مزوِّر التاريخ!

مزوِّر التاريخ!

يوسف زيدان المعتدي على التاريخ بعمد أو بجهل استطاع أن يُشهر نفسه دون أن يخطط لذلك؛ فانجرفت أقلام الكتّاب تسخر مما تعلَّمه من تاريخ لا يؤهله إلى تنصيب نفسه عالمًا بأصول العرب ولغتهم وتوزيعها كيفما أراد. والمشكلة أنه أثناء إلقائه محاضرته كان هناك مَنْ يضحك عليه داخل القاعة وهو يردد (تضحكوا على إيه؟)، ثم يقسم بأن أقواله صحيحة؛ لأنه يعلم علم اليقين أن الموجودين في أقصى الغرب ليس لديهم معلومة تُسكت ذلك المتلون؛ فلو كانت محاضرته في دولة خليجية لتغيَّر أسلوبه، ولأقسم أن العالم خرج من هذه الجزيرة.

مشكلتنا ليست فيمن يزوِّر التاريخ، بل فيمن يكتب التاريخ؛ فالغالبية لدينا يرفضون تثبيت التاريخ قبل الإسلام، وكأن الإسلام يجبّ كل شيء حتى التاريخ، بينما نحن نقرأ في القرآن الكريم سِيَر الأمم السابقة وأنبيائها. الجزيرة العربية نزلت فيها الرسالات على عدد من أنبياء الله ورسله، ومنها انطلقت الرسالة المحمدية من جوار بيت الله الحرام، فانتشرت في كل مكان. ويكفي هذا التاريخ العظيم ردًّا على يوسف زيدان وأمثاله. ونحن لا نريد أن نذكّره بماضٍ يجهله، ويعرفه غيره، وعليه فقط أن يسأل أصحاب التاريخ عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -.

نحن لا ننكر تاريخ مصر وحضارتها وعراقتها، ونفتخر بذلك، لكننا لا نريد أن يسقط علينا جاهل، تربَّى على الحقد لكل ما هو خليجي حسدًا من عند نفسه.

لقد كنا نحن السبب الرئيسي في طمس هويتنا التاريخية؛ فكل مَنْ يذكِّرنا بحضارتنا القديمة يأتي مَنْ يحاربه مدعيًا أن ذلك من الجاهلية. وأقرب مثال يثبت ذلك "سوق عكاظ"، الذي حاربه الكثيرون دينيًّا، رغم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده من الخلفاء الراشدين لم ينكروه أو يمنعوه.

ولقد تم تدمير الكثير من آثار الماضي في الجزيرة العربية، التي كانت شاهدًا على الحضارات السابقة، ولم يعد لدينا إلا بعضها، ومنها مدائن صالح التي لو كانت إزالتها أمرًا سهلاً للبعض لأزالها. لقد أعطينا ليوسف زيدان وأمثاله الفرصة لتدمير تاريخنا، ولو كان بأيديهم لجرَّدونا من عروبتنا.

إن على وزارة الإعلام واجبًا كبيرًا في تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة عن تاريخ الجزيرة العربية، فهل نراها تتصدى لتلك المغالطات، وتوضِّح الحقائق لمن يجهلها؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org