في دولة من الدول، لكن لا شك أن الدعوة الآن لوضع مزيد من المحاسبة على المعلمين، والدعوة لمزيد من الشفافية في الأداء، بالإضافة إلى الرغبة في ضبط سلوك الطلاب ومتابعة أداء المعلمين قد تكون من الأشياء التي يطرحها من ينادي بهذا الأمر.
وأوضح أن هذه العملية فيها اقتحام للخصوصية التقليدية التي يتمتع بها المعلم داخل فصله. وهو أمر لا شك سيثير جدلاً كبيرًا، بما ينطوي عليه من جوانب نظامية وجوانب أخلاقية أيضا، بيد أنه في البداية علينا أن نحدد هل المقصود بالملاحظة المعلمون أم الطلاب؟ لأن المستهدف من الملاحظة سيحدد كثيراً من القضايا المرتبطة بهذا الأمر.
وردًا على سؤال "سبق" حول مراقبة المعلم ودورها في تحسين البيئة التعليمية، أجاب العبدالكريم: من الصعب إعطاء إجابة واضحة على هذا السؤال، فالمعلمون ليسوا على مستوى واحد من التميز أو الجدية أو الالتزام المهني. فالمعلم المتميز والجاد قد لا تؤثر عليه سلباً خاصة إذا تم استئذانه في ذلك، وإن كان بعضهم قد يعترض من باب المحافظة على الخصوصية التي عادة تصبغ التدريس. لكن يبقى المعلم غير الملتزم مهنيًا، فهذا بالتأكيد سيواجه مشكلة، وقد يعترض على هذا الإجراء، بيد أن هذه المراقبة بحد ذاتها لا شك أنها ستحافظ على حد أدنى من الأداء.
تعزيز الثقة
من جانبه أكد الأكاديمي والإعلامي عبدالله الجميلي، أن هذه الحادثة فردية لا يمكن تعميمها أو الحكم عليها! مضيفاً ما أراه أن المعلم ليس ركناً أساساً في العملية التعليمية بل في المجتمع كله؛ وأنه القدوة ومربي الأجيال، وصانع المستقبل؛ فدوره تربوي تنموي أكثر منه تعليمي؛ ولذا فمن المهم بعد تأهيله تعزيز الثقة فيه، أما المراقبة فهي في العموم لا تجدي، وتخلق إنساناً آلياً يمثل فقط أمام الكاميرات، وفي العملية التعليمية تحديداً إن لم تحضر الأمانة والإخلاص والدافع الذاتي للعطاء فلن تنجح مهما كانت أساليب ووسائل المراقبة فيها.
وأشار الجميلي أنه قبل المراقبة ينبغي الدقة في اختيار المدرسين، فالتعليم ليس مهنة لمَـن لا وظيفة له، ثم تأهيله والاستمرار في ذلك، وكذا حمايته من تسلط وتجاوزات بعض أولياء الأمور، ومدراء المدارس، وكذلك إعطاؤه حقوقه المعنوية والمادية، فهو ذو رسالة سامية ويستحق الكثير؛ فرئيسة وزراء ألمانيا أنجيلا ميركل عندما طالب القضاة حكومتها بمساواتهم في مرتبات المعلمين أجابتهم: كيف نساويكم بمن علمكم؟. وفيما يخص اختيار المدراء أوضح الجميلي أنه يتمنى أن يكون له ضوابط ومواصفات؛ فليس كل معلم يصلح إدارياً؛ فإلى جانب الخبرة في التعليم لابد من توافر صفات القيادة في المدير بما فيها من عدالة، وقدرة على الضبط، والتطوير؛ وهذا لن يتأتى إلا بحسن الاختيار، والتأهيل بدبلومات أو دورات متخصصة.
أمان وحرز
وأوضح المستشار التربوي نزار رمضان أن توفير البيئة الآمنة للمعلم تدفعه على الإبداع وإن شعر أنه غير مؤتمن لن يعطي بسخاء، والأولى أن نقيم برامجًا لتنمية وإيقاظ الضمير فهو خير من مئات الكاميرات وآلاف المراقبين، منوهاً أنه ليس مع أو ضد الفكرة بيد أن آلية التنفيذ والمبررات وأن يكون المعلم جزءاً من القرار هو الأهم.
وأضاف: لا ننكر أن الكاميرا جزء من التقنية التعليمية الحديثة، والأولى أن تدخل كمصدر من مصادر التعلم بل قد تكون أماناً وحرزاً للطالب والمعلم معًا.